لم يعد «سيد البرلمان».. ماكرون أول ضحايا حرب أوكرانيا في أوروبا

ت + ت - الحجم الطبيعي

سيقضي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، سنواته الخمس المقبلة، وهو يحاول استرضاء نواب في البرلمان من خارج كتلته، ليتمكن من الاستمرار في تسيير بعض أجندته الحكومية، التي تعرضت لانتكاسة كبيرة خلال الانتخابات التشريعية، ليصبح الرئيس الفرنسي أول ضحايا تداعيات الحرب في أوكرانيا، بحسب مراقبين، بسبب تفاقم الأزمة المعيشية على وقع ارتفاع التضخم الكبير واستثمار اليمين المتطرف للأزمة الاقتصادية.

فبينما حصل تحالف ماكرون المسمى (معاً)، على أكبر عدد من أصوات الناخبين في الجمعية الوطنية (البرلمان)، المؤلفة من 577 مقعداً، فإنه لم يحصل على العدد المطلوب لتحقيق أغلبية مطلقة، في تصويت شهد أداء قوياً من تحالف اليسار واليمين المتطرف.

وأظهرت الأرقام النهائية حصول معسكر ماكرون المنتمي لتيار الوسط على 245 مقعداً، وهو ما يقل عن العدد اللازم لتحقيق الأغلبية المطلقة، والذي يبلغ 289 مقعداً. وشكل التصويت انتكاسة مؤلمة لماكرون، الذي أُعيد انتخابه في أبريل، ويريد تعميق التكامل مع الاتحاد الأوروبي، ورفع سن التقاعد، وضخ دماء جديدة في القطاع النووي الفرنسي، كما يُنذر بفترة انعدام يقين، وربما عدم استقرار.

التضخم يقول كلمته

وقال إيمانويل ريفيير مدير الدراسات السياسية في معهد كانتار، لوكالة فرانس برس، إن مسالة القدرة الشرائية، لا سيما سعر البنزين، كان لها تأثير قوي في نتيجة التصويت، موضحاً «كانت مشاكل الحياة اليومية حاضرة في أذهان الفرنسيين أكثر مما هي في النقاش». وتواجه فرنسا، على غرار معظم الدول، ارتفاعاً في مستوى التضخم، نتيجة صدمات اقتصادية متتالية، آخرها تداعيات الحرب في أوكرانيا.

شهد التصويت تقدماً غير مسبوق لليمين المتطرف، بزعامة مارين لوبان، منافسته في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، مع حصوله على 89 نائباً، وإحياء ائتلاف اليسار بقيادة أقصى اليسار، المتمثل بجان لوك ميلانشون، والذي نال 131 نائباً. لكن الحزب اليميني التقليدي «الجمهوريون»، صمد ونال 61 نائباً، ويمكن أن يؤدي دور الحكم، وقد مد المعسكر الرئاسي اليد له.

وقالت رئيسة الوزراء الفرنسية، إليزابيث بورن، بعد إعلان النتائج «سنعمل على تشكيل غالبية عمل»، وذلك بعد إعلان النتائج، معتبرة أن هذه النتيجة «تمثل خطراً على بلدنا، في ضوء التحديات التي يتعين علينا أن نواجهها».

اللعب على خيارين

عملياً، أمام تحالف ماكرون خياران، هما إما أن يبرم اتفاقاً مع أحزاب أخرى على غرار الاتفاقات الحكومية في ألمانيا، أو أن يتفاوض على كلّ نصّ يريد تمريره. لكن كلّما كان عدد النواب الناقصين لبلوغ الأغلبية أكبر، كانت المسألة أكثر صعوبة.

ويضع هذا المشهد، البرلمان في قلب اللعبة السياسية في فرنسا، في سابقة، في ظلّ الجمهورية الخامسة، النظام الذي وضعه الجنرال ديغول عام 1958 بالتحديد، لتجنّب عدم الاستقرار في النظام البرلماني، الذي كان سائداً في ظلّ الجمهورية الرابعة.

ويقول دومينيك روسو أستاذ القانون الدستوري في جامعة بانثيون-سوربون لوكالة فرانس برس «بالنسبة لماكرون، ستكون هذه الولاية المؤلفة من خمس سنوات، ولاية مفاوضات وتسويات برلمانية. لم يعد الأمر حكم رجل مهيمن، إنما رئيس يعاني من نقص في الغالبية في الجمعية الوطنية».

 
Email