انتقادات واسعة لخطة بريطانية تستهدف «زوارق الهجرة»

خطة جديدة ومشددة من الحكومة البريطانية، أعلنتها وزيرة الداخلية سويللا برافرمان، لمواجهة زوارق الهجرة غير الشرعية القادمة لبريطانيا.

ووفق الخطة، التي طرحت أمام البرلمان، فإن القادمين لبريطانيا عبر زوارق هجرة غير شرعية، لن يتم التعامل معهم كطالبي لجوء، وسيحرمون من تقديم استئناف على هذا القرار، على أن يتم احتجازهم في أماكن مخصصة من قبل وزارة الداخلية، لمدة 28 يوماً كحد أقصى، قبيل إعادتهم إلى بلدانهم، أو أي بلد آمن ثالث، مثل رواندا، التي ترحب باستقبال المهاجرين، وفق اتفاق وقعته مع الحكومة البريطانية العام الماضي، وتحول لقانون، بعد موافقة البرلمان البريطاني عليه.

وزيرة الداخلية قالت إن خطتها الجديدة لا تنتهك الاتفاقيات الدولية، مثل الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، واتفاقية اللاجئين لعام 1951، ولكنها تحتاج إلى مزيد من العمل مع الجهات الدولية، لتوضيحها والعمل على تطبيقها، وهو ما يعد تراجعاً عن تصريحات سابقة لها بأن الخطة قد لا تتفق بنسبة 50 % مع الاتفاقية الأوروبية.

يذكر أن المحكمة الأوروبية أوقفت في يوليو الماضي، الاتفاق الذي تم بين بريطانيا ورواندا لنقل اللاجئين، بسبب انتهاكه للقانون الدولي وقوانين اللجوء.

من جهته، أشاد رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، بالخطة التي اعتبر أنها تقيد عمل تجار البشر والتهريب، وتحافظ على أرواح وسلامة المهاجرين من زوارق الهجرة غير الآمنة، متعهداً بالعمل مع البرلمان لتحويل الخطة إلى قانون، الصيف المقبل، مؤكداً أنها ستطبق بأثر رجعي منذ إعلانها أمام البرلمان.

داخلية وخارجية

فور الإعلان عن تفاصيل الخطة، واجهت الحكومة البريطانية انتقادات كبيرة، حيث قالت وزيرة الداخلية في حكومة الظل العمالية، ايفيت كوبر، إن الخطة تكريس لفشل المحافظين المستمر منذ 13 عاماً، مضيفة أن البلاد سوف تواجه فوضى بعد انتهاء فترة 28 يوماً المخصصة للاحتجاز، فمع عدم القدرة على ترحيل المهاجرين، سيتجولون في الشوارع بدون مأوى أو مساعدات.

مؤسسات أوكسفام، وصفت الخطة بغير القانونية وغير الإنسانية، وستؤدي إلى مزيد من القسوة والبؤس لأولئك الفارين من المعاناة إلى بر الأمان.

وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إنها «قلقة للغاية» من الخطة التي تمنح الحكومة الحق في تجريم واحتجاز وترحيل طالبي اللجوء، وهو ما «يعد انتهاكاً واضحاً لاتفاقية اللاجئين، كما سيقوض تقليداً إنسانياً طويل الأمد، يفخر به الشعب البريطاني».

البروفيسور ديفيد دان أستاذ القانون والعلاقات الدولية في جامعة برمنغهام، قال لـ «البيان» إنه من الصعب رؤية أي احتمال واقعي لترحيل الأشخاص الذين عبروا القناة في زوارق هجرة، بهدف اللجوء في بريطانيا، فاتفاقية اللاجئين الموقعة عليها بريطانيا تمنعها من تطبيق الخطة.

كما أنه لا يمكن احتجاز أي شخص بشكل قانوني إلى أجل غير مسمى، فمع عدم القدرة على إبعاد طالبي اللجوء، بسبب عدم وجود اتفاقيات ثنائية بين بريطانيا وأي دولة أوروبية على استقبال اللاجئين، يصبح السؤال، ماذا ستفعل الحكومة بعد انتهاء فترة الاحتجاز المذكورة في الخطة، ومع قرار المحكمة الأوروبية بعدم قانونية الاتفاق مع رواندا، يصبح لزاماً على بريطانيا التعامل على أرضها مع طالبي اللجوء.

نفس المصير

أما المحامي المختص في قضايا اللجوء والقانون الدولي، عمار بجبوج، فقال لـ «البيان»، إن خطة الهجرة غير الشرعية الجديدة، ستواجه نفس مصير خطة رواندا، حيث إنها لن تنجح دون موافقة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

المحامي المختص في قضايا اللجوء، أضاف أن بريطانيا حالياً أمام معضلة، فإما أن تستمر في احترام عضويتها بالمجلس الأوروبي، وقرار المحكمة الأوروبية، أو تنسحب من المجلس الأوروبي لإسقاط قراراته عنها، وهو الأمر المستبعد، نظراً لأن الاتفاقيات الموقعة تتجاوز قضايا اللاجئين، ومن غير المبرر أو الأخلاقي التراجع عنها بالانسحاب.