الناتو "يعسكر" أوروبا.. وروسيا: قمة مدريد "عدائية"

ت + ت - الحجم الطبيعي

يسعى حلف شمال الأطلسي "ناتو" بقيادة الولايات المتحدة إلى تكثيف وجوده العسكري في أوروبا كي يتمكن من "الردّ على التهديدات الآتية من كافة الاتجاهات وفي كلّ المجالات: برًا وجوًا وبحراً"، كما يقول، حيث توعدت واشنطن بزيادة عدد مدمراتها في إسبانيا والانتشار الإضافي في دول البلطيق وأوروبا عموماً، فيما أظهرت روسيا اليوم الأربعاء عدم خوفها من إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا، على خلفية توترات شديدة مع موسكو.

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن من مدريد الأربعاء: إن "قمة الحلف "تطبع التاريخ"، إنه سيتمّ تعزيز الوجود العسكري والإمكانات العسكرية الأمريكية في إسبانيا وبولندا ورومانيا ودول البلطيق وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا.

وأضاف بايدن: "نحن على الموعد ونثبت أن الناتو ضروري أكثر من أي وقت مضى".

وتابع: إن "بلاده "ستعزز وجودها العسكري في أوروبا" كي يتمكن حلف شمال الأطلسي (ناتو) من "الردّ على التهديدات الآتية من كافة الاتجاهات وفي كلّ المجالات".

وأشار إلى أن الولايات المتحدة سبق أن نشرت هذا العام "20 ألف عسكري إضافي في أوروبا لتعزيز صفوفنا ردًا على الخطوات العدوانية التي تقوم بها روسيا".

وقال: إن "واشنطن ستزيد عدد مدمّراتها في قاعدة روتا البحرية في إسبانيا، الى ستّ بدلًا من أربع سابقًا، وستقيم واشنطن في بولندا، "مقرًّا عامًّا دائمًا للفيلق الخامس في الجيش الأمريكي".

وأضاف: "سنبقي على لواء إضافي" مؤلف في المجمل من خمسة آلاف عنصر ومقرّه رومانيا، وسنقوم "بعمليات انتشار إضافية في دول البلطيق".

وتابع: "سنُرسل سربَين إضافيَين" من طائرات إف-35 المقاتلة إلى المملكة المتحدة و"سننشر قدرات دفاعية جوية إضافية" في ألمانيا وإيطاليا.

ورأى بايدن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان يريد "جعل أوروبا مثل فنلندا" أي جعل الدول الأعضاء في الناتو تتبنى موقفًا حياديًا، هو تاريخيًا موقف دول شمال أوروبا، إلا أنه يشهد بخلاف رغبته، توسعًا للحلف ليشمل دول أوروبية إضافية.

وتستعد فنلندا المعروفة تاريخيًا بحيادها، والسويد للانضمام إلى الناتو، بعد رفع الفيتو التركي مساء الثلاثاء، فيما أبدى الحلف وحدة لا تشوبها شائبة تقريبًا منذ بداية الحرب على أوكرانيا.

رسالة ردع

ورحبت بولندا اليوم الأربعاء بتعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بإنشاء قاعدة عسكرية على أراضيها باعتباره تحقيقا لحلم طال انتظاره وخطوة من شأنها أن تبعث رسالة ردع واضحة إلى روسيا.

وأبلغ بايدن قمة لحلف شمال الأطلسي في مدريد اليوم الأربعاء بأن الولايات المتحدة ستعزز قواتها وعتادها في أنحاء أوروبا وستقيم مقرا دائما لجيشها في بولندا بغية التصدي للتهديدات الناشئة المحتملة من جانب روسيا في أعقاب غزوها لأوكرانيا.

ومنذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية في عام 2014، تعتبر بولندا زيادة القوات على الجانب الغربي للحلف أمرا بالغ الأهمية لضمان أمن وسط أوروبا في مواجهة نزوع روسيا المتزايد نحو الهيمنة وبسط النفوذ، وتسعى منذ فترة طويلة لاستضافة قاعدة عسكرية أمريكية دائمة على أراضيها.

وقال جاكوب كوموتش مستشار السياسة الخارجية للرئيس البولندي لرويترز "إنه تتويج لمفاوضات طويلة وحثيثة حول هذا الأمر، وفي الوقت نفسه، إشارة واضحة جدا على أن الأمريكيين يعتزمون زيادة وجودهم في بولندا وليس تقليصه".

وكتب نائب وزير الخارجية مارشين زيداتش على تويتر "شيء بدا مستحيلا بالنسبة لكثيرين أصبح حقيقة اليوم".

وأضاف "(أن يكون) لدينا وجود دائم للولايات المتحدة في بولندا...إنها أيضا إشارة واضحة لموسكو".

وزار بايدن بولندا في مارس، وقال أمام القوات الأمريكية الموجودة هناك إنها "في خضم معركة بين الأنظمة الديمقراطية وأنظمة حكم القلة".

وقال جاروسلاف كاتشينسكي زعيم الحزب الحاكم في بولندا في أبريل نيسان إن وارسو ستكون منفتحة على فكرة نشر أسلحة نووية أمريكية على أراضيها وسترحب بزيادة قدرها 50 بالمئة في عدد القوات الأمريكية في أوروبا في تصريحات انتقدها الكرملين.

وقبل اندلاع التوتر بين روسيا والغرب بشأن أوكرانيا، كان للجيش الأمريكي نحو 4500 جندي في بولندا في إطار قوات حلف شمال الأطلسي أو بموجب اتفاق ثنائي بين الجانبين، ويتمركز معظمهم في غرب البلاد على أساس التناوب.
وأرسلت واشنطن منذ ذلك الحين قوات وعتاد إضافي إلى بولندا على نحو مؤقت. وقال الحلف في يونيو حزيران إن لديه حاليا 11600 جندي من دول أخرى في بولندا، وهو عدد يشمل قوات من دول أعضاء أخرى في الحلف مثل بريطانيا.

وتقع بولندا على حدود أوكرانيا وبالقرب من روسيا البيضاء حليفة روسيا.

ومنذ بدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا في 24 فبراير الماضي، قدّمت لندن دعماً عسكرياً هائلاً لكييف بلغت قيمته الإجمالية 1.5 مليار يورو، وهو ما لم يحسبه الناتو بالكامل.

ورفض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مراراً وتكراراً الدعوات إلى زيادة كبيرة في ميزانية الدفاع البريطانية، حيث أصر على أن مراجعة الإنفاق العام الماضي "عززت مكانة بريطانيا كأكبر منفق على الدفاع في أوروبا"، بحسب ما ذكرت صحيفة الصن البريطانية.

لكن وزير الدفاع بن والاس ووزيرة الخارجية ليز تروس أعلنا، أمس، عن دعواتهم لضخ المزيد من الأموال للتأكد من أن بريطانيا تحقق هدفها، وكانا مدعومين من كبار الضباط وحزب العمال الذين انتقدوا تخفيض أعداد القوات.

قمة "عدائية"  
أما روسيا، فقد وصفت توسيع عضوية الناتو إلى فنلندا والسويد بالخطوة "المزعزعة للاستقرار إلى حد كبير".
وقال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي الأربعاء إن قمة حلف شمال الأطلسي في مدريد تؤكد "عدائية" الحلف حيال روسيا ".
وأضاف لوكالات الأنباء الروسية أن "قمة مدريد تعزز مسار الاحتواء العدواني الذي ينتهجه الحلف حيال روسيا".

 

 

Email