تكنولوجيا المناخ شركات أفريقية ناشئة تجذب المستثمرين

ت + ت - الحجم الطبيعي

تقدم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الخضراء حلولاً تساعد البلدان على الالتزام بأهداف اتفاقية باريس المتمثلة في الحد من ارتفاع الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، ما يجذب اهتمام المستثمرين المتزايد.

وفي وقت تدفع قارة أفريقيا فاتورة هائلة للتغير المناخي رغم قلة مساهمتها في الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري مقارنة بالدول الصناعية الكبرى، بدا الاهتمام يتزايد بالشركات الناشئة التي تعمل على التخفيف من تغير المناخ، وهي الشركات التي تلفت أنظار المستثمرين تجاه التقنيات التي يمكن أن تشكل مستقبل الطاقة في القارة.

تمكنت الشركات الناشئة في مجال الطاقة من جمع مئات الملايين من الدولارات في النصف الأول من العام الجاري 2022، طبقاً لشركة الأبحاث Magnitt، وقادت شركات الطاقة الأفريقية الناشئة 67 في المئة من رأس المال المذكور. كما سبق وأن سلط تقرير «حالة تكنولوجيا المناخ 2021» الصادر عن شركة PWC، الضوء على الجاذبية المتزايدة للقطاع في جميع أنحاء العالم.

عالمياً، ارتفعت الاستثمارات في تكنولوجيا المناخ في النصف الأول من عام 2021 لتصل إلى 87.5 مليار دولار على مستوى العالم، مقارنة بـ 28 مليار دولار في النصف الثاني من عام 2020.

وبحسب تقرير لصحيفة المواطن اليومية في تنزانيا، فإن المستثمرين صاروا يتجهون بشكل أكبر إلى الشركات الناشئة العاملة في مجال حماية البيئة والمناخ، والتي تقدم تقنيات مختلفة جديدة في هذا الصدد بما في ذلك شركات الطاقة الناشئة والواعدة، وذلك للاستفادة من الفرص الحالية.

الاستثمار في شركات التقنية الأفريقية الناشئة التي تركز على التخفيف من آثار تغير المناخ، وإن كان أمراً إيجابياً في حد ذاته، إلا أن التقرير المنشور يلفت إلى أن «التقييمات الخاصة بالاستثمار في تلك الشركات (الأفريقية) أقل بكثير من الشركات المماثلة في أي مكان آخر».

من بين أبرز العمليات التي تمت في هذا الصدد، عملية الاستحواذ على شركة الطاقة الشمسية الناشئة في غانا «بيغ أفريكا» من قبل شركة الطاقة البريطانية «بي بوكس»، والتي تعد من بين أهم الصفقات التي تمت في هذا المجال حتى الآن في القارة. الشركة الغانية الناشئة التي تم الاستحواذ عليها مختصة في تمويل ونشر الطاقة الشمسية بالنسبة للأسر والشركات الصغيرة والمتوسطة في غرب القارة.

وتقدم قروضاً لأنظمة الطاقة الشمسية المنزلية بنظام الدفع عند الاستخدام والري بالطاقة الشمسية للعملاء الذين لا يمكنهم الوصول إلى شبكة كهربائية، ويصل عدد عملائها إلى مليون، وتعمل في السنغال وغانا ومالي وساحل العاج، ويخدمها أكثر من 500 موظف في 100 مركز. وطبقاً لتقارير صحافية فإن الصفقة قدرت بمبلغ 200 مليون دولار في السادس من شهر سبتمبر الماضي.

الأسرع نمواً

بعملية الاستحواذ المذكورة أصبحت الشركتان أسرع شركات الطاقة النظيفة نمواً في القارة، بحجم عملاء يصل إلى 3.5 ملايين عميل في 10 دول عربية.يقول أستاذ التمويل والاستثمار في القاهرة، الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، إنه في ظل التوجه العالمي للحد من آثار التغير المناخي والتكيف مع أزمة المناخ، تلجأ بعض الشركات والصناديق العالمية للاستثمار في الشركات الناشئة التي تقدم حلولاً تقنية في هذا السياق، تستفيد منها عدد من البلدان، من بينها دول القارة الأفريقية.

ويلفت في تصريحات لـ «البيان» إلى أن إتاحة وتوجيه بعض الاستثمارات لدعم البيئة يعكس ذلك النهج، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه دائماً: «هل تلك الاستثمارات كافية لسد الفجوة ومعالجة الأزمة»؟. يعتقد بدرة بأنها غير كافية، في ظل عديد من الأمور من بينها هيمنة الشركات الكبرى العاملة بمصادر الطاقة غير النظيفة.

ويشير الخبير الاقتصادي إلى ضرورة توافر الإرادة السياسية الدولية «الحقيقية» من أجل التوسع في تلك التقنيات والالتزام بدعم البلدان النامية في مواجهة التغيرات المناخية، والوفاء بتعهدات تقديم 100 مليار دولار سنوياً لتلك البلدان لمساندتها في مواجهة أزمة المناخ.

ويعتقد الخبير الاقتصادي أن الرهان حالياً على قمة (كوب 27) في جمهورية مصر العربية، لوضع العالم أمام مسؤولياته، إلا أنه يرى أن تبعات الحرب في أوكرانيا قد قسمت العالم وتنعكس بدورها على جميع تلك المستهدفات.

وطبقاً لشركة الخدمات المهنية في لندن برايس ووترهاوس كوبرز، فإنه «رغم أن هذا المجال (الاستثمار في الشركات الناشئة التي تقدم حلولاً مناخية) يمثل فرصة تجارية كبيرة نظراً للقيمة المتأصلة المرتبطة بتقليل الانبعاثات، إلا أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لتوجيه هذا الاستثمار بشكل مناسب».

حلول تقنية

يقول رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الشافعي، إن الاستثمار في الشركات الناشئة التي توفر حلولاً تقنية لتكيف المجتمعات الأفريقية مع أزمة التغير المناخي، هو قطاع استثماري حديث نسبياً، في ضوء الاهتمام العالمي المتصاعد بالتحول إلى الاقتصاد الأخضر، بما يفتح المجال أمام الشركات العاملة في هذا المجال.

لا سيما مع التداعيات شديدة الخطورة التي يواجهها الاقتصاد العالمي جراء أزمة المناخ، والذي تبلغ خسائره نحو 23 تريليون دولار بسبب التغير المناخي، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

ويوضح لـ «البيان» من القاهرة، أنه لا مناص من توسعة نطاقات تلك الشركات وانتشارها، في ضوء الحاجة الماسة إلى التحول للاقتصاد الأخضر والالتزام بتوصيات الأمم المتحدة ومؤتمرات المناخ التي تضع الجميع أمام مسؤولياته، إن أراد العالم النجاة من الآثار السلبية للتغير المناخي. ويشير إلى أن بعض البلدان تتحول تدريجياً في هذا الإطار، وأن «العالم سيذهب إلى الاقتصاد الأخضر سواء بإرادته أو مضطراً..

لكن من الضروري أن يكون ذلك بأسرع وقت ممكن تجنّباً لتفاقم تداعيات التغير المناخي»، مشدداً على أن ذلك سيشكل جذباً لمزيد من الاستثمارات في الشركات الناشئة العاملة في هذا القطاع، لا سيما في أفريقيا التي تتعرض لأعنف التأثيرات المرتبطة بالتغير المناخي، وينعكس على اقتصاداتها.

طاقة نظيفة

ومن بين الأمثلة الدالة كذلك على ما التدفقات الاستثمارية في الشركات الناشئة العاملة بمجال الحد من التغير المناخي، قيام المؤسسة الكندية FinDev Canada (مؤسسة لتمويل التنمية تقدم حلولاً مالية ومساعدة تقنية للشركات في البلدان النامية) بضخ استثمارات بقيمة 13 مليون دولار في صندوق EEGF (التابع لإحدى شركات تسويق النفط الشهيرة.

والذي يستثمر في شركات الطاقة الناشئة في مرحلة مبكرة من النمو في جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا، ويسعى لزيادة الوصول إلى الطاقة النظيفة للأسر والشركات خارج الشبكات في المنطقة المحيطة بهم) وذلك في شهر يناير الماضي.

 

 

Email