مادة مجهولة تطفو في بحر البلطيق

إحدى السفن الكبيرة في بحر البلطيق | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

فيما تتجه الأنظار إلى مناورات متزامنة لروسيا وحلف الناتو في بحر البلطيق، ومثلما يطفو التوتر على سطح الحرب الروسية الأوكرانية، تطفو على سطح البلطيق أزمة لا تقل خطورة، من وجهة نظر بيئية.

خفر السواحل السويدي أعلن أمس، أن مادة مجهولة تطفو الآن في بحر البلطيق بين السويد وفنلندا وتغطي مساحة 77 كيلومتراً مربعاً. وفي حين أن طبيعة المادة غير واضحة، فإن خفر السواحل استبعد كونها ناتجة عن تسرب نفطي. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن المسؤولين أنه لا يوجد خطر حالياً من وصول المادة إلى البر. وتظهر الصور طبقة طويلة رقيقة طافية على سطح المياه، وممتدة إلى المنطقتين الاقتصاديتين للسويد وفنلندا.

ويبدو أن التلوث البيئي في بحر البلطيق هو أحدث تداعيات التوتر. وتقول وسائل إعلامية بولندية إن وزارة الداخلية حظرت نهاية أبريل الماضي عمل 35 شركة تعتقد وارسو أنها مرتبطة بروسيا، من بينها شركات عاملة في مجال تنظيف ونقل مياه الصرف الصحي، التي تستخدم خدماتها المئات من المؤسسات البولندية.

وتعمل هذه الشركات للمعالجة في العديد من المدن والمؤسسات من دون توقف منذ أكثر من عقد، ويهدد تعطلها المفاجئ بتلويث مياه بحر البلطيق، وفق مصادر من داخل الشركة المحظورة العمل، حيث يتم في حال العطل تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى جهاز استقبال، أي في نهر أو بحيرة أو بحر.

نتيجة العقوبات

وتقول الباحثة الروسية والخبيرة في العلاقات الأوروبية لانا بدفان، في تصريح لوكالة «سبوتنيك»: «الخبراء يؤكدون أن هذه الإجراءات البولندية تحت يافطة معاقبة روسيا، ستقود لكوارث بيئية في بحر البلطيق، حيث إن هذه الشركة المحظورة كانت تتولى مهمة معالجة مياه الصرف الصحي في مختلف المدن البولندية».

وتابعت: «مع تعطل خدماتها ومعداتها خاصة مع عجزها عن الحصول على قطع غيارها من روسيا كونها من صنع روسي، بسبب العقوبات، فإن ثمة تهديداً حقيقياً ومباشراً لصحة الناس وسلامتهم في بولندا، وفي مختلف الدول المشاطئة لبحر البلطيق».

تقول الباحثة الروسية إن هذا «مؤشر إضافي إلى حجم الأضرار والأزمات التي تخلفها سياسة العقوبات الغربية والأطلسية على روسيا، والتي تطال تأثيراتها وتداعياتها الكارثية بالدرجة الأولى العديد من بلدان الاتحاد الأوروبي نفسها وليس روسيا فقط، كما نشاهد مع هذه الأزمة التي تهدد بتلويث بحر البلطيق».

وكان تقرير صدر سنة 2018 تضمن تحذيراً أطلقه خبراء بولونيون في مجال علم المحيطات وعلم الأحياء من أن بحر البلطيق يعد من بين البحور الأكثر تلوثاً والأكثر عرضة لتدهور مكوناته البحرية، بسبب خصائص طبيعية والتدخل البشري الجائر.

وأوضح التقرير أن سبب المشكلات التي يعاني منها بحر البلطيق تعود إلى كونه ضحلاً نسبياً، وقليل الملوحة وشبه مغلق وأقل تنوعاً بالمكونات البحرية الطبيعية، إضافة إلى التغيرات التي تطرأ على الطبيعة بسبب سلوكات البشر. وأشار التقرير إلى أن ارتفاع متوسط درجة حرارة الماء في محيطات العالم على مدى العقود الثلاثة الماضية بلغت حوالي 5. 0 درجة مئوية، إلا أن الارتفاع على مستوى بحر البلطيق زاد بمقدار 5. 1 درجة مئوية، إضافة إلى الوتيرة السريعة جداً لتحمض الماء الناتج عن النشاط البشري وتلوث الهواء، ووصل ذلك بالفعل إلى المستوى الذي يجب أن تصل إليه المحيطات في القرن الثاني والعشرين.

Email