صراع الجبابرة.. انضمام فنلندا والسويد لـ«الناتو» هل يغير الجغرافيا السياسية للقارة العجوز؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثار قرار فنلندة والسويد تقديم طلب الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو» غضب السلطات الروسية، حيث اتهمت التحالف العسكري الغربي بتطويق حدودها.

ووقعت وزيرة الخارجية السويدية آن ليندي طلب انضمام بلادها لحلف شمال الأطلسي (ناتو).

وغردت ليندي في حسابها بموقع تويتر: " تم توقيع طلبنا الخاص بحلف الناتو رسميا الآن"، وأضافت أنه سوف يتم إرسال الطلب إلى الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرج، بمجرد أن توقع فنلندا على طلب مماثل.

وقررت الدولتان، بعد قرارهما التقدم بطلب عضوية الحلف العسكري الغربي في أعقاب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، تقديم طلبيهما بشكل مشترك.

واتخذ الرئيس الفنلندي سولي نينيستو وحكومته قرارا بالفعل بشأن طلب الانضمام. ومع ذلك، لا يزال الطلب في انتظار تصويت البرلمان، اليوم الثلاثاء.

كانت الحكومة السويدية اتخذت القرار النهائي امس الاثنين بشأن طلب الانضمام للناتو. وقالت ليندي: "هذا شعور كبير، شعور خطير، شعور بأنه كأننا وصلنا إلى ما نعتقد أنه الأفضل للسويد على الإطلاق".

وهددت موسكو برد «انتقامي»، حسب وصفها، بما في ذلك نقل الأسلحة النووية إلى مكان أقرب إلى أوروبا، كما أوقفت روسيا، السبت الماضي، إمدادات الكهرباء إلى فنلندة.

ويعتبر خبراء إعلان السويد وفنلندة بتقديم طلب الانضمام رسمياً إلى عضوية حلف «الناتو» خطوة قد تغير الجغرافيا السياسية للقارة العجوز بأكملها.

وتنهي خطوة السويد وفنلندا التقدم بطلب للحصول على عضوية حلف الناتو، 75 عاما من عدم الانحياز العسكري للبلدين وقد يجر المنطقة إلى حرب جديدة على غرار أوكرانيا.

ووصف الرئيس فلاديمير بوتين إنهاء فنلندا حيادها العسكري بـ «الخطأ الكبير».

وقالت موسكو إن انضمام فنلندا والسويد سيجعل الحلف العسكري يتوسع إلى حدود روسيا.

ويثير قرار فنلندة والسويد جدلاً في الإعلام العالمي، حيث وصفت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية إعلان السويد وفنلندا رسمياً نيتهما تقديم طلبات لحلف الناتو للحصول على عضوية التحالف العسكري، بـ«الحدث التاريخي» لبلدان الشمال الأوروبي، مشيرة إلى أن الانضمام سيؤدي لمضاعفة حدود التحالف مع روسيا وتغيير الجغرافيا السياسية لأوروبا.

ورأت الصحيفة ن أوروبا بأكملها، تعيش واقعاً جديداً وخطيراً، في ظل الحرب الأوكرانية.

وكانت رئيسة وزراء السويد، ماغدالينا أندرسون، بررت خطوة تقدم بلادها للانضمام للناتو بالقال: إن «النظام الأمني الأوروبي الذي تبني السويد أمنها عليه يتعرض للهجوم، ونحن الاشتراكيين الديموقراطيين نعتقد بأن أفضل شيء لأمن السويد هو أن ننضم إلى الناتو».

من جهتها، قالت رئيسة الوزراء الفنلندية، سانا مارين: «لا يمكننا أن نثق بعد الآن بمستقبل سلمي بجانب روسيا.. لهذا السبب نتخذ قرار الانضمام إلى الناتو.. إنه عمل سلام، للتأكد من أنه لن تكون هناك حرب مرة أخرى في فنلندا».
موافقة البرلمان

وتحتاج خطوة هلسنكي موافقة البرلمان الفنلندي لمناقشة قرار الانضمام إلى «الناتو»، فيما تظهر التوقعات الحالية بأن غالبية أعضاء البرلمان البالغ مجموعهم 200 يدعمون ترشّح الانضمام للناتو.
 

وسيمنح قرار السويد وفنلندا، الدولتان المحاذيتان لروسيا موطئ قدم جديد لحلف الأطلسي على الحدود الروسية.

معارضة تركيا
وتعارض تركيا وكرواتيا قرار فنلندة والسويد، حيث أبدى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تحفظ بلاده حيال مسار انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي.

وقال: “نتابع حالياً التطورات المتعلقة بالسويد وفنلندا، لكننا لا نتعاطى بإيجابية حيال هذا الأمر. لأن الحكومات التركية السابقة أخطأت بشأن انضمام اليونان إلى الناتو من قبل، ونعلم مواقف أثينا تجاه تركيا بعد احتمائها بحلف الناتو”.

وأضاف الرئيس التركي: «لا نريد أن نرتكب نفس الخطأ مرة أخرى في هذا الموضوع، من المؤسف أن البلدان الاسكندنافية أصبحت مثل دار ضيافة للتنظيمات الإرهابية، فتنظيم «بي كا كا» و «د ه ك ب ج» الإرهابيين، كما وصفهما، عشعشوا في دول مثل السويد، ويشغلون مقاعد في برلماناتهم، فلا يمكننا أن ننظر بإيجابية حيال هذا الأمر».

ومن شأن اعتزام فنلندا التقدم بطلب الانضمام إلى حلف الأطلسي، الذي أعلنت عنه الخميس الماضي، وطلب السويد التالي المتوقع، توسعة الحلف الذي استهدف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منعه بالهجوم على أوكرانيا.

ويتوجب حصول توافق بين جميع أعضاء حلف «الناتو» الحاليين من أجل انضمام أي دولة جديدة إلى الحلف

ويتيح القانون الداخلي للناتو حق الاعتراض “الفيتو” على انضمام أي دولة جديدة، وفي حال استخدمت تركيا هذا الحق فبإمكانها بالفعل منع انضمام فنلندا والسويد.

حرب الشتاء

وبالعودة إلى التاريخ، فقد  خسرت فنلندا خلال الحرب العالمية الثانية، عقب "حرب الشتاء" مع روسيا نحو 10 بالمئة من أراضيها بموجب اتفاق السلام النهائي، وظلت محايدة عسكريا خلال الحرب الباردة على مدى 75 عاما.

وستغير الخطوة الجديدة جغرافية الحدود المشتركة بين روسيا ودول حلف الناتو إلى الضِعف، من حوالي 708 كيلومتر إلى أكثر من 1931 كليو مترا.

كما ستصبح هلنسكي، التي تتشارك حدود مع روسيا تبلغ نحو 1300 كيلو متر، سادس عضو بالحلف العسكري يشترك في حدود برية مع موسكو، أما السويد، فهي لا تشترك معها في أي حدود.

وبلغ إجمالي الناتج المحلي للدول الأعضاء في الناتو عام 2020 ما يعادل 27 ضعف الناتج المحلي لروسيا، وبعد إضافة فنلندا والسويد سيصبح 27.6 مقارنة بروسيا، وفق صحيفة" واشنطن بوست".

وتثير قضية الحدود، مخاوف موسكو، حيث يتوسع الناتو بمرور الوقت باتجاه الجهة الغربية لروسيا، منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، إلا أنه لن يكون للقرار تأثيراً ديمغرافياً كبير إذ أن تعداد سكان دول الناتو يبلغ حوالي 6 أضعاف سكان روسيا، وفق صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
 

 

Email