نهر الدانوب.. بديل البحر الأسود للصادرات الأوكرانية

ت + ت - الحجم الطبيعي


أظهرت أرقام نشرتها وزارة الزراعة الأوكرانية، اليوم الثلاثاء، أن صادرات الحبوب والبذور الزيتية والزيوت النباتية ارتفعت 80 في المئة في شهر مايو على أساس سنوي إلى 1.743 مليون طن لكن الكميات ما زالت أقل بكثير من الصادرات في الشهر نفسه من 2021. وهيمنت الذرة على الصادرات بواقع 959 ألف طن، في حين بلغت صادرات زيت دوار الشمس 202650 طناً. وصدرت أوكرانيا 2.245 مليون طن من الذرة و501800 طن من زيت دوار الشمس في مايو 2021.

وكانت الوزارة أعلنت أمس الاثنين أن صادرات الحبوب الأوكرانية وصلت إلى 47.2 مليون طن حتى الآن في الموسم الحالي الذي بدأ في يوليو 2021 وينتهي في يونيو 2022، بما يشمل 148 ألف طن في الأيام الخمسة الأولى من يونيو.

هذه الأرقام تشير إلى حقيقة محجوبة في زحمة التغطية الإخبارية للحرب، حيث يسود اعتقاد شائع أن الصادرات الأوكرانية متوقفة تماماً، وأن الأزمة الغذائية في العالم ناجمة عن توقف الصادرات من روسيا وأوكرانيا. إلا أن الأرقام السابقة تكشف أن الصادرات، وإن كانت قد تراجعت نسبياً، إلا أنها مستمرة، وليس هناك تعطيل كلي لحركة التجارة، حيث إن أوكرانيا فعّلت خيارها البديل الاضطراري والذي أنقذها من تكدس المحصول في المخازن، وهذا البديل هو نهر الدانوب والطريق البري عبر أوروبا. فكيف تعاملت كييف مع حركة النقل عبر نهر الدانوب؟

اعتادت أوكرانيا، وهي منتج زراعي رئيسي، على تصدير معظم سلعها عبر الموانئ البحرية، لكنها اضطرت بسبب الحرب إلى التصدير بالقطارات عبر حدودها الغربية أو عبر موانئ نهر الدانوب الصغيرة.

ويقول مسؤولو الزراعة والنقل إن أوكرانيا تهدف إلى تعزيز القدرة التصديرية في موانئ نهر الدانوب، مما سيسمح بشحن الحبوب إلى موانئ البحر الأسود الرومانية لتفادي الأسطول الروسي الذي يرابض أمام الموانئ الأوكرانية الكبيرة مثل ماريوبول وأوديسا.

مليونا طن

يبدو أن كييف قامت بتحسين حركة النقل عبر نهر الدانوب خلال الشهور الثلاثة الماضية، فقد أكد تاراس فيسوتسكي، النائب الأول لوزير السياسة الزراعية والغذاء في أوكرانيا، اليوم الثلاثاء، إن بلاده يمكنها تصدير مليوني طن بحد أقصى من الحبوب شهرياً إذا رفضت روسيا رفع الحصار الذي تفرضه على الموانئ الأوكرانية الواقعة على البحر الأسود. ما يعني أن هذه الكمية، أي مليوني طن، سيتم نقلها عبر نهر الدانوب أو عبر الشاحنات والقطارات. وبذلك، الحرب أعادت الحياة إلى الملاحة النهرية في أوكرانيا بعد أن باتت الأنهار مرتعاً للعبارات السياحية بشكل رئيسي على مدار سنوات.

جدار الإمبراطورية الرومانية

نهر الدانوب هو ثاني أطول نهر في أوروبا، بعد نهر الفولغا، وهو أيضاً أطول نهر في منطقة الاتحاد الأوروبي. كان نهر الدانوب ذات يوم حدوداً طويلة الأمد للإمبراطورية الرومانية وحاجزاً يحد من هجمات الجرمان والشعوب الشمالية. اليوم يتدفق الدانوب عبر 10 دول من المنبع (ألمانيا) إلى المصب (أوكرانيا)، ويتدفق إلى الجنوب الشرقي لمسافة 2860 كم، ويمر أو يلامس حدود النمسا وسلوفاكيا والمجر وكرواتيا وصربيا ورومانيا وبلغاريا ومولدوفا وأوكرانيا قبل أن يصب في البحر الأسود.

وبحسب دراسة نشرها «برنامج كاربات الدانوب»، المعني بالحفاظ على البيئة والحياة الطبيعية عبر نهر الدانوب وجبال كاربات الممتد بمحاذاة النهر، فقد لعب النقل النهري دوراً مهماً على نهر الدانوب لقرون عدة وأدى إلى تدخل كبير في العمليات الطبيعية لتوسيع الشحن أكثر. نتيجة لذلك، توجد بالفعل قدرة نقل ضخمة على نهر الدانوب. هذه القدرة غير مستخدمة إلى حد كبير ولا تتطلب أي استثمار أو تطوير إضافي. وبحسب الدراسة فإن مصب نهر الدانوب يعد من أهم الأراضي الرطبة في العالم، ويتيح مصب النهر العريض سهولة الملاحة البحرية من وإلى البحر الأسود.

قبل الحرب، شرعت أوكرانيا بالفعل في صيانة دلتا الدانوب عبر تجريف القاع ليصبح صالحاً للملاحة الكبيرة (بعمق ستة أمتار) وتوسيع قناة الشحن إلى البحر الأسود عبر الحد من الترسبات وإزالة الرمل والطين.

Email