الاحتباس الحراري يهدد اقتصاد بلد عربي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تواجه تونس مخاطر التغير المناخي بسبب وجودها بواحدة من أكثر مناطق العالم تعرضاً للاحتباس الحراري، وهي منطقة البحر الأبيض المتوسط التي حذر الصندوق العالمي للطبيعة من أنها ستشهد حدوث أزمات بيئية مدمرة ستزداد حدتها ما لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من تفاقمها.

وتحتاج تونس إلى اعتمادات مالية بقيمة 19.3 مليار دولار حتى عام 2030، لتنفيذ تعهداتها لحماية المناخ، وفق ما أكده المسؤول المكلف عن ملف تونس في اتفاقية الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية محمد الزرلّي، مشيراً إلى أن التزامات بلاده تقضي بضرورة التقليص بـ 45 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول عام 2030، بدل 41 في المئة محددة سابقاً.

وركّزت النسخة المعدلة من مساهمة تونس المحددة وطنياً، والمقدمة إلى المنصة الأممية للاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ على مجالات عدة بينها الاقتصاد الدائري (تقليص النفايات وتكريرها)، والأمن الغذائي، والمائي، والتنمية الاجتماعية لخلق الثروة. وكشف تقرير محلي تم إنجازه من قبل مراكز أبحاث تابعة لوزارة البيئة بالاشتراك مع سفارة المملكة المتحدة، أن قطاعات الفلاحة والصيد البحري والسياحة في تونس ستتأثر بصفة كبيرة بالتغيرات المناخية، وهو ما أصبح ملحوظاً بالفعل في الاقتصاد التونسي، فما بين سنوات 1978 و2012، ارتفع متوسط درجات الحرارة السنوية بنحو 2.1 درجة مئوية في تونس. وقد أدى ذلك إلى تضاعف عدد الأيام الحارة تقريبا وانخفاض عدد الأيام الباردة إلى النصف حسب بيانات تخص تغير المناخ نشرت سنة 2019.

وسجل المعهد الوطني للرصد الجوي زيادة في وتيرة موجات الحرارة الشديدة وهطول الأمطار خلال الفترة ذاته، ما يجعل البلاد معرضة بشدة لتغير المناخ، وسيكون مناخها المستقبلي أكثر حرارة وجفافاً، مع تغيرات في هطول الأمطار الموسمية الرئيسية، بينما من المتوقع أن يرتفع مستوى سطح البحر مع زيادة الملوحة والحموضة. وسيحدث هذا التعرض جملة من المخاطر على الزراعة والصيد البحري والسياحة، مما يضاعف من المخاطر الحالية في هذه القطاعات.

وينتظر أن تنخفض معدلات الأمطار السنوية بنسبة تتراوح بين 10 في المئة بالشمال الغربي و30 في المئة بأقصى جنوب البلاد مع حلول عام 2050. كما بات تأثير تغير المناخ على الموارد المائية أمراً متوقعاً وفق وزارة البيئة التي كانت رجحت حسب دراسة لها عام 2015 تحول أرخبيل قرقنة من ولاية صفاقس إلى مجموعة أكبر من الجزر الصغيرة، أي أن قرابة 30 في المئة من المساحة الإجمالية للأرخبيل معرضة للانجراف البحري.

وطالبت «حركة الشبيبة من اجل المناخ» السلطات التونسية بإعلان حالة الطوارئ المناخية وصياغة سياسية مناخية عاجلة لإنقاذ البلاد من تداعيات التغيرات المناخية والتلوّث الهوائي والبيئي، وبإيجاد حلول لأزمة المياه التي تواجهها مختلف المدن التونسية، ودعت إلى فرض سياسات تنموية صديقة للبيئة، والقطع مع السياسات الحكومية السابقة التي لم تنجح في تحقيق النتائج المنتظرة. وقال كاتب عام الحركة أحمد الحاج الطيب إن التغيرات المناخية يمكن ملاحظتها من خلال ارتفاع درجات الحرارة التي تجاوزت المعدّلات العادية جرّاء انبعاثات الغازات، وأكد أن تونس اليوم مصنفة تحت خط الفقر المائي، وضمن قائمة 33 دولة في العالم ستواجه في غضون 2044 شحّاً مائياً حاداً بسبب التغيّر المناخي وفق تقديره.

ويشير المراقبون إلى أن الأوضاع السياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية المتردية ساهمت خلال الأعوام الأخيرة في تفاقم أزمة الاحتباس الحراري بعد أن اتسعت ظاهرة التلوث البيئي وغابت الرقابة العملية وعجزت الحكومات المتلاحقة على تنفيذ القوانين والقرارات المتصلة بمسألة المناخ.

Email