تنظيم حيازة الأسلحة وإلغاء حق الإجهاض.. يقسمان الأمريكيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

أفاق الأمريكيون على تحوليْن تاريخييْن، مثّل تبني الكونغرس قانوناً ينظّم حيازة الأسلحة ضلعهما الأول، فيما تمثّل التحوّل الآخر في إنهاء المحكمة العليا حق الإجهاض، والذي كان وقعه مزلزلاً على الكثيرين، وأثار انقساماً كبيراً بين دموع الفرح ونظرات الوجوم.

وتبنى الكونغرس الأمريكي، وسط التصفيق، قانوناً نال دعم أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، يهدف إلى تنظيم حيازة الأسلحة ويُعتبر الأهم منذ نحو 30 عاماً، لكنه يبقى أقل بكثير مما كان يأمل به الرئيس جو بايدن، وبعد تبنيه في مجلس الشيوخ، وافق مجلس النواب على القانون، الذي يشمل حزمة إجراءات تفرض قيوداً جديدة على الأسلحة، وتُخصص مليارات الدولارات لتمويل قطاع الصحة العقلية والسلامة المدرسية. ويأتي القانون ثمرة مبادرة انطلقت عقب مجزرة راح ضحيتها 21 شخصاً، بينهم 19 طفلاً قُتلوا برصاص شاب اقتحم مدرستهم في يوفالدي بولاية تكساس أواخر مايو الماضي، فضلاً عن مجزرة بافالو في ولاية نيويورك، حيث قتل 10 أشخاص سود في سوبرماركت في منتصف مايو. ويوفر القانون دعماً لقوانين في كل ولاية على حدة، تُتيح للسلطات أن تنزع من كل شخص تعتبره خطراً، الأسلحة النارية التي بحوزته. كما يفرض نص القانون التحقق من السجلين الجنائي والنفسي لكل شاب يراوح عمره بين 18 و21 عاماً، ويرغب في شراء سلاح ناري، وكذلك تمويل برامج مخصصة للصحة العقلية، إلا أن هذه التدابير المقترحة، تبقى بعيدة جداً عما يريده بايدن، مثل حظر البنادق الهجومية.

ويعتبر اتفاق النواب الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس نادراً، لا سيما بشأن هذا الموضوع المثير للانقسام.

ومن بين النواب الجمهوريين في الكونغرس، لم يعمل 14 نائباً بموجب تعليمات زعيمهم كيفن مكارثي بالتصويت لصالح مشروع القانون، وجاء التصويت غداة إلغاء المحكمة العليا، ومعظم قضاتها من المحافظين، قيوداً مفروضة على حمل الأسلحة أقرت منذ العام 1913 بموجب قانون ولاية نيويورك، الذي ينص على إثبات وجود حاجة مشروعة أو سبب مناسب للحصول على تصريح لحمل مسدس في الأماكن العامة، وبالتالي، أكد القرار الجديد بوضوح وللمرة الأولى أن للأمريكيين الحق في حمل السلاح خارج منازلهم.

ورداً على تمرير قانون تنظيم حيازة الأسلحة، أشاد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر بالمجلس لقيامه بشيء كان يعتقد كثر قبل أسابيع أنه مستحيل، فيما أكد نظيره الجمهوري، ميتش ماكونيل، أن هذا القانون سيجعل الولايات المتحدة أكثر أماناً دون جعل بلدنا أقل حرية.

وفور الكشف عن نص القانون، أعربت «ناشونال رايفل أسوسييشن» الأمريكية وهي جمعية نافذة للدفاع عن الحق في حمل السلاح، عن معارضتها إياه، معتبرة أنه يمكن استخدامه لتقييد شراء الأسلحة المشروعة، وقالت في بيان: إن القانون يعطي صلاحية أكبر للمسؤولين ويشمل أيضاً أحكاماً غير محددة وعامة جداً، ما يسهم في التدخل في الحريات الدستورية.

توقيع

وبعد ساعات من مصادقة الكونغرس، وقع الرئيس جو بايدن، على أول مشروع قانون فدرالي مهم لتنظيم حمل الأسلحة في الولايات المتحدة منذ عقود، قائلاً: إنه ورغم أنه لا يفي بما هو مطلوب فعلاً، فإنه ينقذ أرواحاً، وقال بايدن في البيت الأبيض قبل مغادرته لحضور اجتماعات مجموعة السبع في ألمانيا: «رغم أن هذا القانون لا يشمل كل ما أريده، فإنه يتضمن إجراءات كنت أدعو إليها منذ فترة طويلة، والتي من شأنها إنقاذ أرواح».

وأضاف بايدن: «رسالة ضحايا عمليات إطلاق النار الجماعي هي افعلوا شيئاً بحق الله، افعلوا شيئاً حسناً، لقد فعلنا ذلك اليوم»، واصفاً القانون الجديد، الذي حظي بتأييد نادر من المعسكرين الديمقراطي والجمهوري بأنه إنجاز هائل، وأردف: «في وقت يبدو من المستحيل إنجاز أي شيء في واشنطن، قمنا بأمر مهم، أعلم أن هناك عملاً كثيراً يتعين القيام به ولن أستسلم أبداً».

إجهاض

وبعدما دفنت المحكمة العليا، الحق في الإجهاض في تغيير تاريخي، اغتنم عدد من الولايات الفرصة لحظر عمليات إنهاء الحمل على أراضيها على الفور. وبعد ساعات قلائل من القانون، أعلنت سبع ولايات على الأقل، منها لويزيانا وألاباما وكنتاكي، أنّ كل عمليات الإجهاض غير قانونية، فيما تعهدت الولايات التي يقودها الديموقراطيون، مثل نيويورك وكاليفورنيا وأوريغون وواشنطن أن تكون ملاذات للإجهاض.

وتظاهر آلاف الأشخاص، في نيويورك وبوسطن، معبّرين عن غضبهم على إلغاء الحق في الإجهاض. وطالبت شابات شكلن الغالبية، وحملن أوشحة خضراء ورفعن لافتات خلال مسيرة بين ميدانين مشهورين في مانهاتن، باستعادة حقوقهن واحترامها.

وشاركت حاكمة ولاية نيويورك الديموقراطية، كاثي هوشول في التظاهرة، منددة بما أسمته تراجع حقوق ملايين الأمريكيات، متهمة المحكمة العليا بأنها الأكثر رجعية.

وانتقد الرئيس جو بايدن، حكم المحكمة العليا، مشيراً إلى أنّ إدارته ستركز على كيفية تنفيذ الولايات لهذا القرار، والتأكد من أنها لم تنتهك قوانين أخرى.

كما قالت كارين جان- بيير، الناطقة باسم البيت الأبيض، بايدن سيواصل البحث عن حلول في أعقاب إلغاء المحكمة العليا للحق الدستوري في الإجهاض، في الوقت الذي يُقيّم فيه البيت الأبيض الأوامر التنفيذية المحتملة. وأضافت جان-بيير: «لا شيء يمكن أن يملأ الفراغ الذي أحدثه هذا القرار، السبيل الوحيد لعودة الأمور لما كانت عليه هو أن يتخذ الكونجرس إجراء».

وفي أعقاب الحكم التاريخي بإلغاء الحق في الإجهاض تسعى المحكمة العليا لإعادة النظر في حقوق المثلية وزواج المثليين، إذ قال قاضي المحكمة العليا، كلارنس توماس، إنّ المحكمة العليا يجب عليها إعادة النظر في الأحكام التي تسمح بوسائل منع الحمل، والعلاقات المثلية وزواج المثليين.

Email