ريبورتاج

شرم الشيخ.. أيقونة السلام

ت + ت - الحجم الطبيعي

ارتبطت مدينة شرم الشيخ المصرية، الواقعة على ساحل البحر الأحمر، بالأحداث والملتقيات والفعاليات السياسية الكبرى، باعتبارها ضمن مدن السلام المختارة من منظمة اليونسكو، فالمدينة، الواقعة على مساحة 480 كم بمحافظة جنوب سيناء والتي تتمتع بطبيعتها الخلابة، شاهدة على عديد من الأحداث المهمة، وآخرها مؤتمر الشباب الدولي. وتستعد المدينة في الوقت ذاته لاستقبال مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ المقبل «كوب 27» خلال العام الجاري. تقدم المدينة نفسها كـ«أيقونة سلام»، ففي مدخل مطار شرم الشيخ الدولي، وتحديداً في ساحة ميدان السلام، يستقبل الزائرين نصب تذكاري ضخم لـ«أيقونة السلام».

وتعبيراً على مكانتها هذه، احتضنت المدينة في 1996 «قمة صانعي السلام، برئاسة مشتركة بين الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، ونظيره الأمريكي بيل كلينتون، وناقشت ثلاث قضايا: (إنقاذ عملية السلام وتوفير الأمن في المنطقة، ومكافحة العنف والإرهاب).

في ظروف بالغة السوء تزامناً مع استعدادات الولايات المتحدة لغزو العراق في مارس من العام 2003، كانت مدينة شرم الشيخ المصرية على موعدٍ مع احتضان قمة عربية ساخنة بأحداثها وقراراتها، وذلك في مرحلة دقيقة وحساسة من عمر المنطقة، تم التأكيد في بيانها الختامي على استنكار محاولات فرض تغييرات في الشرق الأوسط، مع إبداء الرفض المطلق لضرب العراق. وبعد 12 عاماً من ذلك التاريخ، وتحديداً في مارس 2015 عادت لاحتضان العرب في قمة ثانية رفعت شعار «70 عاماً من العمل العربي المشترك»، دعا مشروعها الختامي إلى إنشاء قوة عسكرية مشتركة، تشارك فيها الدول العربية اختيارياً؛ لمواجهة التحديات التي تهدد أمن وسلامة أي من الدول الأعضاء. ارتبطت شرم الشيخ، الواقعة عند ملتقى خليجي العقبة والسويس على ساحل البحر الأحمر بالأحداث والملتقيات والفعاليات السياسية الكبرى؛ باعتبارها ضمن مدن السلام الرئيسية المختارة من قبل منظمة اليونسكو.

المدينة، الواقعة على مساحة 480 كم بمحافظة جنوب سيناء (شرق مصر) وتتمتع بطبيعتها الشاطئية الخلابة، شاهدة على عديد من الأحداث المهمة، التي كانت خلالها محط أنظار العالم، وآخرها مؤتمر الشباب الذي نظمته مصر، والذي شكل ملتقى هو الأوسع من نوعه وضم مجموعات شبابية من شتى أنحاء العالم. وتستعد في الوقت ذاته لاستقبال مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ المقبل «كوب 27» خلال العام الجاري، والذي يركز على واحدة من أهم القضايا العالمية التي تحدد مصير الكوكب، وهي قضية «التغير المناخي».

أيقونة سلام

يعود تاريخ تأسيس مدينة شرم الشيخ التي تعد من أبرز مناطق الجذب السياحي في مصر، إلى العام 1968. وكانت القوات الجوية الإسرائيلية شيدت مستعمرة عسكرية لها بالمدينة تضم 500 وحدة سكنية، أطلقت عليها «عوفيرا» قبل أن تستعيدها مصر بعد حرب أكتوبر، وتحديداً في العام 1979، خلال مرحلة التفاوض، ليتم تحويلها إلى مسكن للموظفين الحكوميين في المدينة بعد ذلك، قبل أن يتم استرداد سيناء كاملة في 1982. تقدم المدينة نفسها كـ«أيقونة سلام» حول العالم، وهو ما يلمسه الزائر منذ أن تحط قدماه بها؛ ففي مدخل مطار شرم الشيخ الدولي وعلى طريق دهب، وتحديداً في ساحة ميدان السلام البالغة 36 ألف متر مربع، يستقبل الزائرين نصب تذكاري لـ«أيقونة السلام» على ارتفاع 34,5 متراً، وهو عبارة عن عناقيد مصنوعة من الغرانيت الأسود تحمل أوراق اللوتس بثمانية أجنحة تحتضن كرة أرضية، محدداً عليها موقع مصر باللون الذهبي، وفوقها يطير الحمام حاملاً غصن الزيتون كرمز للسلام.

وفي 1999 احتضنت المدينة مفاوضات «واي ريفر 2» بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، فيما استضافت أول قمة عربية تُعقد على أراضيها، في الأول من مارس 2003، والتي شهدت مناقشة تهديدات غزو العراق.

وفي العام 2005 وعلى خط القضية الفلسطينية أيضاً، احتضنت مدينة السلام قمة رباعية في فبراير، ضمت كلاً من الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك ونظيره الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرئيل شارون، إضافة إلى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وهي القمة التي حظيت باهتمام دولي وإقليمي واسع، بدافع الرغبة في الخروج من دوامة العنف بين إسرائيل والفلسطينيين.

وفي يوليو 2009 استضافت المدينة قمة حركة عدم الانحياز بمشاركة 118 دولة (أكثر من 1500 شخص)، في تجمع دولي وصف بأنه الأكبر من نوعه في مصر آنذاك. وهي القمة التي حظيت أيضاً بمكانة خاصة لأهمية القضايا التي طرحتها، ومن بينها الأزمة المالية العالمية، إضافة إلى أزمات إقليمية أخرى.

انطلاقة جديدة

ومع تولي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي زمام القيادة في مصر، واصلت شرم الشيخ ألقها ومكانتها الفريدة كحاضن أساسي لكبرى الفعاليات العالمية المؤثرة، ومن بينها المؤتمر العالمي لدعم وتنمية الاقتصاد المصري (مارس 2015)، الذي أسهم في مساعدة مصر على تجاوز أزمتها الاقتصادية بعد التطورات المتلاحقة التي شهدتها، وهو المؤتمر الذي أعلن خلاله عن جملة من المشاريع المستقبلية الضخمة، ومثل انطلاقة مصرية جديدة. وفي العام ذاته استضافت المدينة القمة العربية.

وفي نوفمبر 2016 احتضنت المدينة أول مؤتمرات الشباب، ضمن توجه الدولة المصرية للاستماع إلى الشباب وتمكينهم. وقبيل أيام اختتمت أعمال النسخة الرابعة من المؤتمر. بينما تتحضر المدينة في الوقت نفسه لاحتضان «كوب 27» في خطٍ متوازٍ مع ما توليه مصر من اهتمام واسع بملف التغير المناخي.

وتمتاز «مدينة السلام» بطبيعتها السياحية الخلابة، وتحظى بشهرة واسعة باعتبارها واحدة من أبرز مراكز الغوص العالمية، ما يجعلها محط أنظار الهواة والمحترفين.

وتضم المدينة مطاراً دولياً (يضم مبنيين للركاب، الأول بسعة 1800 راكب/‏‏‏ ساعة، والثاني بسعة 2500 راكب/‏‏‏ ساعة). كما تضم مناطق سياحية شهيرة، مثل خليج نعمة ودهب ونبق، بخلاف المطاعم والمقاهي والأسواق التجارية والمدن الترفيهية والكازينوهات والفنادق والمنتجعات. وعدها تصنيف «بي بي سي» للعام 2005 واحدة من أجمل أربع مدن حول العالم.

غدر الإرهاب

ولم تسلم مدينة السلام من غدر الإرهاب، حيث شهدت في 23 يوليو 2005 أحداثاً مزلزلة، اشتهرت بـ«تفجيرات شرم الشيخ» التي خلفت عشرات القتلى والجرحى، بالإضافة لخسائر مادية كبيرة. وأتت تلك العمليات في إطار موجة شهدها العالم آنذاك من عمليات استهدفت مناطق سياحية في لندن وبيروت وتركيا. وكانت ثلاثة انفجارات متتالية ضربت المدينة، الأول سيارة مفخخة بمنطقة السوق التجارية القديمة، والثاني، بعد خمس دقائق من الأول، استهدف أحد المنتجعات السياحية على خليج نعمة، ثم الانفجار الثالث بعد نحو ثلاث دقائق، عبر عبوة ناسفة شديدة الانفجار داخل مرآب خاص بمنطقة خليج نعمة أمام أحد المراكز التجارية.

وبخلاف تلك التفجيرات الإرهابية، سجلت المدينة فترات صعبة، لكنها نجحت بعد ذلك في تجاوز تداعياتها، ومن بينها حادث هجمات أسماك القرش في ديسمبر 2010 الذي تسبب في إرباك قطاع السياحة هناك، قبل اتخاذ إجراءات احترازية صارمة بعد ذلك. فضلاً عن حادث تحطم الطائرة بوينغ 737 التابعة لشركة خطوط فلاش الجوية إحدى شركات الطيران المصرية، فوق مياه خليج العقبة. وشيدت الحكومة المصرية نصباً تذكارياً لضحايا الطائرة المنكوبة تم افتتاحه في مايو 2006.

Email