مناسبات الماضي.. أعراس التواصل والتلاحم المجتمعي

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تكن الأعراس في الماضي مجرد احتفالات عابرة يتحمل أصحابها مؤونة مشقتها، إلا أنها كانت أعراساً للتطوع والتكاتف بين أفراد المجتمع، الأمر الذي يعكس ثقافة العطاء الفطرية والعمل التطوعي الذي زاد من الترابط والتلاحم المجتمعي آنذاك.

وأوضح محمد خميس الكعبي، متقاعد، بأنه على الرغم من الإرهاق الشديد الذي كان ينهك أهل العرس في الماضي وذلك طيلة أيامه بهدف توفير الراحة للضيوف والمدعوين، إلا أن ما كان يُخفف عليهم هو العون من قِبل الجيران والأهالي.

ويتذكر الكعبي كيف كان الأهالي والجيران حريصون على تقديم المساعدة وتحقيق التعاون فيما بينهم، إذ يحتفي أكثر من 20 بيتاً بالزفاف مشاركة منهم لأهل العروس والعريس، وتفعيل قيمة التعاضد والتكاتف وذلك من خلال تجهيز البيوت للاحتفاء، إضافة إلى تجهيز الحطب لتحضير الطعام، واستقبال الضيوف وإكرامهم بالموجود. مؤكداً أن كل أفراد الفريج والعائلة يتعاونون على استقبال الضيوف. مبدياً اشتياقه لأيام الماضي حيث كانت الفرحة توزن بميزان يختلف عن الحالي.

تعاون

فيما أشار سلطان عبيد الظاهري، موظف، إلى التعاون الفعلي الذي كان قائماً بين الناس في أعراس الماضي، والتي كان لها طعم فرحة مختلفة وحقيقية بعيداً عن المظاهر والفرح الصوري المفروض علينا حالياً. وأضاف الظاهري: «كثيراً ما سمعت عن حرص جميع أهل العريس بأنفسهم بإعداد وطبخ الغداء وتجهيزه وتقديمه للضيوف الذين يأتون من جميع المناطق المجاورة لكي يحتفلوا بالعريس، ومنهم من يقدم العون والمساعدة. ولا يفوت أهل العريس بأن يرسلوا من الطعام ما تيسر للمرضى وكبار السن ممن لا يستطيعون المجيء، حرصاً منهم على تحقيق الخير والعطاء».

وأكد أحمد راشد خلفان الشامسي، موظف، أن أعراس الماضي اتسمت بنكهة خاصة، فقد كانت الأفراح ترسم صورة جميلة حافلة بالبساطة والعفوية، وفي الوقت نفسه بالثراء والتنوع. وأضاف الشامسي: «لا أبالغ إن أوضحت بأننا فقدنا البساطة في التحضير لأعراس اليوم، حيث أصبح هاجس الأسر هو التفاخر والفشخرة، سواء في اختيار القاعات أو تحضير الزهبة أو اختيار الذهب واختيار قوائم الطعام، وهذا يشكل عبئاً على الشاب وأسرته، إضافة إلى أننا نفتقد فعليا تعاون الجيران وتلاحمهم في الاستعداد للعرس».

ذاكرة

كما يرتحل خميس علي الكعبي، موظف، بذاكرته إلى الماضي، ليتذكر جيداً كيف كان الجار لا يترك جاره في أيام العرس وحتى العزاء، فالجار في ذلك الوقت هو الأخ القريب الذي لا تجمعك به صلة الرحم، وإنما صلة القربى. إذ كان يبادر بفتح بيته لاستقبال الضيوف المهنئين أو المعزين عندما لا يتسع منزل الشخص المعني بالمناسبة لاستقبال المزيد من الناس.وأوضحت طماعة الظاهري، بأن أعراس الماضي لها ميزة مختلفة عن اليوم، لكن بعض العادات والتقاليد لأعراس أيام زمان ما زالت فتيات اليوم يتوارثنها. وتتذكر الظاهري كيف كان احتفال بعض المناطق في الدولة بحفلات الأعراس، حيث كانت «الزهبة» أو ما يُسمى بجهاز العروس ينقل إلى بيت والدها، فتجتمع نساء الفريج وأهل العروس، ويطوفون بالزهبة في القرية للتفاخر والمباهاة.

شجن

وتعتري شيخة سيف علي النعيمي مشاعر الشجن وهي تتحدث عن فترة الماضي الأصيل، وتتذكر كيف كُن النساء حريصات في الاحتفال بالعروس، بل ويزرنها دائما بهدف مساعدتها على تقبل الحياة الجديدة. ومن جانب آخر تتذكر النعيمي أيام العزاء التي كان يحرص الأهالي والجيران على تخفيف الحزن من ذوي الميت، من خلال زيارتهم، وحتى القيام بواجب ضيافة المعزين بتقديم القهوة مع الرطب أو التمر.

فيما تتذكر عذيجة حميد الكتبي، جَدة لعدد 22 حفيداً، كيف كان تكاتف الأهالي والجيران مع أهل العريس والعروس لإتمام مراسم الزواج السعيد، مشيرة إلى مشاركاتها العديدة مع بنات ذويها وحتى جاراتها في أيام الزفاف من خلال تجهيز العروس من خلال إعداد الحنة ووضعها في باطن الكف وخارجه، ودهن شعر العروس بالعنبر والياسمين بل وجدله بالورد.

Email