قناة «فوكس نيوز» تنشر وثائق تدعم الاتهامات الروسية في هذا الملف

المختبرات البيولوجية.. حرب موازية بين روسيا وأمريكا ما دور هنتر بايدن؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاتهامات الروسية للولايات المتحدة بالإشراف على مختبرات للأسلحة البيولوجية في أوكرانيا ودول أخرى قريبة من روسيا، ليست جديدة ولم تبدأ بعد العملية العسكرية في أوكرانيا، بل قبلها إنما بسنوات. لكن في ظل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، تكرر موسكو هذه الاتهامات وتقرنها بـ «وثائق جديدة» فهل هي حرب موازية لما يجري على الأرض؟.

يوم الخميس الماضي، نشرت وزارة الدفاع الروسية وثائق تقول إنها تؤكد تورط هنتر بايدن، نجل الرئيس الأمريكي جو بايدن، في أنشطة بيولوجية عسكرية في أراضي أوكرانيا.

«قناة روسيا اليوم» نقلت عن قائد قوات الدفاع الإشعاعي والكيميائي والبيولوجي في الجيش الروسي، إيغور كيريلوف قوله إن موسكو سبق أن نشرت وثائق تؤكد انخراط صندوق «روسيمونت سينيكا» الاستثماري الذي يقوده هنتر بايدن في تمويل الأنشطة البيولوجية العسكرية المذكورة في أوكرانيا.

وأعلن كيريلوف أن وزارة الدفاع الروسية نشرت حزمة جديدة من الوثائق بهذا الخصوص، كاشفاً عن «مراسلات بين نجل الرئيس الأمريكي ووكالة الدفاع المعنية بخفض التهديدات التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية وشركات متعاقدة مع البنتاغون في أوكرانيا».

وقال «يظهر مضمون هذه الرسائل أن هنتر بايدن لعب دوراً مهماً في تهيئة الفرص المالية لممارسة أنشطة تشمل كائنات ممرضة في أراضي أوكرانيا، من خلال جذب التمويل لشركتي»ميتابيوتا«و»بلاك أند فيتش«.

في نفس اليوم، كشفت صحيفة»إزفستيا«الروسية تفاصيل أوسع بشأن الوثائق، وقالت إنها موقّعة من كبار المسؤولين الأمريكيين والأوكرانيين، وتشير إلى المستفيدين والمبالغ والأهداف، وعلاقة بايدن الإبن بهذه المشاريع.

الصحيفة أشارت إلى أن إحدى الوثائق مؤرّخة في 29 أغسطس 2005 وتنص على أن البرنامج ينفذ بناءً على اتفاق بين وزارة الصحة الأوكرانية ووزارة الدفاع الأمريكية.

وثائق قديمة

وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت في أوائل مارس أنها اكتشفت في أوكرانيا، وثائق تعود إلى 6 مارس 2005 تؤكد مشاركة»البنتاغون«في تمويل المشاريع البيولوجية العسكرية، بمبالغ تصل إلى 32 مليون دولار، في مختبرات بكييف وأوديسا ولفيف وخاركيف.

وتحدثت وزارة الدفاع الروسية في وقت سابق عن إتلاف مكونات مسببة للأمراض الجرثومية، في مختبرات نشطت بتمويل أمريكي قرب الحدود الروسية، فور انطلاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

ونشرت»تاس«صوراً لوثائق باللغة الروسية تقول من خلالها وزارة الدفاع إنها دليل على برنامج الأسلحة البيولوجية دون أن توضح تفاصيل هذه الوثائق أو مصدرها.

وذكرت»إزفستيا«أنه في بداية هذا العام استولى مسلحون على مختبر بيولوجي أمريكي في كازاخستان، وفي 2018، انتشر خبر تطوير»البنتاغون«أسلحةً بيولوجية في جورجيا.

أكثر من ذلك، وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أوكرانيا بأنها قد تكون أكبر مشروع معملي بيولوجي لـ»البنتاغون«، موضحاً أن الولايات المتحدة، نشرت أكثر من 300 مختبر حول العالم.

وأثار الممثل الدائم لروسيا في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا الأمر أمام المنظمة الدولية، إلا أن نائب الأمين العام للمنظمة، الممثل السامي لشؤون نزع السلاح إيزومي ناكاميتسو، قال في 18 مارس إن الأمم المتحدة لا تملك التفويض والوسائل التقنية اللازمة للتحقيق في هذا الأمر.

المحلل السياسي الفلسطيني أليف صباغ نقل عن مصدر دبلوماسي قوله إن جلسة مجلس الأمن، قبل عشرة أيام كانت صاخبة، وعرض المندوب الروسي وثائق وأدلة حول تمويل»البنتاغون«رسمياً برنامج أسلحة بيولوجية في أوكرانيا. كما عرض المصدر أسماء أشخاص وشركات أمريكية متخصّصة، وأماكن المختبرات في أوكرانيا، والمحاولات المبذولة لإخفاء الأدلة.

كما أعلن مندوب روسيا عن مختبرات أمريكية تعمل في تصنيع واختبار الأسلحة البيولوجية في 36 دولة حول العالم (بزيادة 12 دولة عن الجلسة السابقة)، فيما تساءل مندوب الصين»طالما أنتم تنفون وواثقون من براءتكم لماذا ترفضون باستماتة إجراء تحقيق من متخصصين للوقوف على الحقيقة خاصة مع وجود وثائق وأدله دامغة.

وكانت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا ساخاروفا قالت قبل حوالي أسبوعين إنه «تم الحصول على وثائق من موظفي المعامل البيولوجية الأوكرانية بشأن التدمير الطارئ في 24 فبراير لمسببات الأمراض الخطيرة بشكل خاص».

فوكس نيوز

وبالتوازي مع التقارير الروسية، نقل مقدم البرامج في قناة «فوكس نيوز» الأمريكية تاكر كارلسون الأربعاء الماضي، عن وثائق قال إن مسؤولاً كبيراً سابقاً قدّمها، وتشير إلى أن «البنتاغون» موّلت البحث في مسببات الأمراض الفتاكة في أوكرانيا منذ 2007-2008.

وقال في برنامجه على القناة ونقلت أقواله «روسيا اليوم»: «الآن نحن نعرف المزيد. في نهاية هذا الأسبوع، تلقى برنامجنا عدداً من الوثائق من مسؤول أمريكي رفيع المستوى سابقاً، والتي تظهر أن السلطات الأمريكية، من خلال (البنتاغون)، مولت بالفعل أبحاثاً حول مسببات الأمراض الفتاكة في أوكرانيا».

وتابع: «ما زلنا لا نعرف بالضبط طبيعة هذه الأبحاث، والتفسيرات التي قدموها لنا سخيفة. لا نعرف كم من الوقت تم القيام بذلك». وختم: «نعلم أنه مر 14 عاماً على الأقل».

وكشفت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، الأحد الماضي، عن وثائق «تثبت جزئياً» ونوهت، إلى أن رسائل البريد الإلكتروني الواردة من جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص المتروك بـ «هنتر بايدن»، تظهر أنه ساعد في تأمين تمويل بملايين الدولارات لشركة «ميتابيوتا» وهي شركة مقاولات بوزارة الدفاع متخصصة في البحث عن الأمراض المسببة للأوبئة، التي يمكن استخدامها كأسلحة بيولوجية.

وبحسب «ديلي ميل»، فإن «ميتابيوتا» كانت تعمل في أوكرانيا لصالح شركة «بلاك أند فيتش» الدفاعية الأمريكية، والتي قامت ببناء مختبرات بيولوجية في أوكرانيا.

بروباغندا روسية

وبعد التصريحات الروسية الأولى عن اكتشاف المختبرات، سارعت واشنطن إلى وصفها بـ «الخاطئة والسخيفة». وقالت مديرة الاستخبارات الأمريكية أفريل هاينز، إن هذه الاتهامات مجرد «بروباغندا روسية». ونقلت قناة الحرة الأمريكية عن هاينز قولها خلال جلسة استماع أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، في 10 مارس الماضي، إن المخاوف تكمن بإساءة استخدام المواد المخصصة للأبحاث في المراكز الأوكرانية.

وأشارت إلى أن هناك فرقاً بين مراكز الأبحاث البيولوجية ومراكز الأبحاث المخصصة للأسلحة البيولوجية، مشددة على أن «التقييمات الاستخباراتية الأمريكية لم تؤكد قط أن أوكرانيا تسعى إلى تطوير أسلحة بيولوجية أو نووية».

وأضافت إن «حملة التأثير هذه تعد جزءاً من جهد روسي تقليدي عندما كانت تتهم الولايات المتحدة برعاية تطوير الأسلحة البيولوجية في الأجزاء التابعة للاتحاد السوفييتي السابق»، حسب تعبيرها.

وأشارت القناة الأمريكية إلى تصريحات لفيكتوريا نولاند، مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية، قالت قبل تلك الجلسة ببضعة أيام أمام مجلس الشيوخ، إن «حكومة الولايات المتحدة قلقة بشأن وقوع أي من هذه المواد البحثية بين أيدي الروس إن اقتربت» من المراكز.

وفسرت هاينز تصريح نولاند بالقول، إن معظم مراكز الأبحاث في العالم تبقي على مواد خطرة لدراستها، مشيرة إلى أن ما قصدته نولاند هو أن هذه المواد تبقى عادة في بيئة سليمة منعاً لانتقالها خارج المباني.

لكن التصريحات التي نقلتها وكالات أنباء عديدة عن نولاند تضمنت ما يثير قلق موسكو، إذ إنها بعد الإقرار بـ وجود «منشآت أبحاث بيولوجية» في أراضي أوكرانيا، قالت إن بلادها تعمل على منع وقوع هذه المواقع في أيدي الروس. وقالت، رداً على سؤال حول ما إذا كانت في أوكرانيا أسلحة كيميائية أو بيولوجية: «تتوفر لدى أوكرانيا منشآت خاصة بالأبحاث البيولوجية. نحن قلقون من أن القوات الروسية يمكن أن تحاول بسط السيطرة عليها».

قناة الحرة الأمريكية ردت على الاتهامات الروسية مستندة إلى تقرير نشر في 7 مارس الجاري، يقول فيه المجلس الأطلسي، وهو مؤسسة بحثية غير حزبية ويتخذ من واشنطن مقراً له، إن اتهامات الكرملين لأوكرانيا باستفزاز روسيا من خلال تطوير قنابل مشعّة وأسلحة بيولوجية، محاولة لتبرير ما أسماه «غزو أوكرانيا».

ملف قديم

لكن هذه القضية ليست جديدة. ففي 18 مايو 2020، نقل تقرير نشره موقع «سكاي نيوز عربية» عن «البنتاغون» قولها إن واشنطن شيّدت 15 مختبراً بيولوجياً تحيط بروسيا والصين، لكن المعلومات الروسية، تحدثت- وفقاً للموقع عن مختبرات أمريكية سرية في 27 دولة، منها 15 مختبراً في أوكرانيا وحدها.

وتحدث مسؤولون روس وقتها عن أن الولايات المتحدة لديها أكثر من 200 مختبر بيولوجي في العالم.

وفي أبريل 2020، قالت الخارجية الروسية إن «البنتاغون» تستخدم مكافحة الإرهاب البيولوجي كذريعة لبناء المختبرات حول روسيا.

وفي 8 مايو 2020، نفى جهاز الأمن الأوكراني وجود مختبرات بيولوجية أجنبية في البلاد. وقال إن كييف وواشنطن تتعاونان في مكافحة الإرهاب البيولوجي في إطار التشريعات الأوكرانية.

وفي بكين، دعت وزارة الخارجية الصينية الولايات المتحدة إلى نشر جميع تفاصيل مختبراتها البيولوجية في أوكرانيا، وحثت الأطراف ذات الصلة إلى ضمان سلامتها، وفقاً لوكالة شينخوا الصينية للأنباء.

وأوضح تشاو لي جيان، المتحدث باسم الخارجية الصينية، في مؤتمر صحافي يومي أنه «على وجه الخصوص، فإن الولايات المتحدة باعتبارها الطرف الذي يعرف المختبرات على نحو أفضل، ينبغي عليها نشر المعلومات في أقرب وقت، ومن بينها ما هي الفيروسات المخزنة والبحث الذي تم إجراؤه».

وتابع تشاو قائلاً إن الأنشطة العسكرية البيولوجية للولايات المتحدة في أوكرانيا ليست سوى «قطرة في بحر»، مضيفاً أنه تحت أسماء مختلفة، سيطرت وزارة الدفاع الأمريكية على 336 من المختبرات البيولوجية في 30 دولة.

لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، وصفت في10 مارس هذه الاتهامات بأنها «مزاعم كاذبة»، وأنها «نوع من عملية تضليل معلوماتي رأيناه كثيراً من الروس على مدار السنوات». وأعربت أيضاً عن قلقها من أن روسيا قد تستخدم الأسلحة الكيميائية في أوكرانيا.

وبين الاتهام الروسي والنفي الأمريكي، يبدو أن هذا الملف سيتطور، والأيام أو الأسابيع المقبلة ستحدّد إلى أي اتجاه وأي مدى.

Email