هل ينجح ماكرون في التغريد خارج سرب «ناتو»؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

أظهر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم، لهجة جديدة في الخطاب الأوروبي تجاه الحرب في أوكرانيا. فبينما أسفرت الضغوط الأمريكية والبريطانية عن اضطرار ألمانيا إلى تبني لهجة أكثر حزماً تجاه روسيا، فإن ماكرون يعمّق موقفاً وسطاً اتخذ منذ بداية الحرب.

قبل الانتخابات الفرنسية التي فاز فيها ماكرون لولاية رئاسية ثانية، اعتقد الكثير من المتابعين أن الخطاب اللين للرئيس الفرنسي تجاه روسيا يعود إلى الأجواء الانتخابية والوضع الداخلي. إلا أن ماكرون دعا اليوم بصراحة إلى عدم اجتراح أي حل في أوكرانيا يؤدي إلى إذلال روسيا. وقال في مؤتمر صحافي في البرلمان الأوروبي «غداً سيكون لدينا سلام نبنيه، دعونا ألّا ننسَ ذلك أبداً. سيتعين علينا القيام بذلك مع أوكرانيا وروسيا بشأن الطاولة.. لكن ذلك لن يحصل من خلال رفض أو استبعاد بعضنا بعضاً، ولا حتى بالإذلال».

وبعد فوزه في الانتخابات، تلقى ماكرون اتصالاً هاتفياً من الرئيس الروسي الذي هنأه بالفوز. وبينما لم يكن مطروحاً في السابق أن تكون هناك دول وسيطة أوروبية في النزاع بين أوكرانيا وروسيا، فإن إشارات متتابعة صدرت من الإليزيه للقيام بهذا الدور. وأكد الرئيس الفرنسي في محادثته الهاتفية مع الرئيس الروسي استعداده للإسهام في الوصول إلى اتفاقيات من أجل إحلال السلام في أوكرانيا. وقال قصر الإليزيه في بيان بعد المحادثة الهاتفية: «أعرب الرئيس الفرنسي عن استعداده للمساعدة على تهيئة الظروف لحل تفاوضي يضمن السلام، فضلاً عن الاحترام الكامل لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها». وأعلنت وسائل إعلام فرنسية أن الاتصال الهاتفي بين الرئيس الفرنسي ونظيره الروسي استمر أكثر من ساعتين.

وفي خطاب التنصيب لولاية ثانية، تعهد إيمانويل ماكرون «التحرك بلا هوادة» من أجل فرنسا وأوروبا، و«بناء سلام أوروبي جديد واستقلالية جديدة في قارتنا».

إلا أن قدرة فرنسا على التحرك في هذا الاتجاه من دون التوافق مع الولايات المتحدة ودول حلف شمالي الأطلسي، محدودة، وخاصة في ظل اضطرار ألمانيا إلى التراجع عن مواقفها الحذرة بداية الحرب في أوكرانيا. ودافع المستشار الألماني أولاف شولتس مجدداً عن توريد أسلحة لأوكرانيا. وقال في برلين اليوم: إن بوتين تخلى عن مبدأ عدم المساس بالحدود في أوروبا لمصلحة مشروعه لإمبراطورية روسية.

ومن المتوقع أن تتعرض فرنسا إلى ضغوط غربية للانضمام إلى المسار الحاد في مساندة أوكرانيا وتسليح القوات الأوكرانية. وعموماً، يسود خطاب يتمحور في ثنائية الحرب الباردة (الحرية والاستبداد) على الخطاب الأوروبي. واليوم أكد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال للأوكرانيين في زيارة مفاجئة لأوديسا المدينة الرئيسة في جنوبي أوكرانيا أن الكرملين «لن يتمكن أبداً» من «إلغاء روح الحرية لديكم».

Email