المناخ في أسبوع

ثمن التفاوت.. مواءمة صعبة بين المناخ والتنمية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثبتت الأزمات العالمية المتتالية منذ تفشي جائحة كوفيد 19 مروراً بالحرب في أوكرانيا، أن السياسات الصديقة للبيئة تمضي في مسارين متعاكسين، وهي معضلة يتوجب على العالم حلها.

فمن جهة تعد جزءاً من عجلة «التنمية النظيفة» في الدول المتقدمة ذات البنية التحتية الصلبة في الطاقة والخدمات، ومن جهة ثانية تعتبر أداة معطلة للتنمية التقليدية في الدول الفقيرة التي تكافح لتأمين الاحتياجات الملحة لشعوبها ولا تملك ترف إيقاف مصادر تمويل احتياجاتها إلى حين تجهيز مضاريع الطاقة المتجددة.

هذه المعضلة كانت في صلب مناقشات الاجتماع التحضيري لمؤتمر الأطراف الدولي للمناخ بدورته الـ27 في كينشاسا، تمهيداً لمؤتمر المناخ السنوي «كوب 27» المقرر في نوفمبر المقبل في مصر.

ووضع رئيس وزراء جمهورية الكونغو الديمقراطية جان ميشال سما لوكوندي، يده على الجرح، فالقارة الأفريقية تجد صعوبة متزايدة في الاختيار ما بين مكافحة الفقر المدقع الذي يقوضها والفاتورة الفادحة المترتبة للتكيّف مع التغير المناخي ما لم توفر لها الدول الصناعية «بدائل تكنولوجية ومالية مناسبة». وقالت وزيرة البيئة في الكونغو الديمقراطية إيف بازايبا «نحن بحاجة إلى الأكسجين، ونحن بحاجة أيضاً إلى الخبز».

ولدى أفريقيا إمكانيات هائلة لإنتاج الطاقة النظيفة من خلال الهيدروجين الأخضر، الذي يتم إنتاجه بطريقة محايدة مناخيا باستخدام الكهرباء الخضراء. وحالياً، تتزاحم الدول الأوروبية، في مقدمتها ألمانيا، لحجز حصصها من هذه المشاريع لضمان مستقبل أقل اضطراباً لمخزون الطاقة.

مدينة بلا إسمنت

تواجه مدينة عقرة الواقعة في إقليم كردستان العراق، كما بقية مناطق العراق، تداعيات التغير المناخي. وتسعى المدينة البالغ عدد سكانها 100 ألف نسمة، إلى مكافحة تأثيرات التغير المناخي معتمدةً على أساليب الأجداد.

وفي حين لا يزال يسمح باستخدام الاسمنت في البناء في الضواحي، هو ممنوع في البناء والترميم في وسط المدينة التاريخي منذ العام 1991، حينما حصل إقليم كردستان على الحكم الذاتي.

ويشرح بلند رضا زبير رئيس بلدية عقرة بأن «المباني الحجرية لديها بالتأكيد قدرة أكبر على المقاومة»، مضيفاً أن الحجر يسمح بالتخفيف من «تأثير التغير المناخي» لأن «الاسمنت يرفع درجات الحرارة ويؤثر على البيئة». وتستقدم الأحجار المستخدمة في عمليات إعادة الترميم من الجبال، ويشكل الحجر عازلاً حرارياً جيداً.

السلمون يحبط الصيادين

تشهد الأنهار الاسكتلندية انخفاضاً كبيراً في أعداد سمك السلمون البري الذي تشتهر به. ويدق صيادون وجمعيات بيئية ناقوس الخطر في شأن تأثيرات الاحترار المناخي وإزالة الغابات وانتشار الحشرات، على انخفاض أعداد سمك السلمون.

ويعتبر صيادون على غرار إيان غوردون، أنّ انخفاض أعداد السلمون يعود جزئياً إلى الصيد الجائر للرنكة، وهو نوع يقوم عليه «نظام إيكولوجي كامل» في المملكة المتحدة. وبسبب انخفاض أعداد الرنكة، أصبح سمك السلمون الذي يصل إلى المحيط فريسة للأنواع الأكبر منه.

ويقول مدير جمعية «وايلدفيش سكوتلند» أندرو غراهام ستيوارت «لدينا مشكلة كبيرة في المحيط، ويبدو أن التغير المناخي هو العامل الرئيسي فيها».

حياة الترحال تتلاشى

رغم أن نمط حياة الرحّل هو الأكثر تأقلماً مع الطبيعة، إلا أن قساوة الجفاف جعل الحصول على المياه والكلأ للماشية في غاية الصعوبة، وهو ما يواجهه الرحل في المملكة المغربية.

ويعتمد الترحال الرعوي على التنقل سعياً وراء الكلأ للماشية، وهو نمط معمول به في المغرب منذ آلاف السنين، لكنه يتجه اليوم نحو الاندثار. ولا يتعدى عدد الرحل نحو 25 ألف شخص، وفق آخر إحصاء للسكان في المغرب العام 2014، مقابل نحو 70 ألفاً في العام 2004، ما يمثل تراجعا بقرابة الثلثين في عشرة أعوام.

ويوضح الباحث الأنتروبولوجي أحمد سكتاني أن «الرحل كانوا دائماً بمثابة مقياس للتقلبات المناخية، إذا فقدوا اليوم القدرة على التحمّل، رغم تعوّدهم العيش في شروط قاسية، فذلك يعني أن الظرف بات خطيراً».

الجفاف يتمدد

خلصت مجموعة باحثين من حول العالم إلى أنّ التغيّر المناخي الناجم عن النشاط الإنساني «زاد 20 مرة على الأقلّ من احتمالات» حدوث الجفاف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. وقالت الدراسة إنّ خطر حدوث جفاف للتربة كالذي شهدته أوروبا والصين والولايات المتّحدة يمكن أن يتكرّر في ظلّ المناخ الحالي مرّة كلّ 20 سنة مقابل مرة كلّ 400 سنة أو حتّى أقلّ من ذلك في حال لم يكن هناك احترار.

وأجرى الدراسة باحثون من شبكة «وورلد ويذر أتريبيوشن» التي تضمّ كوكبة من العلماء الروّاد في مجال دراسة العلاقة السببية بين الظواهر الطبيعية المتطرّفة والتغيّر المناخي.

وعانت من ظاهرة الجفاف في فصل الصيف دول أوروبية عديدة، بدءاً بفرنسا حيث جفّت أنهار واضطرت مناطق عدة إلى فرض نظام تقنين لاستخدام المياه. كما تأثّرت بهذه الظاهرة أجزاء من الولايات المتّحدة والصين.

 

Email