القارة السمراء.. من فرنسا إلى روسيا

لافروف خلال زيارة لإريتريا الأسبوع الماضي | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

مضى قرابة أسبوع على مهلة الشهر التي منحها المجلس العسكري الحاكم في بوركينا فاسو لفرنسا، كي تسحب قواتها من هذا البلد المنتمي لقارة كانت تقليدياً حديقة خلفية لفرنسا، الأمر الذي اعتبره تقرير لقناة «الحرة» الأمريكية أمس، أحدث علامة على انهيار نفوذ باريس في مستعمراتها السابقة، وإشارة جديدة على تزايد الحضور الروسي «بديلاً».

وتأتي نهاية مهمة القوات الفرنسية في بوركينا فاسو بعد عشرة أشهر من طردها من مالي المجاورة، حيث قضى الجيش الفرنسي ما يقرب من عقد من الزمن.

ويأتي الانسحاب الفرنسي من كلا البلدين، في الوقت الذي عزز قادة عدد من الدول الإفريقية علاقاتهم مع الكرملين.

وتنقل وكالة الأنباء الألمانية عن خبراء قولهم إنه مع تزايد المشاعر المعادية لفرنسا في العديد من مستعمراتها السابقة في غرب أفريقيا، تضطر باريس إلى التراجع عن المنطقة بشكل متزايد، بحسب ما أورده موقع «أفريقيا نيوز» الإخباري. وبعد أن أجبرت الحكومة العسكرية الحاكمة في مالي القوات الفرنسية على الانسحاب العام الماضي، حذا ضباط الجيش الذين يحكمون بوركينا فاسو المجاورة حذوهم وطلبوا من باريس سحب ما تبقى من قواتها الخاصة في غضون شهر.

يقول جان هيرفيه جيزيكيل، المتخصص في شؤون المنطقة من (مجموعة الأزمات الدولية)، إن «فرنسا تدفع ثمن رغبتها في الحفاظ على وجود سياسي وعسكري مهم للغاية في مناطقها السابقة».

الشريك الرئيسي

وخلال مقابلة تلفزيونية رسمية في 13 يناير، أخبر صحافي في بوركينا فاسو، السفير الروسي أليكسي سالتيكوف، أن «العديد من المواطنين يريدون من روسيا أن تكون الشريك الرئيسي لبلادهم في الحرب ضد الإرهاب». وأجاب سالتيكوف: تريد روسيا دعم جميع حلفائها الأفارقة. نحن نتطلع إلى تعزيز جهودنا في الكفاح من أجل عالم متعدد الأقطاب.

وكما هو الحال في مالي، اشتدت المشاعر المعادية للفرنسيين وتزايدت أعداد المتعاطفين مع روسيا في بوركينا فاسو، ورافق وصول المجلس العسكري إلى السلطة في سبتمبر هجوم على السفارة الفرنسية، رفع خلاله متظاهرون أعلام روسيا وهتفوا ضد فرنسا.

ويرى تقرير قناة «الحرة» أن القادة العسكريين الذين وصلوا إلى الحكم في كل من مالي وبوركينا فاسو وظفوا السخط الشعبي العارم تجاه فرنسا، في إعادة إحياء روابط قديمة كانت مع الاتحاد السوفييتي الذي درب وسلّح قوات عدد من البلدان الإفريقية. لكن وفقاً لموسى مارا، الذي شغل منصب رئيس الوزراء المالي خلال فترة حكم الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا، الذي أطيح به في انقلاب عام 2020، فإن الميل لروسيا في مالي لا علاقة له بـ«شعبية روسيا» بل «تعبير عن عدم شعبية فرنسا».

أمر واقع

في تأكيد على تحول النفوذ الروسي إلى أمر واقع، أقر مسؤول السياسات الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، بأن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه منع الدول الإفريقية من التبادل التجاري مع روسيا. وأضاف لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، «إذا كانت الدول الإفريقية راغبة بالتبادل التجاري مع روسيا، ففي هذه الحالة ما باليد حيلة، لا يمكنني منعهم من ذلك».

وكان بوريل قام بزيارة إلى جنوب أفريقيا، وبوتسوانا الأسبوع الماضي، عقب الجولة التي قام بها وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، والتي زار خلالها جنوب أفريقيا، وإسواتيني، وأنغولا، وإريتريا.

Email