المصالح تسمم خطط مكافحة التغير المناخي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تخوض الدول المشاركة في مؤتمر الأطراف حول المناخ «كوب 27» في شرم الشيخ، مفاوضات شاقة حول آليات مكافحة التغير المناخي وتعويض الدول المتضررة.

وصعوبة هذه المفاوضات التي لم يخرج إلا القليل منها إلى العلن، يشير إلى لغة المصالح التي تسمم أخطر تحدٍ تواجهه البشرية حيث سيؤثر التراخي الدولي على حياة مليارات الأشخاص في العالم، وسيكون اندلاع اضطرابات سياسية في دول تعاني من التداعيات المناخية، تحصيل حاصل.

تنافس على الموارد

هذا فضلاً عن الازدياد المحتمل في التنافس على الموارد بين الدول، بل حتى داخل الدولة الواحدة، ويتجلى ذلك في اعتراض سكان مدن نقل المياه إلى مدن أخرى في عديد من الدول. لذلك، فإنه في حال إخفاق العالم وضع خريطة طريقة سريعة التنفيذ خلال مؤتمر كوب 27، فسيجد العالم نفسه أمام تغيّر في البيئة الأمنية.

وازدياد احتمالات اندلاع نزاعات، وهو ما ترجحه تقارير ترصد بوادر التحولات الاجتماعية جراء أزمة المناخ. وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، واضحاً في تصريحه خلال القمة، بأن أزمة المناخ تتعلق بالأمن البشري والأمن الاقتصادي والأمن البيئي والأمن القومي وحياة الكوكب ذاتها، لكنه مع ذلك.

وعلى غرار كافة الدول الكبرى المساهمة في بقوة في الانبعاثات، لم يوضح آلية واضحة في كيفية إلزام الشركات العابرة للقارات بالحد من النشاط المضر بالمناخ حتى لو على حساب أرباحها ومصالحها!

سوء تغذية

تتقاطع الأزمات الناجمة عن التغير المناخي في عديد من مناطق الصراعات، مع أزمات سياسية وأمنية تفاقم من مأساة السكان.

وهذا هو حال الأطفال في شمال شرق سوريا حسب تقرير منظمة (أنقذوا الأطفال). ويعاني أكثر من 16 ألف طفل من سوء التغذية في هذه المنطقة بارتفاع تجاوزت نسبته 150 في المئة خلال ستة أشهر فقط.

ويعيش غالبية السوريين اليوم تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، كما يعاني 12.4 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، وفق برنامج الأغذية العالمي.

كما تشهد أزمة مياه حادة وموجة جفاف فاقمت الأوضاع سوءاً خلال السنوات الثلاث الماضية. ودعت منظمة «أنقذوا الأطفال» الدول المجتمعة في مؤتمر المناخ في مصر إلى الاعتراف بتأثيرات التغير المناخي على المجتمعات، مثل الجفاف في شمال شرق سوريا.

انبعاثات قياسية

ستتجاوز انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن استهلاك الطاقة الأحفورية مستواها القياسي في 2022 بعد تراجع خلال جائحة كوفيد-19، على ما أظهرت دراسة مرجعية. وستستعيد الانبعاثات الإجمالية لغاز الدفيئة الرئيسي المسؤول عن الاحترار المناخي بما يشمل تلك الناجمة عن قطع أشجار الغابات، المستوى المسجل في 2019 تقريباً.

وبهذه الوتيرة تتراجع بنسبة 50 % فرصة تجنب حصول احترار قدره 1.5 درجة مئوية في تسع سنوات، على ما قال العلماء في «غلوبال كربون بروجيكت».

واستناداً إلى حساباتهم سترتفع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الطاقة الأحفورية «بنسبة 1 % مقارنة بالعام 2021 لتصل إلى 36.6 مليار طن أي أعلى بقليل من مستويات 2019 قبل كوفيد- 19».

إحصاء الأشجار

أطلقت منظمة (سي تريز) غير الحكومية ومقرها ولاية كاليفورنيا الأمريكية خدمة بيانات لمساعدة الدول في الحد من إزالة الغابات ومراقبة عدد الأشجار لديها. وبناء على بيانات عن العشرين عاماً الماضية، تستخدم (سي تريز) تكنولوجيا متقدمة تعتمد على الأقمار الصناعية لمساعدتها في الكشف عن التغيرات التي تحدث في الغابات مثل تراجع مساحتها والحرائق التي تنشب فيها فضلاً عن إزالتها.

وطور فريق دولي من العلماء مشروع (سي تريز)، الذي يتيح بياناته عن كمية الكربون المخزن في الأشجار للتحميل، بقيادة ساسان ساتشي، وهو عالم مرموق في مختبر الدفاع النفاث التابع لناسا.

ويمكن أن يمنح المشروع صناع القرار أداة لتقييم الغابات والأشجار خارج مناطق الغابات الرسمية وداخلها أيضاً. ففي أفريقيا، أظهرت خرائط (سي تريز) بالقمر الصناعي أن ثلث الأشجار يقع خارج مناطق مصنفة على أنها غابات.

تمور غزة

يتسبب تغير المناخ في تراجع إنتاج التمور في قطاع غزة إلى النصف تقريباً هذا العام، إذ أدت أمطار في غير موسمها والطقس الحار في اضطراب عملية التلقيح التي تتم في فصل الربيع. وحسب توقعات رسمية قد ينخفض إنتاج التمور هذا العام إلى 10 آلاف طن من 16 ألف طن في العامين الماضيين بعد ربيع شهد طقساً بارداً ورطباً على غير العادة.

وفي حين أنه قد يصعب تحديد كيف يؤثر تغير المناخ على ظواهر جوية بعينها، زادت قدرة العلماء على تحديد مدى احتمالية وقوع مثل هذه الظواهر بسبب ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية.

وتوقع أحد التقارير الحديثة أن تشهد منطقة شرق البحر المتوسط والشرق الأوسط ارتفاعاً في درجات الحرارة أسرع مرتين من المتوسط العالمي تقريباً، مع ارتفاع الحرارة بشكل عام بنحو خمس درجات مئوية أو أكثر بحلول نهاية القرن.

Email