بيلوسي في كييف.. وتركيا تذكّر بـ«مسار إسطنبول»

هل تنجرف ألمانيا إلى «حرق الجسور» مع روسيا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتعمق مسار الحرب في أوكرانيا، وتراجع الحديث عن إمكانية تحقيق تقدم أو عقد الآمال على المسار الدبلوماسي والحل التفاوضي، لدرجة أن تركيا عادت أمس إلى تذكير العالم بشيء اسمه «مسار إسطنبول» في المفاوضات، وأنه كلما طالت الحرب فإن الظروف تتعقد، فالدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، مستمرة في موقفها الداعم للقيادة الأوكرانية ضد روسيا، وتوجت هذا الدعم أمس بزيارة غير معلنة لرئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، إلى كييف مع نواب آخرين. وهذا الدعم الأمريكي يزيد من الضغط على حلفاء أقل اندفاعاً، وأكثر تأثراً بالحرب، مثل ألمانيا، حيث انشغل المستشار أولاف شولتس، بالرد على منتقديه الذين يتهمونه بالتباطؤ والتلكؤ في دعم أوكرانيا، إلا أن استمرار الحرب يجرف المواقف الوسطية أو الأقل اندفاعاً بالتدريج.

وأمس، ناشد شولتس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإيقاف الحرب، وخاطبه قائلاً: «فلتُسكت الأسلحة، ولتسحب قواتك».

ودافع المستشار الألماني عن سياسته في التعامل مع الأزمة الأوكرانية، في ظل الاتهامات الموجهة له، بأنه يتصرف بتردد وخوف شديد في مواجهة روسيا.

واتهم زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي المعارض، فريدريش مرتس، المستشار الألماني مؤخراً بالتخوف والتسويف بالنظر إلى توريدات الأسلحة الألمانية إلى كييف.

ووصف السفير الأوكراني في ألمانيا أندري ميلنيك سياسة شولتس بأنها بطيئة، وقال لصحيفة «بيلد أم زونتاج» الألمانية أمس: «أولاف شولتس ينتهج تقريباً نهجاً مثل أنغيلا ميركل: ينتظر أولاً، يراقب، ثم يتخذ قراراً لاحقاً في لحظة ما، أو لا يتخذ أيضاً، ما ينقصه هو الخيال والشجاعة».

يذكر أن الحكومة الألمانية وافقت الثلاثاء الماضي على توريد دبابات مضادة للطائرات من طراز «جيبارد» ألمانية الصنع إلى أوكرانيا. وتعد هذه أول أسلحة ثقيلة سيتم توريدها من ألمانيا إلى أوكرانيا مباشرة. وأحجم المستشار الألماني خلال زيارة له في اليابان يوم الخميس الماضي عن الرد على سؤال عما إذا كانت الحكومة الاتحادية سوف تصرح بتوريدات أخرى من أسلحة تطلبها أوكرانيا مثل دبابات «ليوبارد» وناقلات الجند المدرعة «ماردر».

تبعية الطاقة

ويبدو أن ضغوط الحلفاء والخصوم على ألمانيا تثمر، وقدرتها على اتخاذ موقف متمايز عن موقفي واشنطن ولندن، محدودة، في ظل الحملة الإعلامية الكبرى ضمن أسلحة الحرب. وفي هذا الإطار، كان لافتاً إعلان الحكومة الألمانية أنها أحرزت تقدماً في الحد من تبعيتها لروسيا في مجال الطاقة منذ بداية الحرب في أوكرانيا. وجاء في تقرير يحمل اسم «تقرير التقدم الثاني لأمن الطاقة» الخاص بوزارة الاقتصاد وحماية المناخ الألمانية، أنه كان هناك أوجه تقدم في هذا الشأن في النفط والفحم بصفة خاصة خلال الأسابيع الماضية.

وجاء في التقرير أيضاً: «ألمانيا بصدد الحد من تبعيتها لروسيا في مجال الطاقة بسرعة كبيرة، وبصدد وضع قاعدة أوسع للإمداد بالطاقة».

وبحسب التقرير، تراجع الاعتماد على النفط الروسي من 35% العام الماضي إلى 12% حالياً، وتراجع الاعتماد على الغاز الروسي من 55% العام الماضي إلى نحو 35% حالياً، وتراجع الاعتماد على روسيا في الفحم من 50% في مطلع العام الجاري إلى نحو 8% حالياً. وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك: «كل هذه الخطوات التي نخطوها تتطلب جهداً مشتركاً هائلاً من جميع الأطراف الفاعلة، وإنها تعني تكاليف ستشعر بها الأوساط الاقتصادية، وكذلك المستهلكون، لكنها ضرورية إذا أردنا ألا نكون معرضين للابتزاز من روسيا فيما بعد».

Email