"البيان تكسر حاجز الصمت في غرف "الانتظار المؤلم"

من يجرؤ على الموت أو القتل.. "الرحيم"؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحياة نعمة كيف نفارقها (جرافيك)

الموت نقيض الحياة، لا يجتمعان في جسد واحد ولا يرتفعان عنه في نفس الوقت، فالموت هو مغادرة الروح الجسد "لحظة اللاعودة"، وهذه المغادرة لا تدرك بالحس لأن الروح عرض لا تقبض عليه الحواس إلا لحظة مفارقتها للبدن.

هناك علامات فقط استدل بها الأطباء على "لحظة اللاعودة"، منها موت الدماغ، فمتى ماتت قشرته وجذعه توقف القلب والتنفس، ولا تفلح أجهزة الإنعاش الاصطناعي عندئذ إلا في إطالة مظاهر حياة انطفأت جمرتها إلى غير رجعة.

عشرات بل مئات المرضى يعايشون الموت المؤجل، ويستمرون في كشوف الأحياء بواسطة أجهزة طبية ترتجف الأيدي والضمائر ولا تجرؤ أي منها على ايقاف هذه الأجهزة واطلاق رصاصة الرحمة، بما أنها خط أحمر بموجب الشرائع السماوية ولا يسمح حتى بمجرد التفكير بها، حتى لو كان القتل رحيماً بدافع تخليص المرضى من معاناتهم وآلامهم.

خديجة طفلة ولدت بوزن 1.5 كيلوغرام فقط، تعيش على الأجهزة المساعدة في مستشفى لطيفة في دبي، ولا أمل يرجى بشفائها وفقاً لتقارير الأطباء، اذ إنها ولدت أصلا بتشوهات وعيوب خلقية لن تمكنها من العيش أكثر من أيام.

هذه الحالة خلطت الأوراق وأربكت الجميع، وبخاصة بعد ما فوض أهل الطفلة المستشفى بالتصرف بعد احتسابها عند الله، لكن أحداً من الأطباء لم يجرؤ على مد يده لإيقاف الأجهزة رغم مرور 157 يوماً لغاية كتابة هذا التحقيق، وذلك رغم التكاليف الباهظة التي تصل يومياً الى ثلاثة آلاف و900 درهم، فضلاً عن حاجة المستشفى الماسة للسرير، وعلى هذا الحال المأساوي ستبقى خديجة الى أن يقول القدر كلمته ويأخذ صاحب الأمانة أمانته، كما يقول الدكتور عبد الرحيم مصطفوي استشاري أول طب الأطفال والمدير الطبي لمستشفى لطيفة في دبي.

مريض آخر في العقد السادس، (رفض أهله تصويره) يعيش على أجهزة الانعاش منذ ستة أشهر ولا أمل أيضاً في الشفاء، بعدما عطل السرطان جميع أعضائه (الكبد والكلى والقلب والرئة)، ولم يبق له من مظاهر الحياة سوى أجهزة التنفس الاصطناعي والانعاش القلبي.

هذه الحالات وغيرها لأطفال ومسنين في مراحل متقدمة من المرض، عايناها في بعض المستشفيات الإماراتية، تفرض اقتحام ستر الممنوع تقليدياً وسبر غور قضية "الموت الرحيم"، التي تتصدر المواضيع الخلافية والإشكالية على مستوى منابر ومنتديات العالم، سواء لجهة شرعيتها أو محاولة تبريرها أخلاقياً ودينياً وقانونياً، لأن الحق في الحياة مقدس في كل الأديان ويقوم على تكريم الإنسان، وقد اتفقت الديانات السماوية على أن الحياة هبة من الخالق لا يحق لأحد غيره التصرف بها، في مقابل الاعتبارات الإنسانية التي قد تصل الى حد اعتبار الموت رحمة وخلاصاً من عذاب لا تحتمل آلامه.

ورغم علمنا المسبق بالجدل الدائر بشأن هذ الموضوع منذ عشرات السنين بين رجال الدين والقانونيين والأطباء، ارتأينا فتح هذا الملف الشائك، وكسر حاجز الصمت الذي يحيط به لمعرفة الحالات التي يمكن فيها تخليص المعذبين من عذاباتهم.

على مدار أسابيع واجهنا إجراءات معقدة وصعوبات شديدة للعثور على أشخاص لديهم جرأة قول ما يعتمل في صدورهم ومواجهة حساسية الموضوع، فالأطباء يرفعون شعار "الموت خط أحمر ولا يسمح بالاقتراب من المرضى أو تصويرهم"، بينما رجال الدين يتفادونه بشعار "عدم إثارة البلبلة"، في حين يفضل القانونيون عدم نبش قضية حسمتها أصلاً كل الأديان السماوية.

هذه المعوقات والحواجز لم تحط من عزيمتنا على مواصلة وتكرار المحاولة، حتى تمكنا في النهاية من كسر حاجز الصمت ودخول الغرف المخيفة لهؤلاء المرضى، ومعرفة أدق تفاصيل الموت والحياة، وخرجنا بجعبة فيها أن قرار انهاء الحياة هو قرار على قدر كبير من الرهبة والخطورة، فالروح والحياة هبتان من الخالق، ولا يمكن للأطباء أو ذوي المريض الذين هم أصحاب الشأن اتخاذ قرار بإيقاف الأجهزة المساعدة إلا في حالتين فقط: موت قشرة الدماغ وبداية تحلله وهي اباحة مغلظة، وغير ذلك تعتبر جريمة قتل يعاقب عليها القانون في كل دول العالم باستثناء هولندا وبلجيكا اللتين أجازتا القتل الرحيم. والحالة الوحيدة التي يحق فيها للطبيب قتل المريض هي أن يكون ميتاً دماغياً ولكنه متبرع بالأعضاء لحكمة ربانية، كنهها أن أعضاءه ستهب حياة جديدة لآخرين.

مطلوب تشكيل لجنة إماراتية للإشراف على إعادة المرضى المتوفين دماغياً لأوطانهم
«الموت الرحيم» جائز في حالتين و«القتل» في حالة واحدة

تمر حياة الإنسان بظروف صعبة عندما يُصاب بمرض عضال أو مستعصٍ، قد تصل به إلى حالة من العجز أو اليأس من الشفاء، مع ما يرافقها من آلام مبرحة لا تُحتمل، البعض يعيش سنوات طويلة في المستشفيات على الأجهزة المساعدة، ولا يجرؤ أحد على إيقاف هذه الأجهزة.

أعداد المرضى المتوفين دماغياً من مختلف الأعمار والجنسيات في الدولة يصل حالياً إلى 50 مريضاً، وفقاً للدكتور علي النميري نائب اتحاد الأطباء العرب واستشاري جراحة التجميل ورئيس قسم الحروق في مستشفى راشد سابقاً، منها 15 حالة في مستشفيات الدولة.

معجزة العودة إلى الحياة

يروي الدكتور علي النميري استشاري جراحة التجميل ونائب رئيس اتحاد الأطباء العرب الذي عمل مساعداً لأحد الأطباء الصينيين في الثمانينات من القرن الماضي، قصة سيدة ايطالية هزت العالم بأسره، حيث عاشت على الأجهزة المساعدة سبع سنوات، ولم يكن هناك أمل يرتجى بشفائها، فطلب المستشفى نقل المريضة لتموت بين أهلها في البيت، وبدلاً من ذلك نقلتها عائلتها للمستشفى الذي كنت أتدرب فيه- والكلام للدكتور النميري- فتم وضع برنامج علاجي وغذائي وتأهيلي لها من قبل البروفيسور الذي كنت أتدرب معه وبعد مرور سنتين لاحظ أهل المريضة حركة في جفن العين وعادت بعدها المريضة للحياة. وتجلى الإعجاز الرباني بأروع صوره عندما بينت الفحوصات أن جميع أعراض السرطان اختفت وعادت جميع وظائف الجسم للعمل وأعتقد ان المريضة لا تزال على قيد الحياة.

هي مقدمة لتوضيح الدكتور النميري بأن هناك حالتين فقط في القانون الإماراتي وأيضاً القانون الإسلامي الذي تم إقراره في الكويت عام 1983 ودعم من قبل منظمة العالم الإسلامي في جدة، يتم فيهما وقف الأجهزة المساعدة عن المريض: الأولى، حال تأكد فريق طبي متخصص أن جذع الدماغ قد توفي بمعنى أنفصل الجسم عن الدماغ، والحالة الثانية والأهم التأكد من أن مادة الدماغ بدأت بالتحلل بمعنى أن الخلايا الدماغية والعصبية الموجودة في الجهاز العصبي المركزي غير قابلة للعيش حتى بالدعم الخارجي من غذاء وأكسجين، عندها يستطيع الطبيب أن يوقف الدعم، مع العلم أن اثبات تحلل الدماغ يتطلب أخذ عينة منه وهو أمر صعب جداً والهدف هو تغليظ الإباحة، وبالتالي يبقى الحال على ما هو عليه، ولا أحد من الأطباء يجرؤ على الإقدام على هذه الخطوة لأنه سيخضع للمساءلة الشرعية والقانونية، وقد يجد نفسه خلف القضبان.

وليس هذا فحسب بل إن هناك شروطاً ومعايير صارمة طبعاً للتأكد من الموت الدماغي، منها أن يتم تشكيل لجنة مؤلفة من ثلاثة استشاريين من تخصصات مختلفة، يفحص الأول المريض وبعده بثماني ساعات الطبيب الثاني وبعدهما بثماني ساعات الطبيب الثالث، ويتاح لهم استخدام كل الوسائل المباحة والمتاحة لتشخيص الموت الدماغي، وفي حال أكدت تقارير الأطباء الثلاثة أن دماغ المريض بدأ بالتحلل فهذا يعني أنه غير قابل للحياة بأي شكل من الأشكال وهنا يجوز للفريق الطبي وقف الدعم، وما عدا ذلك يعتبر جريمة قتل يعاقب عليها القانون.

محاولات تشريعية

إزاء هذا الوضع واستكمالاً لنهج مد التشريع إلى كل المناحي حتى النادر منها، جرت محاولات في بعض مستشفيات الدولة لاستصدار لائحة تنفيذية أو أنظمة إدارية للشروط الواجب اتباعها لوقف الدعم الخارجي عن المرضى المتوفين دماغياً أو سريرياً أو إكلينيكياً، كما يقول الدكتور النميري الذي عمل أكثر من 25 عاماً في هيئة الصحة في دبي، لكنها توقفت عند الحاجز الشرعي الذي وضع شروطاً قاسية للموت الدماغي وانتهى الأمر الى أنه لا يجوز وقف الأجهزة المساعدة إلا في الحالتين السابقتين وبالتالي على الطبيب أن يقدم كل الدعم الممكن للمريض حتى يأخذ صاحب الأمانة أمانته، ولا يجوز للطبيب أن يتعامل مع المريض باعتباره ميتاً لأنه يكون ميتاً فقط إذا أمر الله.

ويتذكر الدكتور النميري حالة حدثت معه عندما كان رئيساً لقسم الحروق في مستشفى راشد في دبي، حين تم تحويل مريض من أبوظبي أصيب بحروق بليغة جداً بنسبة 93% ، وقبلت الحالة رغم ذهول ومعارضة بعض الزملاء على اعتبار أنه ميت، وخلال أقل من أسبوع تم إجراء 30 عملية للمريض لترقيع الحروق، وبمشيئة الله بعد خمسة أشهر عاد لحياته الطبيعية وعاد لبلده الأصلي (باكستان) وبعد عامين بعث لنا صورة لابنه.

هذه التجربة أعطتني درسين، يقول الدكتور النميري: أن الطبيب مهما بلغ من العمر والعلم لا يمكنه أن يحدد متى سيموت المريض لأن الأعمار والأرواح بيد الله، والدرس الثاني على الطبيب أن يقدم للمريض كل ما يستطيع على اعتبار أنه ما زال على قيد الحياة.

قتل جائز في حالة واحدة

هناك حالة واحدة فقط يحق فيها للطبيب قتل المريض، كما يوضح الدكتور حسين آل رحمة رئيس قسم العناية المركزة في مستشفى دبي رئيس الجمعيات العربية للعناية المركزة، وهي أن يكون مصاباً بتلف دماغي أو موت دماغي وأن يكون قد أوصى بالتبرع بأعضائه أو وافق أهل المتوفى إكلينيكياً على ذلك، وبشروط صارمة منها أن يتم الكشف على الشخص من قبل خمسة أطباء استشاريين في جراحة الدماغ والأعصاب والتخدير والعناية المركزة إضافة لقانوني، ويتم الكشف على المريض بفترات متباعدة بمعدل ساعتين ويتم إجراء كل الفحوصات والتحاليل المخبرية اللازمة وكل منهم يكتب تقريراً بالحالة، ويشترط أن يكون هناك اجماع من قبل الخمسة، ففي حال كان هناك توافق بين أربعة مثلاً يصار إلى تشكيل لجنة أخرى. ومتى تطابقت الآراء الخمسة يتم اتخاذ قرار بقتل المريض لأخذ الأعضاء لأنها ستهب حياة جديدة لمرضى آخرين، وهذا لا يعتبر قتلاً مصداقاً لقوله تعالى "من أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا"، والحكمة هي أن أعضاء هذا الشخص قد تفيد أربعة أو خمسة مرضى هم في أمس الحاجة إليها.

اقتراح الترحيل

خصوصية المجتمع الإماراتي، لجهة التعددية في الجنسيات والثقافات، تفرض عبئاً من نوع خاص على المؤسسات الصحية في الدولة، كما يشير الدكتور حسين آل رحمة، والذي يقترح تشكيل لجنة تضم في عضويتها الجهات الصحية والخارجية والإسعاف وشركات الطيران لترحيل المرضى غير المواطنين ممن يصارعون الموت إلى بلدانهم، بالتعاون مع سفاراتهم المعنية، وبخاصة أن أعداد هؤلاء المرضى على مستوى الدولة ليست بالقليلة، وذلك لإتاحة الفرصة لعلاج غيرهم من المرضى، ولا سيما أن أعداد الأسرة في أقسام العناية المركزة محدودة، كما أنها مكلفة جداً، وقد جربنا ذلك في مستشفى راشد واستطعنا ترحيل عدد من المرضى من خلال ترتيبات خاصة ومرافقة فريق طبي، واعتقد أن كلفة إرسال المرضى أقل بكثير من بقائهم داخل المستشفيات، إضافة للعامل النفسي الخاص بإتاحة الفرصة لهم للموت في أوطانهم وبين أهليهم.

هل يجرؤ طبيب على أن يكون «القاتل الرحيم»؟

عما إذا كان في وسع الطبيب الإقدام على قتل مريض متبرع مثلاً أو رفع أجهزة الإنعاش عن مريض يعيش عليها؟ يجيب الدكتور نجيب الخاجة رئيس مركز القلب في هيئة الصحة في دبي سابقاً: ايقاف الأجهزة عن مريض وصل الى مرحلة اللاعودة هي رحمة لأنه خلاص من العذاب، وكما يقول المثل «الحي أبدى من الميت». لكنه ينفي فكرة تجريد الأطباء من العاطفة فهم ملائكة الله على الأرض ولا يمكن أن يتجردوا من إنسانيتهم أو عاطفتهم، ولكن إذا كان هناك شخص ميت وإنسان آخر يصارع الموت بحاجة إلى عضو ينقذ حياته، وما دام المولى أجاز ذلك فالأجدى انقاذ حياة المريض وربما يكون هناك مرضى آخرون في انتظار نقل الأعضاء لهم".

ويرى الدكتور حسين آل رحمة أن مهنة الطب لا تتماشى مع الخائف بطبعه، بدليل أن كثيراً من الطلاب يسجلون للدراسة تحقيقاً لرغبة آبائهم، لكن من أول محاضرة عن التشريح مثلاً يولون مدبرين، والطب بالتالي مهنة إنسانية رغم أن لدى الأطباء من الجرأة والقوة ما لا يملكه الآخرون ولكنهم في النهاية بشر، وعندما ينقل لنا خبر وفاة مريض في القسم نبكي ألماً مع أهله لأن مهنتنا التخفيف من آلام المرضى ومعاناتهم وإرضاء الله.

وهنا تستحضر الذاكرة قصة الطبيب النمساوي الذي أصدرت محكمة في دبي حكماً غيابياً بسجنه مدى الحياة (25 عاماً) حين كان يشغل منصب مدير وحدة العناية الفائقة في مستشفى راشد الحكومي، بعد إدانته بالتسبب عمداً في وفاة مريض، في فبراير من العام 2009 ، وذلك بعدما كان قد أمر بعدم انعاش مريض مصاب بالشلل، وبعد يومين على هذا القرار، أمر الطبيب بزيادة جرعة المورفين للمريض الذي كان يعيش على أجهزة الإنعاش، الأمر الذي تسبب بوفاته جراء نوبة قلبية.

وغادر الطبيب النمساوي في سبتمبر 2011 ليعتني بزوجته التي كانت تحتضر وتوفيت من مرض السرطان.

مناشدة من أجل قانون زراعة الأعضاء

عربياً يقول الدكتور فيصل شاهين مدير المركز السعودي لنقل الأعضاء، إن عدد المتوفين دماغياً سواء من الحوادث المرورية أو الجلطات القلبية والدماغية داخل غرف العناية المركزة يصل إلى 2 في المئة من إجمالي الوفيات في أي دولة، وفي السعودية هناك سنوياً نحو ألف و200 وفاة بسبب الموت الدماغي، 30 في المئة منها تكون لأشخاص مسجلين في البرنامج السعودي للتبرع بالأعضاء، ويتم الاستفادة من أعضائهم لمرضى آخرين على أسرة الموت تعطلت وظائف أحد أعضائهم مثل الكلى أو الكبد أو القلب أو الرئتين أو البنكرياس، وبالتالي لا بد من تحديث التشريعات الصحية في العالم العربي، وتحديداً قانون زراعة الأعضاء الذي ما زال معطلاً في العديد من الدول بسبب الخلافات القائمة بين رجال الدين والقانون والأطباء بشأن جواز نقل الأعضاء من المتوفين دماغياً من عدمه، رغم تأكيدات مجمع الفقه الإسلامي جواز ذلك، فمقابل كل روح تزهق هناك حياة توهب من جديد لمرضى هم بحاجة لزراعة الأعضاء.

بعد اطلاع أوليائه على وضعه بدقة
الفقه: لا نزع للأجهزة حتى يتحلل الدماغ ويتوقف النبض تماماً

رأي الفقه يُعد عاملاً حاسماً وقاعدة لترسيخ المفهوم الديني لمثل هذه القضايا الإشكالية، وفي هذه القضية يقول الشيخ أحمد الحداد كبير المفتين مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي: إن المريض الذي يعيش على أجهزة له حالتان: الأولى، أن تتوقف حياته على هذه الأجهزة بحيث إذا نزعت منه مات. والثانية: أن لا تتوقف حياته عليها بل يعيش معها بتعب.

في الحالة الأولى إن ركبت له هذه الأجهزة فإنه لا يجوز نزعها عنه حتى يموت موتاً حقيقاً؛ بأن يتوقف نبض قلبه ويبدأ تحلل دماغه، كما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 17 في دورته الثالثة، فقد عرف الموت الدماغي، ونص على أنه يعتبر شرعاً أن الشخص قد مات وتترتب جميع الأحكام المقررة شرعاً للوفاة عند ذلك إذا تبينت فيه إحدى العلامتين التاليتين: إذا توقف قلبه وتنفسه توقفاً تاماً وحكم الأطباء بأن هذا التوقف لا رجعة فيه، وإذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلاً نهائياً وحكم الأطباء الاختصاصيون الخبراء بأن هذا التعطل لا رجعة فيه وأخذ دماغه في التحلل، وفي هذه الحالة يسوغ رفع أجهزة الإنعاش المركبة على الشخص، وإن كان بعض الأعضاء كالقلب مثلاً لا يزال على قدر من الحياة بفعل الأجهزة المركبة.

ولكن لا تنزع عنه الأجهزة إلا بعد اطلاع أوليائه على وضعه؛ لئلا يتهم الأطباء أو إدارة المستشفى بالتعدي عليه وتحميلهم مسؤوليته، ولا ينبغي الاكتفاء بالتوقيع السابق حتى يطلع أولياؤه على وضعه ويقتنعوا أو يُقنعوا بضرورة رفع الأجهزة عنه، فإذا لم تكن قد ركبت وكان في تركيبها مشقة على أهل الميت أو فيه عناء ومشقة لا تحتمل، فإنه لا يجب؛ لأن وضعها من التداوي وهو سنة وليس فرضاً، وهذا هو حكم الحالة الثانية، فإنه في هذه الحالة إن تيسر تركيب هذه الأجهزة فهو المطلوب، وإلا فلا حرج لأن ذلك من التداوي المندوب وليس المفروض، لكنها إذا ركبت لم يجز إبعادها عنه مهما كان الوضع ولا يقبل قوله أو وصيته أو وليه بنزعها؛ لما في ذلك من التسبب بأذيته أو وفاته. أما من يملك الإذن بنزع الأجهزة ونحوها، للمريض فاقد الوعي أو القاصر؛ فهم أقاربه الأدنون من الدرجة الأولى كابن المريض وابيه وأخته وأخيه، ثم أبناء الإخوة ثم العم ثم أبناؤهم، بحسب ترتيبهم في الإرث، وأحد الزوجين بالنسبة لكل منهما. أما المريض البالغ العاقل الواعي فإنه هو الذي يقرر عن نفسه ولا يقبل غيره.

مواقف فقهية

استقر فقهاء الديانات السماوية «اليهودية والمسيحية والإسلام» على اعتبار أن قتل الإنسان أيّاً كان، سواء المريض الميؤوس من شفائه أو المُسِن العاجز عن الحركة والعمل، ليس قراراً متاحاً من الناحية الشرعية للطبيب أو لأسرة المريض أو للمريض نفسه، لأن حياة الإنسان أمانة يجب أن يحافظ عليها، وعليه أن يحفظ بدنه ولا يلقي بنفسه إلى التهلكة.

نصت الفتوى الصادرة من المجلس الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته العاشرة في 1408/2/24هـ على ما يلي" المريض الذي ركبت على جسمه أجهزة الإنعاش يجوز رفعها إذا تعطلت جميع وظائف دماغه نهائياً، وقررت لجنة من ثلاثة أطباء اختصاصين خبراء أن التعطل لا رجعة فيه، وإن كان القلب والتنفس لا يزالان يعملان آلياً، بفعل الأجهزة المركبة، لكن لا يحكم بموته شرعاً إلا إذا توقف التنفس والقلب، توقفاً تاماً بعد رفع هذه الأجهزة ".

لا يأخذ ببواعث الشفقة فالابتلاء قد يكون كفارة
القانون: توافر أركان جريمة القتل العمد سواء بالإزهاق أو الامتناع

هل يعتبر الموت الرحيم جريمة قتل عندما لا يصدر عن إرادة إجرامية بل عن نفس رحيمة مشفقة على الإنسان لتخليصه من عذاب المرض والآلام المصاحبة من الناحية القانونية؟

يجيب الدكتور أحمد سليمان المستشار القانوني في هيئة الصحة في دبي: الموت هو إزهاق روح إنسان حي، حتى ولو كان مريضاً مرضاً مستعصياً أو ميؤوساً من شفائه، طالما لم تحن بعد لحظة وفاته الطبيعية، وأي فعل يقع على مثل هذا الإنسان سواء أكان فعلاً إيجابياً أو امتناعاً عن إعطاء العلاج واقترن بقصد إحداث الوفاة، يكون كافياً لقيام جريمة القتل العمد. ولا يغير من هذا الحكم أن يكون المريض راضياً بوقوع الفعل عليه لأن رضاء المجني عليه لا قيمة له في جريمة القتل، كما لا يغير من ذلك أن يكون الفاعل مدفوعاً بباعث الشفقة لأنه لا عبرة في القانون بالبواعث من حيث وجود الجريمة ذاتها.

وطالما أن المريض ما زال على قيد الحياة فينبغي على الطبيب أن يقدم له كل الوسائل العلاجية، لأن المرض ابتلاء من الله وقد يكون كفارة لدخول الجنة أو بداية حياة جديدة، وبالتالي لا يمكن إنهاء حياة مريض مهما وصلت شدة المرض. وكل ما يتعلق برفع الأجهزة أو التعجيل بالوفاة عن طريق إعطاء أدوية تسرع عملية الموت يعتبر جريمة تعاقب عليها كل دول العالم باستثناء بعض الدول التي اتخذت قراراً بذلك للحد من التكاليف الباهظة التي تتكبدها.

القانون الإماراتي بشكل خاص والقوانين العربية والإسلامية جميعها تجرم الموت الرحيم وتعاقب من يقدم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات كحد أدنى، ويمكن أن تصل العقوبة إلى المؤبد أو الإعدام.

هولندا وبلجيكا مع القتل الرحيم

أول دولتين في العالم أقرتا قانونًا يجيز الموت الرحيم في الحالات المستعصية، هما هولندا (2001) وبلجيكا (2002). حيث شرَّعت هولندا الموت الرحيم بموجب قانون صادر عن مجلس النواب ومجلس الشيوخ بتاريخ 10/4/2001، يتضمن شروطًا قاسية لتطبيق القتل الرحيم، أهمها توافق رأي طبيبين على أنه لا أمل في شفاء المريض، ومعاناته آلاماً مبرحة وعذابات لا مبرر لها، وطلب المريض مراراً إنهاء حياته، وضرورة خضوع الأطباء لإشراف لجان إقليمية مؤلفة من قضاة وأطباء، مكلَّفة السهر على احترام الشروط القانونية والتأكّد من توافرها.

وبذلك، وللمرة الأولى في تاريخ البشرية ينظم الموت الرحيم على الصعيد المدني والاجتماعي والقانوني. فبعد 30 سنة من الجدل والاستفتاءات والنقاش، صدر أول قانون في العالم يقنن الموت الرحيم ويعدّه عملاً مشروعًا وفق حالات وشروط دقيقة حدّدها المشرّع. غير أن معارضي القانون اتهموا الحكومة الهولندية بأنها أصدرت هذا القانون لتخفيف مصاريف المعالجة الطبيّة والأدوية لمواطنيها.

استطلاع آراء الناس: ضد وقف علاج الميؤوس من شفائه

أهل الاختصاص: لفت الانتباه إلى التكلفة الاجتماعية والنفسية

يشدد مختص في علم الاجتماع على ضرورة التسليم بقضاء الله وقدره تجاه القتل الرحيم، وما يلي ذلك من ضرورة الالتزام بأحكام الشرع، رغم إشارته إلى الآثار الاجتماعية الباهظة على أهل المبتلى بالموت المؤجل، فضلاً عن التكلفة النفسية، لكن الرأي العام يركز على الجانب الشرعي في نظرته إلى كيفية التعامل مع هذه الظاهرة.

وينظر الدكتور أحمد العموش أستاذ علم الاجتماع في جامعة الشارقة للمشكلة من زاوية تحريم القتل الرحيم في كل الأديان السماوية، لأنه ازهاق للروح التي هي من الله "ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا".

لكن، يستدرك الدكتور العموش، أن المريض قد يعيش سنوات طويلة على أجهزة الإنعاش وأجهزة التنفس الصناعي، وهو ما يبقي العائلة في جو من الحزن والكأبة، إضافة لانقطاع رب الأسرة عن العمل والحياة الاجتماعية بسبب مرافقته للمريض.

كما أن حالة المريض الذي يعيش على أجهزة الإنعاش قد تؤدي لإصابة بعض أفراد العائلة بالأمراض النفسية مثل الاكتئاب والخوف وأحياناً القلق من المجهول، إضافة للتكاليف العلاجية الباهظة التي يتحملها أهل المريض، وهناك أيضاً كلفة باهظه على المستشفى لأن غرف العناية الفائقة تحتوي على تقنيات عالية جداً، كذلك يحتاج المريض إلى فريق طبي متخصص ومتفرغ لمراقبته وتقديم العلاجات في أوقاتها المحددة، وعلاوة على ذلك فإن بقاء المريض لفترة طويلة في غرفة الإنعاش قد يحرم مرضى آخرين من الحصول على العلاج بسبب محدودية الأسرة، وبالتالي يؤثر على جودة ونوعية الخدمات المقدمة بشكل عام.

ماذا يقول الناس؟

استطلاع "البيان" لبعض آراء الناس في هذه القضية الحساسة يشف عن ماهيتها في الثقافة الجمعية وتالياً تحديد اتجاه التعامل مع القتل الرحيم، لجهة احترام الرأي العام.

يقول عيسى المير موظف في مؤسسة خدمات الإسعاف في دبي: "القتل الرحيم، لا يجوز لأنه يضع حداً لحياة الغير، فالروح هي ملك لله، وهو وحده الوحيد القادر على أخذها أو تركها متى شاء، والطب يجب أن يجد دواء لهذا المرض المستعصي وأنا ضد وقف علاج المريض الميؤوس من شفائه لأن العلم يتقدم بشكل سريع ورهيب، لذا أتمنى الإبقاء على حياة المريض وليحاول الأطباء ما استطاعوا تخفيف آلامه بإعطائه المسكنات على أمل التوصل إلى علاج للمرض العضال».

وكذلك يرى صابر موسى المدرس الذي يقول: من وجهة نظري، فكرة القتل الرحيم آتية من المجهول، وبالتالي فهي ليست موجودة في أي ديانة، كما أنه لا يجوز ولا بأي شكل من الأشكال حتى لو كان المريض على فراش الموت وكان يحتضر وطلب بنفسه هذا الطلب وأيضاً بموافقة الأهل، لأن ذلك يعتبر جريمة قتل.

أما خولة الكيتوب مديرة تحرير مجلة "إسعاف" الإماراتية فتعقب: إن اتخاذ قرار كهذا يحمل صاحبه مسؤولية كبيرة. أرى أن فكرة الموت الرحيم هي ممارسة لفعل القتل، وهو أمر محرم دينياً وقانوناً، فيمكن أن نساعد المريض بإعطائه أدوية تؤمن له الراحة الجسدية، ولكن لا نملك أن نقرر مصير مريض لأنه بيد الله وحده.

الموت الرحيم والقتل الرحيم

أول من استعمل تعبير الموت الرحيم هو الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون في القرن السابع عشر، وكان يعني به مصاحبة المريض في لحظاته الأخيرة وإعطاءه جميع المسكنات المتاحة ليموت في سلام‏.

ويعرّف الدكتور حسين آل رحمة رئيس قسم العناية المركزة في مستشفى دبي رئيس الجمعيات العربية للعناية المركزة، الموت الرحيم المباشر بأنه إجراء يؤدي إلى تقديم ساعة الوفاة بشكل مقصود ومباشر، «فعال وسلبي»، والفعال هو التسبب بموت المريض بشكل مقصود وواضح باستخدام جرعات مميتة من بعض الأدوية مثلاً، ونقول عنه فعالاً لأن الطبيب "فعل شيئاً" للتسبب بالوفاة، أما السلبي فهو وقف العلاج الذي يبقي المريض "مبدئياً" على قيد الحياة، مما يتسبب بوفاته، أو وقف التغذية عن طريق الوريد لضحايا الموت الدماغي، ونقول عنه سلبياً لأن الطبيب "امتنع أو توقف عن فعل شيء" للتسبب بالوفاة بشكل مباشر.

أما القتل الرحيم غير المباشر فهو التسبب في تعجيل الوفاة ولكن بدون أن يكون هذا الأمر هو المقصد المباشر، وللتوضيح مثل استخدام جرعات كبيرة ومتواصلة من المورفين لمريض يعاني من سرطان مميت في مراحله النهائية بهدف التقليل من معاناة المريض من آلام وعذاب الساعات الأخيرة، لكن معروف أن المورفين يسبب انخفاض مستوى الوعي والإدراك لدى المريض وقد يدخله في غيبوبة ويعجل بوفاته.

9

نصت المادة التاسعة من قانون المسؤولية الطبية الإماراتي رقم 10 لسنة 2008 على أن يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات لكل من ينهي حياة مريض وقد تصل إلى الإعدام حسب ظروف الواقعة.

157

اعتبرت المادة 157 من قانون الجزاء الكويتي أن الإنسان يعتبر أنه قد تسبَّب في قتل إنسان آخر ولو كان فعله ليس هو السبب المباشر أو السبب الوحيد في الموت في عدة حالات، منها إذا كان المجني عليه مصاباً بمرض أو بأذى من شأنه أن يؤدي إلى الوفاة وعجل الفاعل بفعله موت المجني عليه.

538

عاقبت المادة 538 من قانون العقوبات السوري بالاعتقال من ثلاث إلى عشر سنوات، من قتل إنساناً قصداً بعامل الإشفاق بناءً على إلحاحه بالطلب.

552

لا يوجد في لبنان، أي قانون يسمح بالموت الرحيم، واعتمد النص الفرنسي، ونصت المادة 552 من قانون العقوبات اللبناني على أنه "يعاقب بالاعتقال عشر سنوات على الأكثر من قتل إنساناً قصداً بعامل الإشفاق بناء على الحاحه في الطلب".

روسيا

في ما يخص روسيا واعتماداً على "القسم الطبي" المعتمد الآن فإن على الطبيب "إبداء أعلى الاحترام لحياة الإنسان وعدم اللجوء إلى القتل الرحيم أبداً". لهذا فمسألة القتل الرحيم في روسيا لا تزال موضوعاً لا نقاش فيه.

الدنمارك

أجازت الدنمارك للمريض المصاب بمرض لا شفاء منه أن يقرّر بنفسه وقف علاجه، وسمحت منذ العام 1992 للدنماركيين أن يعدوا وصية طبية في حالة الإصابة بأمراض لا شفاء منها أو في حالة الحوادث الخطرة.

استراليا

هناك عدة دول تبحث الآن إمكان الاقتداء بهولندا مثل نيوزيلندا وفرنسا، بينما أجازت استراليا الموت الرحيم العام 1999.

إسرائيل

أصيب ابن ديفيد كوهين، أشهر طبيب ومؤلف ثلاثة كتب عن القتل الرحيم، بحادث بليغ وكان أوصى بتبرعه بالأعضاء، فرفضت والدته انقاذ طفل فلسطيني بها، لكن بروتوكول نقل الأعضاء كان لها بالمرصاد.

قصة خبرية
مريم.. غابت في التلف الدماغي منذ سنتين

الدخول إلى غرفة مريم علي في قسم العناية المركزة في مستشفى دبي، يحتاج لقوة قلب وأعصاب حديدية، فالطفلة التي تبلغ العامين ونيف تعيش على أجهزة الانعاش في عالم آخر غير الذي نعيش، هي ربما تحلق بجناحيها الصغيرين في الجنة، إذ لم تشعر بطفولتها كباقي الأطفال بعدما غيبها التلف الدماغي الذي أصابها فجأة ومن دون سابق إنذار عن الوعي من تاريخ 25_5 -2010 ولغاية اللحظة.

والدها علي الذي يعمل موظفاً في إحدى الدوائر المحلية في دبي يزورها يومياً بصحبة أمها، التي تتمنى ضمها إلى صدرها ولو لدقائق قليلة لتمنحها حنان الأم، لا تأبه كثيراً بكلام الأطباء، فمريم تمر بوعكة صحية شديدة وستعود إلى الحياة ودليلها على ذلك في حركة اليد التي تنتفض بين فينة وأخرى، ويؤيدها في ذلك زوجها الذي يصر على أن مريم بحاجة إلى علاج طبيعي متقدم، والدليل أنها تحسنت خلال فترة علاجها في تايلاند، ونتمنى أن تتاح لنا الفرصة لإرسالها مرة ثانية للعلاج في الخارج لأن العلاج الطبيعي هناك متقدم جداً.

الدكتور حسين آل رحمة رفض التعليق، واكتفى فقط بالقول: "ربنا قادر على كل شيء ويحيي العظام وهي رميم، ونتمنى أن تعود مريم إلى وضعها الطبيعي لأننا تعودنا عليها، لا بل إنها أصبحت واحدة من القسم، وستكون محط أنظارنا واهتمامنا إلى أن يشاء الله".

خرج الوالدان من الغرفة رجل تتقدم وأخرى تتأخر، يطالعانها بعيون يملأها الحزن تارة والأمل تارة أخرى، فالمرض ابتلاء من الله والشافي هو الله، فإذا قُدّر لها أن تعيش فستعيش حتى لو توقفت جميع أعضائها، وإلا فسنحتسبها عند الله، فلدينا طفلان والحمد لله بصحة جيدة والخيرة دائماً فيما يختاره الله.

وبقيت مريم لغاية إعداد التحقيق على حالها لم يطرأ أي تحسن وستعيش على الأجهزة إلا ما شاء الله «لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا» [ الطلاق: 1 ] .

Email