الأمل الأخير.. شباب في معركة تغيّر المناخ

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

«نحن آخر جيل بوسعه إنهاء تغير المناخ.. بوسعنا ذلك وسنقوم به».. عبّر خيشيجراغال، وهو شاب (24 عاماً) من منغوليا من خلال مقولته تلك، التي نشرتها الأمم المتحدة، ضمن تقرير لها على موقعها الرسمي، عن أهمية الدور الذي يُمكن أن يلعبه الشباب في خدمة الاستراتيجيات الوطنية، من أجل الحد من التغير المناخي.

 

«إن اتخاذ خطوات صغيرة في الاتجاه الصحيح (للتصدي لتغير المناخ) سيؤتي بثماره في المستقبل».. هذا ما أكده أحدث التقارير الصادرة عن مركز ديلويت للتقدم المستدام، والذي ذكر أن الاقتصاد العالمي مهدد بخسائر بقيمة 178 تريليون دولار بحلول العام 2070 بسبب أزمة المناخ، بما يستدعي القيام باستثمارات ضخمة من قبل الشركات العالمية والحكومات والمنظمات غير الربحية.

ويُمكن القول إنه من بين الخطوات التي قد تبدو للبعض صغيرة أو هامشية، لكنها ضرورية في الاتجاه الصحيح، والتي برزت بشكل لافت في المنطقة العربية- بالتزامن مع الجهود الحكومية المتفاوتة للتصدي للأزمة المناخية- هي تلك المبادرات الهادفة لإدماج الشباب كونه عنصراً فاعلاً ومؤثراً في قضايا المناخ، دعماً للخطط الوطنية المختلفة، تلك المبادرات التي تمخضت عن عديد من التحركات الشبابية، التي تضع قضية المناخ في الصدارة، لنشر الوعي بشأنها، بما يؤكد قدرات الشباب في دعم العمل المناخي.

في مصر، حيث تستضيف مدينة شرم الشيخ في نوفمبر المقبل قمة المناخ كوب 27، أطلقت وزارة البيئة العام الجاري مبادرة «رواد المناخ»، وهي مبادرة هادفة لدعم القدرات الوطنية لشباب الجامعات في مجال التغيرات المناخية.

مبادرات شبابية

شهدت مصر مبادرات شبابية عدة ذات صلة، من بينها مبادرة «مليون متطوع»، التي تم إطلاقها، من خلال مؤسسة الفريق التطوعي للعمل الإنساني، بالمشاركة مع جامعتي عين شمس والأزهر، وتحمل أهدافاً توعوية عدة للمجتمع المصري، من بينها الترويج للحد من العادات اليومية المُسببة لغازات الاحتباس الحراري، فضلاً عن إعداد وتطوير كوادر وقيادات وطنية، من خلال نماذج للتعاون والشراكة في مجال المناخ. كما تم إطلاق حركة «شباب من أجل المناخ» لحشد الطاقات في هذا السياق.

ومن بين نماذج المبادرات الشبابية المرتبطة بالعمل المناخي في مصر أيضاً، مبادرات جامعة الأزهر، التي يتم الإعداد إليها على هامش قمة المناخ (مبادرة ازرع شجرة، ومبادرة معاً ضد المخدرات، ومبادرة اختيار سفراء الأزهر للمناخ من طلاب جامعة الأزهر)، إلى جانب مبادرات أخرى محلية، أطلقتها جمعيات أهلية، من بينها مبادرات شبابية بمحافظة شمال سيناء (مبادرة لنتنفس هواء نقياً، ومبادرة اكسب بيئتك.. معاً لبيئة نظيفة، ومبادرة الأثر المعنية بالوعية بأثر التلوث البيئي الناجم عن إلقاء المخلفات في البحر).

تقرير صدر حديثاً عن مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، سلط الضوء على ما وصفه بـ«الطفرة الواضحة» التي حدثت في الفترات الأخيرة، والممثلة في الاهتمام بقضايا تغير المناخ لدى الشباب في الوطن العربي، واعتبر التقرير البحثي أن تلك الطفرة هي «تطور لا بد منه من أجل مجابهة هذه الأزمة قبل تفاقم آثارها وزيادة أخطارها».

مع نمو الوعي وإدراك الشباب لضرورة إيجاد حلول مبتكرة للتغلب على المشكلات البيئية، استطاعوا إيجاد الفرص والانضمام لمبادرات المجتمع المدني والمنظمات الدولية، من أجل تحقيق التنمية المستدامة التي تضمن حماية الكوكب لهم وللأجيال القادمة.

سلط التقرير البحثي الجديد الضوء على أحدث النماذج المضيئة للجهود الشبابية في إطار أزمة المناخ، من بينها ما تشهده جمهورية مصر العربية، ودولة الإمارات العربية المتحدة من حراك واسع في هذا الإطار.

مجلس الشباب

وسلط الضوء على أحدث تلك الجهود، التي شهدها مايو الماضي بالإمارات، ممثلة في إطلاق مركز الشباب العربي برنامجه التدريبي الأول من نوعه «الملتقى التدريبي لمجلس الشباب العربي للتغير المناخي»، وذلك بمشاركة أعضاء المجلس، استعداداً لاستضافة المنطقة العربية قمتي المناخ العالميتين (كوب 27 وكوب 28) في العامين الجاري والمقبل في مصر، والإمارات على التوالي، وبالتزامن مع طرح استراتيجيات الحياد المناخي، التي وضعتها دول المنطقة للعقود المقبلة.

ومن أهم مخرجات هذا الملتقى التدريبي، تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة رئيس مركز الشباب العربي، الإعلان عن إطلاق شبكة العمل المناخي الشبابي الهادفة إلى إشراك الشباب العربي من مختلف التخصصات في أنشطة وبرامج مواجهة التغير المناخي وتحقيق الاستدامة.

وفي السياق، يتحدث الخبير الحقوقي أيمن عقيل، عن أربع جهات أساسية منوط بها دعم جهود الشباب في استراتيجيات الحد من التغير المناخي، أول تلك الجهات «الحكومات العربية»، التي يقع على عاتقها العمل على إطلاق مبادرات جديدة في هذا الإطار بهدف إشراك الشباب، ضمن الاستراتيجيات التي تتبعها الدول العربية، من أجل الحد من التغير المناخي، وتنظيم فعاليات مختلفة تضم الجهات ذات الصلة لدمج الشباب في هذه الجهود.

الجهة الثانية هي «منظمات المجتمع المدني»، والتي يشدد على أهمية دورها في هذا الإطار كذلك، من خلال تنظيم فعاليات ومبادرات شبابية، يُمكن الاستفادة من نتائجها في تقديم الحلول الشبابية المختلفة للجهات الحكومية المختصة، إضافة إلى الجهة الثالثة، والتي تتمثل في وسائل الإعلام ودورها التوعوي بأزمة المناخ ودور الشباب. ويشير عقيل في الوقت نفسه إلى الدور المنوط بالمنظمات الدولية (المنظمات المانحة) لتقديم الدعم (بشقيه المالي والتقني) لتوجيه قدرات الشباب العرب في هذا السياق أيضاً.

جهود بارزة

التقرير البحثي المشار إليه، والذي حمل عنوان (الشباب العربي.. جهود بارزة لمكافحة التغيرات المناخية) أبرز كذلك جهوداً أخرى في هذا السياق؛ مثل ما تشهده سلطنة عمان من مبادرات، من بينها المسابقة الوطنية الهادفة إلى إذكاء تحسين التعليم للتخفيف من تغير المناخ، ومسابقة عمان لتصميم البيوت الصديقة للبيئة، بما يشجع بشكل كبير على دعم قدرات الشباب وتنفيذ خططهم وأفكارهم الإبداعية الصديقة للبيئة.

وفي السياق، تُبرز الباحثة بوحدة التنمية المستدامة في مؤسسة ماعت للتنمية والسلام، أهمية تلك الأدوار والمبادرات التوعوية «لا سيما في الدول التي تعاني من نزاعات في الإقليم العربي»، لما تواجهه من ظروف خاصة ومضاعفة في ما يتعلق بأزمة المناخ، حيث الاهتمام منصباً بشكل أساسي على القضايا المرتبطة بالنزاعات وتبعاتها المختلفة، بينما يتم النظر إلى قضية المناخ في مرتبة متأخرة أو بوصفها «رفاهية»، وليست قضية أساسية.

وتشير في هذا السياق إلى الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في دعم وتعزيز ذلك التوجه، في إطار الدور التوعوي، بشأن قضية المناخ والمبادرات ذات الصلة، جنباً إلى جنب ودور منظمات المجتمع المدني، في إطار تكاتف الجهود الوطنية من أجل الحد من التغير المناخي.

الشباب وحلول المناخ

وطبقاً للأمم المتحدة، في تقرير سابق لها، فإن العالم يضم 1.8 مليار شاب، تتراوح أعمارهم ما بين 10 و24 عاماً، وهو أكبر جيل من الشباب عبر التاريخ. ويتزايد وعي الشباب بالتحديات والمخاطر التي تطرحها أزمة المناخ، كما يتزايد وعيهم بفرصة تحقيق التنمية المستدامة عبر حلول لتغير المناخ.

تُظهر التعبئة غير المسبوقة للشباب حول العالم القوة الهائلة التي يمتلكونها لمساءلة صانعي القرار، ورسالتهم واضحة: الجيل الأكبر قد فشل، والشباب هم الذين سيدفعون الثمن بالكامل- بمستقبلهم.

ويشير تقرير الأمم المتحدة إلى أن الشباب وحدهم ليسوا مجرد ضحايا لتغير المناخ، فهُم أيضاً مساهمون مهمون في العمل المناخي. إنهم وكلاء للتغيير ورواد أعمال ومبدعون، وهم يكثفون جهودهم ويستخدمون مهاراتهم لتسريع العمل المناخي، سواء من خلال التعليم أو العلم أو التكنولوجيا، ويقوم الشباب بتكثيف جهودهم، واستخدام مهاراتهم لتسريع العمل المناخي.

Email