شباب يزودون سياراتهم بمئات الآلاف من الدراهم لمجرد الاستعراض

السيارات المعدلة.. قنابل موقوتة على الطرق

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

على أحد الاسرة في مستشفى راشد في دبي ، يرقد الشاب المواطن أحمد في غيبوبة لا يتحرك ولا يستطيع التحدث الى أحد منذ اكثر من 40 يوما، تبكيه أمه وأخوته غير مصدقين للوضع الذي وصل اليه بين يوم وليلة بسبب حادث مروري.

صباح يوم الاثنين وبعدما انتهى أحمد من تزويد سيارته على مدار اسبوع كامل، وبعدما اقترض من أمه وأخوته نحو 50 الف درهم وأضاف إليها 120 ألفا أخرى كان اقترضها من أحد البنوك دون علم أهله.

لم يفكر أحمد في شيء سوى تزويد سيارته وزيادة سرعتها، ليتمكن من التباهي أمام أصدقائه بسيارته المعدلة، التي ظن أنها ستكون مصدر فخر له أمام رفاقه، لكن حلم أحمد انتهى في أول يوم قام بتجربة السيارة بعد تزويدها في احدى الورش وبعدما دفع اكثر من 170 الف درهم ثمنا لتعديل السيارة.

أحمد يرقد على سرير دون حراك، بعدما احترقت السيارة بالكامل إثر انفجار احد الأجهزة التي أضافها، وبات أمله ولسان حاله وحال أسرته ان يقف مجددا على رجليه.

مأساة احمد هذه كانت ولا تزال احد الدروس الحية للاعتبار والاتعاظ ، انها بمثابة التحذير الصارخ للشباب " توقفوا وامتنعوا عن تزويد سيارتكم" لعلهم يصغون يوما فيصونوا حياتهم وحياة الآخرين.

في هذا الاطار يشدد اللواء مهندس محمد سيف الزفين مدير الادارة العامة للمرور في شرطة دبي، أن ادخال أي تعديلات وتزويدات على السيارات يشكل خطرا كبيرا على حياة الشباب، لافتا الى أنه تم تسجيل 138 مخالفة مرورية لإحداث تغييرات في محرك المركبة من دون ترخيص خلال عام 2011 ، فيما سجلت في شهري يناير وفبراير من العام الحالي 20 مخالفة ، مشيرا الى أن غرامة المخالفة 400 درهم، وهذه المخالفات هي محاولة ردع هذه الظاهرة التي تشكل خطورة كبيرة على مرتادي الطريق.

واشار اللواء الزفين الى ان المركبات المعدلة تستخدم في حلبات السباق فقط ، وأنه يجب سحبها الى موقع السباقات وعدم قيادتها على الطرقات العامة طبقا للقانون، لافتا الى أن بعض السيارات يتم تزويدها في ورش خاصة عبر تركيب بعض الأجهزة التي تزود السرعة لتصل الى 360 كيلومترا في الساعة، فضلاً عن أن التعديلات تحدث أصواتا مزعجة تتسبب بالضرر للآخرين.

أضاف ان الغالبية العظمى من الشباب الذي يقبل على تزويد السيارات لا يهدف سوى الى الاستعراض بها وبالأصوات التي تصدرها، وأنه عمليا لا يوجد أي داع لزيادة سرعة السيارة لتصل الى أكثر من 300 كيلومتر في الساعة، خاصة وسط انتشار الرادارات ولخطورة ذلك على حياة أصحاب هذه السيارات وغيرهم من السائقين.

 

الضجيج يوقع صاحبه

وعن كيفية معرفة الشرطة بأن هذه السيارة مزودة أم لا يوضح اللواء الزفين بأنه يوجد ناقل أتوماتيكي في السيارة يمكن صاحبها من قيادتها بالسرعة المقررة، كما تمكنه من زيادة سرعتها عبر تحويلها الى الناقل الآخر، مشيرا الى أن بداية ضبط السيارة بملاحظة صوتها المرتفع المصاحب بزيادة في السرعة على الطرقات، حيث يتم إيقاف السيارة وتحرير مخالفة لصاحبها.

ويشدد الزفين مراراً على أن إضافة تلك الأجهزة في المركبات غير المخصصة للسباق يؤثر على سلامة راكبها ويعرض حياة الآخرين للخطر، موضحا أن الدوريات تعرف السيارات المزودة عن طريق صوت ماكينة السيارة.

وفي هذا الخضم يلفت الزفين الى أن نسبة المتسابقين على الشوارع العامة خفت مقارنة بالسنوات الماضية بفعل التشدد في مصادرة تلك السيارات المخالفة لقوانين المرور، مبيناً أن تلك المخالفات تكثر في وقت المهرجانات المخصصة لسباق السيارات، إلا أن قوانين المرور لا تسمح بسير تلك السيارات في الطرق الرئيسية، حيث يتم حملها في مركبات خاصة الى ساحة السباق أو مكانه، منوها إلى أهمية مراقبة "الكراجات" ومحلات زينة السيارات التي تعتبر سبباً مباشراً لانتشار تلك المخالفات الخطيرة.

وأوضح الزفين أن كل السيارات المعدلة لا تجتاز الفحص الفني بأي شكل من الأشكال ولا تجدد ملكيتها، محذرا الشباب من الانصياع وراء تلك الرغبات غير المفيدة بل بالعكس تدمر حياتهم وتقضي على أحلامهم وتحولهم الى معاقين في لحظة.

 

غرائب وتبعات التزويد

أظهرت احصائيات مرورية صادرة عن شرطة دبي أن أحد الشباب المواطنين ارتكب مخالفات مرورية خلال عامين وصلت قيمتها إلى 83 الف درهم في دبي وباقي الامارات، وبينت الاحصائية أن الشاب ارتكب 10 مخالفات تجاوز الحد الأقصى للسرعة فيها بما يزيد على 60 كيلومترا في الساعة و5 مخالفات قيادة مركبة تصدر ضجيجاً ، ومخالفتين قيادة مركبة بتهور وطيش، فضلاً عن مخالفات متنوعة ومعظمها تجاوز الحد الأقصى للسرعة المقررة للشارع، حيث تبين أن السيارة أجريت عليها تعديلات جوهرية في المحرك ساعدت في زيادة سرعتها لتصل الى 360 كيلومترا في الساعة.

وفي الاتجاه نفسه يؤكد هذا الشاب الحاصل على شهادة الماجستير أن الاضافات التي أدخلها على سيارته لزيادة سرعتها، كلفته 200 ألف درهم في حين أن ثمن سيارته لم يتجاوز 188 ألف درهم، وبين أنه شرع بقيادة السيارات منذ أن كان في الخامسة عشرة عاماً من العمر، حيث لم يكن آنذاك حاصلاً على رخصة قيادة السيارات، مشيراً إلى أنه كان مواظباً على المشاركة في السباقات مع أصدقائه في منطقة الورقاء، وأنه فقد نصف أصدقائه في حوادث سيارات ودراجات نارية بسبب السرعة الزائدة التي كانوا يقودون فيها.

ولفت الى أنه فقد نصف حياته من خلال ما لحق به من حادث السير الذي ألزمه الكرسي المتحرك، اذ لم يكن يضع حزام الامان لحظة وقوع الحادث وهو يقود بسرعة جنونية.

كذلك سجلت البلاغات المرورية مخالفة شاب مواطن عمره 26 سنة ويعمل موظفا حكوميا، حيث قام بتزويد سيارته بقيمة 110 آلاف درهم، حيث ضبط الشاب وهو يقود السيارة في شارع دبي العين بعدما تمكنت احدى الدوريات من ملاحقته بسبب الاصوات المزعجة الصادرة من السيارة، وبين الشاب في تحقيقات الشرطة أن ثمن السيارة نفسها لا يتجاوز 30 ألف درهم، لكن قيمة التعديلات التي أضيفت إليها تبلغ نحو 110 آلاف درهم.

وبينت التحقيقات أن السيارة تحولت إلى شبه قنبلة على الطريق بعدما زودها صاحبها بخزانات غاز لإعطائها دفعة إضافية عند انطلاقها بما لا يتناسب مع طبيعة السيارة.

وأشار إلى أن التعديلات تمت بعد تفريغ السيارة بالكامل من جميع محتوياتها والاكتفاء بمقعدين فقط للسائق والشخص الذي يجلس إلى جواره، ومن ثم تزويدها بأدوات مختلفة لزيادة ثقلها، فضلاً عن خزانات الغاز التي تعطيها قوة دفع لمدة 10 ثوان، وإذا زاد الوقت على ذلك فمن الممكن أن تنفجر.

 

ظاهرة محدودة ومقيدة

علي عابد الذي يعمل في احدى الشركات المتخصصة في تزويد السيارات يقول ان هناك نسبة من الشباب تهتم بتعديل السيارات ويقبلون عليها ولكن ليست بالصورة التي قد نتخيلها، وبالنسبة لنا فنحن نتولى تزويد أو تعديل السيارات المشاركة في الراليات، ولدينا فريق كامل يشارك باسم الشركة في هذه السباقات.

وأكد علي أن التزويد أو تعديل المحرك بهدف مضاعفة قوته له أنواع مختلفة، فهناك بعض السيارات تأتي جاهزة من الوكالة وتتمتع بقوة محرك عالية قد تصل إلى 500 حصان، وهذا التعديل غير مخالف للقوانين المرورية، وهناك نوع آخر من التزويد وهو الذي يتم فيه إضافة "سوبر تيربو" إلى محرك السيارة والذي يعمل على مضاعفة قوة محركها بصورة جنونية قد لا تتحمله السيارة، وبالطبع فإن هذا النوع ممنوع تماماً في الدولة.

وأضاف "أعتقد أن هذا النوع من التعديل محدود في الدولة وذلك للخطورة التي قد يتسبب بها، فأحيانا قد لا يستمر محرك السيارة لمدة يومين وينفجر خاصة إذا تم التعديل في ورش غير متخصصة، إلى جانب أنه يحتاج إلى مبالغ مالية عالية تفوق الـ 100 ألف درهم، ولذلك فكثير من الشباب يعدلون عن هذه الفكرة لتكاليفها المادية العالية، خاصة إذا كان ثمن السيارة لا يتجاوز الـ 150 ألف درهم".

ولكن ما يحدث حاليا أن بعض الشباب من هواة التزويد يقومون بشراء محرك جديد للسيارة من وكالات متخصصة ويكون جاهزا بكل تعديلاته ويعيدون تركيبه على سياراتهم، ومن خلال تجربتنا في هذا المجال ندرك بأن معظم الشباب يقومون بتغيير بعض القطع التي تطلق أصواتاً فقط ولا تؤثر في محرك السيارة بشكل ملحوظ.

Email