نهاية الرئاسة «القوية».. الفرنسيون يحرمون ماكرون من الغالبية في الجمعية الوطنية

ت + ت - الحجم الطبيعي

حرم الفرنسيون أمس الاحد إيمانويل ماكرون من الغالبية في الجمعية الوطنية لينهوا بذلك رئاسة كانت شديدة المركزية في الولاية الأولى، بعدما انتخبوه في ابريل رئيسا لولاية ثانية من خمس سنوات في ابريل.

ونال الفرنسيون ما كانوا يرغبون به جماعيا، مع عدد مقاعد يضع الائتلاف الرئاسي بعيدا عن المقاعد ال289 المطلوبة لتولي غالبية مطلقة، كما قال إيمانويل ريفيير مدير الدراسات السياسية في معهد كانتار لوكالة فرانس برس.

يقول إن "استطلاعات الرأي أجمعت بالواقع على الرغبة في عدم منح إيمانويل ماكرون الغالبية المطلقة، ولا لجان لوك ميلانشون" زعيم تحالف اليسار الذي دعا الفرنسيين الى "انتخاب رئيس الوزراء".

يرى جان-دانيال ليفي مدير عام "هاريس انترآكتيف" أن الناخبين وجهوا رسالة واضحة الى رئيس الدولة.

وقال لوكالة فرانس برس "بشكل عام، نحن نواجه مواطنين لديهم الشعور بانه لم يتم الاستماع إليهم كما كانوا يرغبون، بانه لم يتم الاستماع اليهم بشكل كاف من قبل إيمانويل ماكرون وهم يريدون تعبيرا آخر من جانب السلطة التنفيذية".

تحالف اليسار

وقال تحالف اليسار في فرنسا اليوم الاثنين إنه يعتزم طرح تصويت من أجل سحب الثقة من حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون في الخامس من يوليو تموز.
وتحالف اليسار هو ثاني أكبر تكتل في مجلس النواب بالبرلمان الفرنسي بعد الانتخابات التي جرت أمس الأحد، لكن ليس لديه ما يكفي من الأصوات للمضي قدما بمفرده في تصويت سحب الثقة، ويمتلك عددا قليلا من الحلفاء في برلمان في غاية التفتت.

وسيضطر العديد من حلفاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومن بينهم وزراء في الحكومة، للاستقالة من مناصبهم بعد خسارتهم لمقاعدهم البرلمانية.

وكان حزب ماكرون "الجمهورية إلى الأمام" يأمل في البناء على إعادة انتخاب الرئيس لولاية جديدة مؤخرا لتحقيق أغلبية برلمانية تمكّن الرئيس من المضي قدما في تنفيذ سياساته.

إلا أن الحزب فاز بـ 245 مقعدا من إجمالي 577 مقعدا، ما يجعله الكتلة البرلمانية الأكبر، لكنه في الوقت نفسه سيكون بحاجة إلى دعم من أحزاب أخرى لتمرير التشريعات.

وكان الحزب اتفق قبل الانتخابات على أن أي مسؤول حكومي لا يفوز بمقعد برلماني سيتنحى عن منصبه. ما يعني أن ماكرون سيبحث عن بدلاء لوزيرة البيئة أميلي دي مونتشالين ووزيرة الصحة بريجيت بورجينيون ووزيرة الدولة لشؤون البحار جوستين بنين.

ومن بين حلفاء ماكرون الذين خسروا مقاعدهم أيضا وزير الداخلية السابق كريستوف كاستانير ورئيس الجمعية الوطنية ريتشارد فيران .

وتطالب المعارضة أيضا باستقالة رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، التي تم تعيينها في منصبها قبل شهر واحد فقط. وقالت المتحدثة باسم الحكومة أوليفيا جريجوار في تصريح إذاعي إنه لم يتم بعد بحث المسألة، وأن الساعات القادمة ستحدد مصير بورن.

قلب البرنامج الزمني

ويعتبر إيمانويل ماكرون، أول رئيس أعيد انتخابه منذ اعتماد الولاية من خمس سنوات في 2002، هو أيضا أول رئيس يجد نفسه مع أقلية منذ قلب البرنامج الزمني الانتخابي الذي وضع الانتخابات التشريعية بعد الانتخابات الرئاسية والذي كان يعطي حتى الآن غالبية واضحة لرئيس الدولة المنتخب حديثا.

يقول ريفيير "لم تكن هناك عواقب لفوز ماكرون في الانتخابات الرئاسية على الانتخابات التشريعية"، مضيفا "حدث كل شيء كما لو كنا في استمرارية لمدة عشر سنوات، وانتهى الأمر بالانتخابات التشريعية ان تكون انتخابات وسيطة تكون صعبة عادة للحكومة وليس كانتخابات تشريعية تلي الانتخابات الرئاسية".

وأضاف ريفيير أن مسالة القدرة الشرائية لا سيما سعر البنزين كان لها تأثير قوي على نتيجة التصويت موضحا "كانت مشاكل الحياة اليومية حاضرة في أذهان الفرنسيين أكثر مما هي في النقاش".

هي مخاوف جعلها حزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبن موضع حملته الرئيسية ويمكن أن تفسر تقدمه التاريخي الذي أتاح له أن يصبح بلا شك القوة الثالثة في الجمعية الوطنية مع 67 إلى 102 مقعد.

بعد فترة بين الدورتين أعطت فيها الدعوة الى صد اليمين المتطرف رسائل متناقضة لا سيما ضمن الغالبية، كان أداء التجمع الوطني أفضل بكثير من هدفه بلوغ المقاعد ال15 اللازمة لانشاء تكتل.

وقال مارسيال فوكو مدير Cevipof في حديث لشبكة LCP، "لدينا تأكيد أنه في طريقة التصويت الخاصة هذه التي كانت تشكل عائقا حتى الآن أمام التجمع الوطني، حصل تفكك في الجبهة الجمهورية بالكامل، أو حتى ضاعت في طي النسيان في الجمهورية الخامسة".

وأضاف "هذه إحدى النقاط التي خلفت فيها استراتيجية إيمانويل ماكرون عواقب لم يسيطر عليها بالكامل: هذا الخطاب القائل إنه +بصرف النظر عني، لا يوجد سوى التطرف+ كان مدمرا بعض الشيء" بحسب ريفيير.

ولاية شبيهة بالأولى

مع وجود أغلبية نسبية في البرلمان، لن تكون ولاية إيمانويل ماكرون الثانية شبيهة بالاولى. ويقول دومينيك روسو استاذ القانون الدستوري في جامعة بانثيون-سوربون لوكالة فرانس برس "ليس هناك تجديد لرئاسة قوية جدا".

ويضيف "بالنسبة لماكرون، ستكون هذه الولاية المؤلفة من خمس سنوات، ولاية مفاوضات وتسويات برلمانية. لم يعد الأمر حكم رجل مهيمن إنما رئيس يعاني من نقص في الغالبية في الجمعية الوطنية".

يتابع "نحن نتجه نحو ولاية مدتها خمس سنوات سيتم فيها إعادة تأهيل دور البرلمان. هذه هي ممارسة كل الدول الأوروبية الأخرى".

مع نتيجة قريبة من 289 مقعدا، يمكن للرئيس أن يحكم عبر أقلية "تسعى للحصول على دعم على أساس كل حالة على حدة وفقا للقوانين" لا سيما لدى الأحزاب الصغيرة كما أوضح روسو.

لكن التوقعات تشير الى فجوة أوسع، ما يترك مارسيال فوكو متشككا حيال التحالفات قائلا "الصعوبات ستكون عديدة جدا في الساعات المقبلة لتحديد ما اذا كنا نتحدث عن اتفاق، إئتلاف حكومي".
 

 

Email