أفغانستان.. مشهد اقتصادي أنهكته السياسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

خروج القوات الأمريكية وعودة حركة طالبان المفاجئة والسريعة للسلطة في أفغانستان، لم يسدلا الستار على معاناة طويلة يعيشها الشعب، بقدر ما نجم عنهما حالة من الارتباك في الوضع الأفغاني، إذ فاقم هذا المشهد السياسي الناشئ اقتصاداً منهكاً بطبيعته في بلد مشتعل بالحروب منذ عقود، الأمر الذي بدا واضحاً في الأحوال المعيشية وتأخر تقاضي الموظفين رواتبهم، توازياً مع ارتفاع كبير في مستوى الفقر، لدرجة أن بعض الآباء لجأوا لبيع بناتهم.

حسب وكالة رويترز، ترك جاويد أحمد القائم بأعمال سفير أفغانستان لدى الصين منصبه في وقت سابق من هذا الشهر بعد أن ظل شهوراً لا يتقاضى راتبه من الحكومة في كابول، وقال في رسالة مؤرخة في مطلع يناير، إن دبلوماسيين كثيرين في السفارة غادروا بالفعل وإن الحكومة لم ترسل لهم رواتبهم منذ أغسطس.

مأساة إنسانية

في اليوم الأخير من العام الماضي، نشرت فضائية «روسيا اليوم» تقريراً عن ظاهرة بيع بعض الآباء بناتهم بسبب الفقر. وجاء في التقرير إن عزيز غول الذي يقيم بمخيم في غربي أفغانستان، باع طفلته البالغة من العمر 10 سنوات بهدف تزويجها، من دون إخبار زوجته، وتقاضى دفعة أولى حتى يتمكن من إطعام أسرته المكونة من خمسة أطفال.

حالة غول ليست الوحيدة، فمثلاً وفي جزء آخر من المخيم، كان حامد عبدالله، وهو أب لأربعة أطفال، يبيع بناته الصغار في زيجات مرتبة، بسبب حاجته الماسة إلى المال لعلاج زوجته المريضة.

وتؤكد أسونثا تشارلز، المديرة الوطنية لمنظمة «وورلد فيجن» الخيرية في أفغانستان، «أن الوضع يتدهور في هذا البلد». وتقول :«شعرت بالحزن لرؤية عائلات مستعدة لبيع أطفالها لإطعام أفراد الأسرة»، داعية المجتمع الإنساني للوقوف إلى جانب شعب أفغانستان، إذ يعاني نحو 3.2 ملايين طفل دون سن الخامسة سوء التغذية الحاد، وفقاً للأمم المتحدة.

تعهدات ومطالب

وبعد نداء من الأمم المتحدة، تعهدت الولايات المتحدة تقديم أكثر من 308 ملايين دولار في حزمة مساعدات أولية لأفغانستان هذا العام، لجمع أموال وتفادي كارثة إنسانية. وقالت وكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة في بيان، إن الأموال ستخصص للمواد الغذائية ومنشآت الرعاية الصحية وبرامج مخصصة للاستعداد لفصل الشتاء.

ولكن وكالات تابعة للأمم المتحدة طالبت المانحين، في اليوم ذاته، بتقديم 4.4 مليارات دولار في صورة مساعدات إنسانية لأفغانستان هذا العام، ووصفت هذا التمويل بأنه «سد ضروري للفجوة» لتأمين مستقبل البلد. ويقول مارتن غريفيث منسق الإغاثة بالأمم المتحدة للصحافيين في جنيف «إنه سد للفجوة، وهو إجراء ضروري للغاية لسد الفجوة نضعه اليوم أمام المجتمع الدولي». ويضيف «من دون هذا التمويل لن يكون هناك مستقبل.. نحتاج لهذا (التمويل) وإلا ستكون هناك معاناة».

ويقول فيليبو غراندي مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، إن تحسن الوضع الأمني يمثل فرصة لإغراء الملايين الذين نزحوا بسبب الصراع إلى بلدهم، مضيفاً أن 170 ألفاً عادوا بالفعل منذ عودة طالبان للسلطة.

إفراج

أفرجت حركة طالبان، أمس، عن الأكاديمي فيض الله جلال، بعد 4 أيام على اعتقاله. وكانت الحركة احتجزت الأستاذ بجامعة كابول، السبت، بعد نشره منشورات تهاجم الحركة. وأعلنت عائلة جلال أمس، إطلاق سراحه، حيث قالت ابنته حسناء لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، إن الحركة أفرجت عن والدها.

Email