التوتر بين ألمانيا وبولندا.. تصدع مقلق في جبهة داعمي أوكرانيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

أخذ التوتر بين الجارتين ألمانيا وبولندا فيما يخص تزويد أوكرانيا بالدبابات، وقطع الغيار ذات الصلة، منحى أكثر حدة خلال الأيام الأخيرة، وذلك على خلفية تصاعد اتهامات وارسو لبرلين بالتقاعس عن تقديم الدعم العسكري لكييف، وهي الاتهامات التي تحولت إلى تراشقات متبادلة، أثارت لغطاً واسعاً بشأن نذر شقاق يطفو إلى السطح داخل حلف الشمال الأطلسي «الناتو».

وفيما يدعو الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الغرب للإسراع في تسليم الأسلحة قبل بدء روسيا «هجوم ربيعي محتمل»، يأتي ذلك التوتر ليكشف تصدعاً داخل الجبهة الداعمة لأوكرانيا، بما يهدد تقويض مساعي «الناتو» في إطار تدعيم القوات الأوكرانية.

الانتقادات البولندية تتركز في اتهام ألمانيا بالتباطؤ في إرسال الدبابات إلى الجبهة، ما أدى إلى تهديد إرسال دروع ألمانية الصنع دون موافقة برلين، وفيما منح المستشار الألماني، أولاف شولتز، الضوء الأخضر لإرسال أحدث دبابات «ليوبارد» إلى أوكرانيا، يقدر البولنديون أن النموذج الأقدم من «ليوبارد»، الذي التزمت برلين بإرساله، سوف يكون محدود الاستخدام دون قطع غيار من ألمانيا.

على الجانب الآخر، تشير برلين إلى أن الانتقادات توجه لشركات الأسلحة وليس للحكومة الألمانية (على اعتبار أن قطع الغيار المذكورة لا تتواجد ضمن مخزونات البلاد)، بينما حذر مراقبون من إمكانية أن تهدد المستويات المقلقة التي بلغها التوتر، تدفق الدعم الغربي لأوكرانيا،ولا يعتقد عضو مجلس أمناء حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي في ألمانيا مصطفى العمار أن تلك الخلافات من شأنها أن تغير من دعم «الناتو» لبولندا في توصيل الأسلحة إلى أوكرانيا.

دور رئيس

ولفت العمار، في تصريحات خاصة لـ«البيان» إلى أن «بولندا تلعب دوراً رئيساً في الحرب الراهنة، لا سيما فيما يخص موقفها ودعمها لأوكرانيا، وبالتالي يتعين أن يكون هناك حوار وتوافق في المهام»، منوهاً بأن «الخلافات بين بولندا وألمانيا ليست جديدة؛ ذلك أن هناك خلافات كثيرة بسبب السياسات المتعثرة لسنوات طويلة من قبل الاتحاد الأوروبي وألمانيا اليوم علينا أن نضع هذه الخلافات جانباً، وأن يكون التركيز على دعم أوكرانيا».

وشدد العمار على أن «بولندا تتحمل أعباء كثيرة مثلها مثل ألمانيا، لا سيما فيما يخص أزمة اللاجئين الأوكرانيين، ذلك أنها تحتضن أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ، كما أنها تلعب دوراً رئيساً في إمداد كييف بالأسلحة، وبالتالي يجب أن يكون هناك موقف واضح للحكومة الألمانية».

وبلغ إجمالي قيمة مساعدات الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا (العسكرية والمالية والإنسانية)، 49 مليار يورو، ويدرس حالياً تخصيص مليار يورو من الدعم الإضافي، لتوفير ذخائر تحتاجها كييف بشدة.

ومن برلين، قال الكاتب الصحافي، المتخصص في العلاقات الدولية، محمد الخفاجي، في تصريحات لـ«البيان»: «لا أظن أن تلك الخلافات من شأنها أن تؤثر على دعم أوكرانيا، لا سيما أنها غير مرتبطة بخلاف على مبدأ دعم كييف أو الموقف من الحرب».

مشكلات تاريخية

وبين أن التوتر بين ألمانيا وبولندا «ليس مسألة آنية وليدة اللحظة؛ ذلك أن الجارتين تجمعهما مشكلات تاريخية مختلفة في محطات ومواقف عديدة»، ذاكراً منها: الخلافات الحدودية قديماً، وصولاً إلى الخلافات الحالية حول اتهامات تباطؤ برلين في مسألة إرسال السلاح، ومروراً بالخلافات المرتبطة بالعلاقات الروسية الألمانية، إبان عهد المستشارة الألمانية السابقة، إنجيلا ميركل، ورفض بولندا لخط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2» وغيرها من محطات الخلاف المتجددة.

ويحاول «الناتو» ألا يظهر مثل تلك الخلافات الداخلية بين الأعضاء، حتى يقدم رسالة للطرف الروسي بأنه متماسك، لكن بين الحين والآخر تظهر مثل هذه الخلافات وعادة ما تُحل داخل الاتحاد الأوروبي وحلف «الناتو» بحسب الخفاجي.

Email