"مباحثات موسكو- واشنطن" هل من ضوء في نهاية النفق؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما بدأت المباحثات بين روسيا والولايات المتحدة اليوم في جنيف، بشأن «أزمة أوكرانيا» على وجه الخصوص، تحدّث الجيش الأوكراني عن مقتل اثنين من جنوده «جراء انفجار» وقع في شرق البلاد. بيان الجيش قال إنه «من جراء انفجار شحنة ناسفة مجهولة تعرّض عنصران لإصابات مميتة»، متّهماً كذلك انفصاليين موالين لموسكو بإطلاق النار على مواقعه بواسطة قاذفات قنابل ومدافع رشاشة وأسلحة خفيفة، وفقاً لما نقلت عنه وكالة فرانس برس، وكأن الحادث جاء ليزوّد الجانب الأمريكي بـ«مادة دسمة»، وفقاً لأحد المراقبين.

المحادثات بدأت بين نائب وزير خارجيتها سيرغي ريابكوف ونائبة وزير الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان، في مقر البعثة الدبلوماسية الأمريكية في جنيف، في وقت بلغت فيه التوترات درجة غير مسبوقة منذ نهاية الحرب الباردة قبل ثلاثة عقود. ولم يتبادل الاثنان النظرات إلا نادراً خلال التقاط الصور قبل الاجتماع.

مواقف متصلّبة

قبل المحادثات، صدرت عن الجانبين مواقف متصلّبة، ففيما حذّرت واشنطن مراراً من تداعيات دبلوماسية واقتصادية كبيرة على روسيا إذا ما أقدمت على عمل عسكري ضد أوكرانيا، كرّرت موسكو مطالبها من الغرب بضمانات بعدم توسع حلف الناتو شرقاً، وبالقرب من حدودها، وتشدّد على أنها تعرّضت لخديعة بعد الحرب الباردة حينما أكد لها الحلف أنه لن يتوسّع شرقاً، في حين يقول الحلف إن هذا التعهّد ليس مكتوباً.

وكالة رويترز نقلت عن نائبة وزير الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان قولها إن الولايات المتحدة كانت حازمة، خلال محادثاتها مع نظيرها الروسي في جنيف، في رفض المقترحات الأمنية التي وصفتها بأنها «غير الفعالة»، وعدم السماح بإلغاء سياسة الباب المفتوح التي يتبعها حلف الناتو.

شيرمان أضافت أن المناقشات كانت صريحة ومباشرة مع الوفد الروسي على مدى نحو ثماني ساعات وأنها مستعدة للاجتماع مرة أخرى قريباً، وفقاً لما نقلت «فرانس برس»، مشيرة إلى أن روسيا لم تقدم أي رد بشأن ما إذا كانت ستخفّض التصعيد بشأن أوكرانيا.

أما روسيا، فقد وصف نائب وزير خارجيتها سيرغي ريابكوف المحادثات بأنها مهنية، لكنه قال إن هناك حاجة إلى انفراجة وحلول وسط، وإن روسيا ستقرر ما إذا كانت ستواصل المحادثات مع الولايات المتحدة بعد اجتماعات مقررة هذا الأسبوع مع حلف شمال الأطلسي. وأوضح أن هناك أسساً للاتفاق، «لكن ينبغي على واشنطن ألا تقلل من شأن مخاطر المواجهة». 

قبل اللقاء

وكان ريابكوف قال مطلع الأسبوع الماضي إن من المحتمل جداً أن تسقط الدبلوماسية بالضربة القاضية من أول اجتماع، كما أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خفّض سقف التوقعات حين قال لشبكة (سي.إن.إن) أمس، إن المفاوضات الحالية «لن تثمر عن أي انفراجة»، كما قالت «رويترز». 

وحذر ريابكوف لوكالة الإعلام الروسية من أن موسكو لن تقبل المحاولات الأمريكية لوضع قيود على جدول الأعمال بحيث يقتصر على مناقشة التدريبات العسكرية ونشر الصواريخ، وهما الموضوعان اللذان حددتها إدارة بايدن للنقاش. وقال ريابكوف «نحتاج إلى ضمانات قانونية تمنع توسع الأطلسي وتهدم كل ما استحدثه الحلف منذ 1997».

أضاف أن روسيا سعت لإبداء المرونة على مدى ثلاثين عاماً ماضية وقد آن الأوان لأن يتحلى الطرف الآخر أيضاً بالمرونة. وأوضح «إذا لم يكن بإمكانهم القيام بذلك، فسيواجهون وضعاً يتفاقم في ظله موقفهم الأمني».

«الصواريخ الكوبية

وفي اجتماع تمهيدي مع ريابكوف أمس، نقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن ريابكوف قوله للصحافيين إن اجتماعه مع شيرمان كان «معقداً لكنه (كان) عملياً (أيضاً)»، بل إنه شبه الوضع بأزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، عندما كان العالم على شفا حرب نووية.

وقال أندريه كورتونوف، وهو محلل يرأس مجلس الشؤون الدولية الروسية، إن ريابكوف أقل تشدداً من آخرين غيره في المؤسسة الأمنية الروسية، مضيفاً «في نهاية المطاف، الأمر متروك للرئيس (فلاديمير) بوتين، وليس لريابكوف، لرسم الخطوط الحمراء».

وفي ظل هذه الأجواء المشدودة، هل نشهد مساراً متفائلاً تحدث عنه الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، الذي سيجتمع مع الفريق الروسي في بروكسل الأربعاء، والذي قال إن روسيا والغرب قد لا يتمكنان من حل جميع القضايا هذا الأسبوع، لكنهما قد يجدان مخرجاً لتجنب الصراع، أم ستكون هذه المباحثات بلا ضوء في نهاية النفق؟.

Email