أوكرانيا تحصي المكاسب في الجنوب وروسيا تؤكد الصمود

ت + ت - الحجم الطبيعي

أحصت أوكرانيا للمرّة الأولى أمس الخميس مكاسبها في الجنوب، كاشفةً أنّها استعادت 500 كيلومتر مربّع في أسبوعين، في وقتٍ أكّدت القوّات الروسيّة أنّها تُحافظ على صمود خطّها الدفاعي.

ويشنّ الجيش الأوكراني هجوماً على جميع الجبهات منذ بداية سبتمبر، وقد استعاد بالفعل القسم الأكبر من منطقة خاركيف في الشمال الشرقي، ومناطق لوجستيّة مهمّة مثل إيزيوم وكوبيانسك وليمان. 

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مساء أمس الخميس، إنّه منذ الأوّل من أكتوبر، وفي منطقة خيرسون وحدها، تمّ تحرير أكثر من 500 كيلومتر مربّع من الأراضي وعشرات القرى.

وهاجمت موسكو أمس الخميس تصريحات لزيلينسكي تحدّث فيها عن "ضربات وقائيّة" على روسيا، قبل أن توضح كييف أنّ رئيسها كان يتحدّث عن عقوبات وقائيّة وليس عن ضربات نوويّة.

وقال الرئيس الأوكراني "ماذا الذي يتوجّب على حلف شمال الأطلسي أن يفعله؟ القضاء على إمكان أن تستخدم روسيا أسلحة نوويّة. لكن خصوصًا، أوجّه نداءً جديدًا إلى المجتمع الدولي، كما قبل 24 فبراير: ضربات وقائيّة ليعلموا (الروس) ماذا سيكون مصيرهم إذا استخدموا" أسلحة نوويّة.

ووجّه الكثير من المسؤولين الروس الكبار مساء أمس الخميس انتقادات لتصريحات زيلينسكي. وقال المتحدّث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، كما نقلت عنه وكالة ريا نوفوستي، إنّ "تصريحات مماثلة ليست سوى دعوة إلى البدء بحرب عالميّة جديدة مع تداعيات وحشيّة وغير متوقّعة".

معاقبة المعتدي

قالت المتحدّثة باسم القيادة العسكريّة في الجنوب نتاليا غومينيوك "حررت القوّات المسلّحة الأوكرانيّة أكثر من 500 كيلومتر مربّع من منطقة خيرسون منذ مطلع أكتوبر"، محدّدةً للمرّة الأولى مدى تقدّم الأوكرانيّين.

وكان زيلينسكي أعلن مساء الأربعاء استعادة ثلاث بلدات في هذه المنطقة، مؤكداً أنّ الهجوم المضاد الذي تشنّه كييف مستمر.

والخميس، طلب زيلينسكي أمام القادة الأوروبيين المجتمعين في براغ مواصلة تقديم المساعدة العسكرية الى كييف بحيث "لا تتقدم الدبابات الروسية نحو وارسو او براغ"، مضيفا "ينبغي معاقبة المعتدي".

وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس الخميس أنّ باريس تدرس إرسال مدافع قيصر إضافية إلى أوكرانيا، التي تحاول منذ أكثر من سبعة أشهر دحر الجيش الروسي عن أراضيها.

وفي مؤشّر إلى انزعاج الكرملين، استدعت موسكو السفير الفرنسي بيار ليفي الخميس بسبب تسليم فرنسا أسلحة لأوكرانيا.

وأكدت القوات الأوكرانية استعادة 29 بلدة من الروس منذ الأول من أكتوبر.

من جهته، أكد الجيش الروسي في تقريره اليومي أمس الخميس أنّ "العدو أُبعد من خط دفاع القوات الروسية" في هذه المنطقة ذاتها في خيرسون.

وأشار إلى أن القوات الأوكرانية نشرت أربع كتائب تكتيكية على هذه الجبهة، أي عدّة مئات من العناصر، و"حاولت عدّة مرّات اختراق الدفاعات" الروسية قرب دودتشاني وسوخانوفي وسادوك وبروسكينسكوي.

بدوره، أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أنّه ستجري "استعادة" المناطق التي فُقدت.

"الوضع أفضل"

على مسرح العمليات، أكّد الجنود الأوكرانيون الذين التقتهم وكالة فرانس برس أخيراً أنّهم يرون "ضوءا في نهاية النفق" بفضل نجاحاتهم الأخيرة، بعد أكثر من سبعة أشهر من الحرب المرهقة.

وقال بوغدان البالغ 29 عاماً "أصبح الوضع أفضل الآن"، مضيفاً "نرى نجاحاتنا وهو مصدر إلهام لنا. إذا اعتقد البعض أننا لم نكن نسير بالسرعة الكافية، فتلك ليس هي الحال الآن!".

يأتي ذلك فيما يستمر القصف على مختلف الجبهات، مخلّفاً بشكل خاص ثلاثة قتلى وسبعة جرحى في زابوريجيا الواقعة في جنوب أوكرانيا، والتي تعدّ من المناطق التي تدّعي موسكو ضمّها.

وشاهدت وكالة فرانس برس موقعين في وسط المدينة دمرتهما القنابل. وقد انهار كل شيء على الأرض، ممّا أثار مخاوف من ارتفاع حصيلة القتلى. وعلى بعد بضع مئات من الأمتار، تظهر حفرة بعمق عدة أمتار أمام مبنى سكني بسقف محطّم، وكذلك معظم النوافذ.

في الشرق، في منطقة دونيتسك التي ضمّتها موسكو أيضاً، لقي ما لا يقل عن 14 شخصاً مصرعهم وأصيب ثلاثة آخرون في الساعات الأربع والعشرين الماضية في المناطق الخاضعة لسيطرة كييف، وفقاً للرئاسة الأوكرانية.

واستقبلت كييف الخميس مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي الذي من المقرّر أن يتوجّه إلى موسكو قريباً.

وناقش المسؤول خصوصا إنشاء "منطقة حماية" حول محطة الطاقة النووية في زابوريجيا، والتي تُستهدف بانتظام بقصف يتبادل الروس والأوكرانيون الاتهامات بشأنه.

وشدد غروسي على أن هذا المحطة الأكبر من نوعها في أوروبا، لا تزال "بالتأكيد" أوكرانية رغم استحواذ موسكو عليها رسميا الأربعاء عبر مرسوم وقعه الرئيس فلاديمير بوتين.

وأضاف "نستمر في قول ما ينبغي القيام به، أي تفادي حادث نووي في المحطة، الأمر الذي يبقى احتمالا واضحا جدا"، منددا بـ "ظروف لا يمكن تحملها" يعمل في ظلها الطاقم الأوكراني في المحطة.

على الصعيد الدبلوماسي، التقى 44 من القادة الأوروبيين في براغ أمس الخميس في صيغة غير مسبوقة، بهدف التأكيد على عزلة موسكو.

وكان الاتحاد الأوروبي قد وافق الأربعاء على حزمة ثامنة من العقوبات ضد موسكو. وجاء ذلك فيما قرّر تحالف "أوبك+" خفضاً جذرياً في حصص إنتاج النفط لدعم الأسعار، بينما يبقى الوقود مصدر الدخل الرئيسي لروسيا.

Email