هو كل ما تبقى من رفاته.. بلجيكا تسّلم الكونغو ضرساً لباتريس لومومبا

ت + ت - الحجم الطبيعي

سلمت السلطات البلجيكية، عائلة بطل الاستقلال الكونغولي، باتريس لومومبا، ضرساً مغطّى بالذهب، هو كل ما تبقى من رفاته، وذلك في مراسم أقيمت بهذه المناسبة أمس الاثنين، في العاصمة بروكسل.

ويأتي ذلك بعد أسبوعين من تجديد الملك فيليب إعرابه عن تأسفه بشأن الاستعمار البلجيكي للكونغو، التي تبلغ مساحتها 75 ضعفاً لمساحة بلجيكا، وقال مطلع العشرية الثانية من الشهر الجاري أمام برلمان الكونغو الديمقراطية عن الحقبة الاستعمارية: هذا النظام كان قائما على علاقة غير متكافئة، لا يمكن تبريرها بحد ذاتها، طغى عليها التسلط والتمييز والعنصرية (..) وأدى ذلك إلى "تجاوزات وإذلال"، على حد تعبيره.

وبعد إتمام المراسم، تسلّمت عائلة لومومبا من المدّعي العام البلجيكي صندوقاً أزرق اللون يحتوي على السن، وذلك في قصر إيغمونت وسط بروكسل، حيث من المنتظر أن يلتقي رئيس الوزراء البلجيكي والمسؤولون الكونغوليون مع ممثلين عن العائلة، وفق "يورونيوز".

وكان لومومبا أول رئيس وزراء منتخب بشكل ديمقراطي في جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد استقلالها عن بلجيكا في العام 1960، لكنه أقلق الغرب بتودده لموسكو في ذروة الحرب الباردة، كما أغضب بلجيكا بخطاب انتقد فيه استعمار البلد الأفريقي. وقد استمرت حكومته ثلاثة أشهر فقط قبل الإطاحة به واغتياله مطلع العام 1961.

وتمّ تقطيع جثة لومومبا وتذويبها بحمض الكبريتيك، كي لا يبقى له رفاة تصبح فيما بعدْ محجّاً للثائرين ضد الاستعمار، وقد حصل المسؤولون البلجيكيون على الضرس الذي كان لدى ابنة مفوض الشرطة البلجيكي الذي أشرف على عملية إخفاء الجثة، والذي صرّح لوسائل الإعلام قبل وفاته في العام 2000، بأنه لا يزال يحتفظ بضرس لومومبا.

جدير بالذكر أن المدعي العام الفيدرالي البلجيكي، كان أكد قبل عامين، على أنه لا يوجد أي دليل قطعي بأن الضرس الذي حصلت عليه السلطات البلجيكية من ابنة الشرطي، هو ضرس لومومبا، ذلك لأن من يقطع الشكّ باليقين في مثل هكذا أمور هو إجراء اختبار للحمض النووي، وهو ما لا يمكن فعله مع ضرس معدني.

وكان باتريس لومومبا وُلد في العام 1925 بإقليم ستانليفيل في الكونغو التي كانت خاضعة للاحتلال البلجيكي حينها، ودرس القانون والاقتصاد، والتحق بعدها بالعمل السياسي مقاوماً للاستعمار، وأسس الحركة الوطنية العام 1958 وحظي بشعبية واسعة في بلاده، ما مكّنه من أن يتبوأ مكانه بارزة في المشهد السياسي في الكونغو ما دفع السلطات إلى اعتقاله.

وبعد ستة أشهر من الاعتقال، أفرج عن لومومبا لإنجاح المفاوضات التي كانت تجري في بروكسل لبحث مستقبل الكونغو، ونقل من السجن إلى بروكسل بالطائرة، وتم الاتفاق على استقلال الكونغو وإنهاء 80 عاما من الاستعمار البلجيكي.

وفي العام 1960، أجريت انتخابات نيابية في الكونغو حققت فيها الحركة الوطنية بقيادته انتصارا كبيراً، لكنّ المؤرخين يقولون إنه حين طلب المساعدة من الاتحاد السوفيتي لإخماد حركة انفصالية في منطقة كاتانغا الغنية بالمعادن، فقد الدعم البلجيكي، وكذلك الأمريكي.

وبالفعل، حين استولى الديكتاتور موبوتو سيسي سيكو على السلطة في انقلاب عسكري في وقت لاحق من العام المذكور، لم تتحرك القوى الغربية ضد الانقلاب، وبعدها تمّ اعتقال لومومبا وسجنه.

وقد أدى اغتيال لومومبا على يد الانفصاليين في شهر يناير من العام 1961، إلى تمهيد الطريق أمام موبوتو ليحكم البلاد، التي أطلق عليها فيما بعد اسم دولة زائير، عقوداً من الزمن انتهت بوفاته في العام 1997.

Email