طرح الغاز بديلاً لمواجهة أزمة المناخ يقسم الأوروبيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعد أزمة المناخ، واحدة من أكبر التهديدات الإنسانية التي تواجه المجتمعات في جميع أنحاء العالم في الوقت الحالي، ما يستوجب اتخاذ خطوات عاجلة، لتقليل الاحترار المتزايد للغلاف الجوي، وللتعامل بشكل أفضل مع المخاطر المتزايدة من الأحداث المتطرفة، التي ينتجها هذا الاحترار بالفعل، إذ لا يمثّل تغيّر المناخ، تهديداً لمستقبل الأرض فحسب، بل إنّه يدفع بالفعل إلى أزمات إنسانية في جميع أنحاء العالم.

من هذا المنطلق، تعمل العديد من الدول على طرح بدائل، والعمل على خفض الانبعاثات، وتقديم مشاريع ورؤى جديدة، على غرار مقترح المفوضية الأوروبية، الذي ركز على التوجه نحو استخدام الغاز، وهو ما استحسنه البعض، فيما رفضه آخرون، واعتبروه غير صديق للبيئة.

وبعد خلاف استمر عاماً بين الحكومات حول أي من الاستثمارات هي فعلاً صديقة للبيئة، وضع الاتحاد الأوروبي خططاً لتصنيف بعض مشروعات الغاز الطبيعي والطاقة النووية، استثمارات «خضراء».

وأعرب وزراء حكوميون في ألمانيا والنمسا، عن معارضتهم للاقتراح، الذي تقدمت به المفوضية الأوروبية، لتصنيف بعض الاستثمارات في الغاز والطاقة النووية، على أنها صديقة للمناخ.

أمر خاطئ

وقالت وزيرة التنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، إن «وصف الطاقة النووية بأنها مستدامة، أمر خاطئ في الاتحاد الأوروبي، وهو أمر غير منطقي، بالمعايير العالمية». وأضافت: «الطاقة النووية محفوفة بالمخاطر، ومكلفة للغاية، وبطيئة للغاية لمساعدة العالم على حماية المناخ.

وبالتالي، فإنها لن تمثل أبداً أكثر من 5 % تقريباً من مزيج الطاقة العالمي اليوم». وأوضحت شولتسه، أن الطاقة النووية بالنسبة للدول النامية «ليست خياراً لأسباب وجيهة»، مشيرة إلى محطات الرياح والطاقة الشمسية، كبديل أفضل بكثير.

وكتبت وزيرة العمل المناخي النمساوية، ليونور غويسلر، على تويتر، عقب إعلان المفوضية عن مشروع قانون بهذا الشأن، أول من أمس: «إذا تم تنفيذ هذه الخطط كما هي، فسوف نلجأ إلى القضاء».

ويقول المؤيدون، إن المحطات التي تعمل بالغاز، نظراً لأنه أنظف من الفحم والبدائل الأخرى، تساعد الاقتصادات على الوصول إلى مستقبل مستدام بيئياً. وسوف يتم تصنيف الطاقة النووية، على أنها خضراء، لأنها لا تسبب انبعاث أي غازات احتباس حراري.

مخاطر طويلة

لكن المعارضين يقولون إن الغاز لا يزال غير نظيف بدرجة كافية، ويشيرون إلى المخاطر طويلة المدى للنفايات المشعة، التي تخلفها الطاقة النووية. ويضع الاقتراح شروطاً صارمة لتصنيف الاستثمارات على أنها صديقة للبيئة.

وعلى سبيل المثال، لن يتم تصنيف الاستثمارات في محطات الطاقة النووية على أنها خضراء، إلا إذا استخدمت أحدث المعايير التكنولوجية، وتضمنت خطة حقيقية للتخلص من النفايات الذرية، تدخل حيز التنفيذ بحلول 2050، على أبعد تقدير. ووفقاً للوثائق، سوف يتعين على هذه المشروعات، الحصول على تصريح بناء، بحلول عام 2045.

واتهمت غويسلر، المفوضية الأوروبية، بمحاولة «الغسل الأخضر» للطاقة النووية والغاز الطبيعي. وأضافت أن «الطاقة النووية خطيرة، وليست حلاً في مواجهة أزمة المناخ». وأيد الحزب الاشتراكي الديمقراطي في البرلمان الوطني الألماني، رأي غويسلر.

من جهته، نائب رئيس كتلة الحزب في البرلمان (بوندستاغ)، صرح ماتياس ميرش، بأنه: «يجب على ألمانيا أن تستنفد كل الأساليب الممكنة، لمنع الترويج لهذه التكنولوجيا على المستوى الأوروبي». وقال: «الطاقة النووية ليست مستدامة، وليس لها أي مغزى اقتصادي على الإطلاق»، مشيراً إلى تكلفة تخزين النفايات النووية، وقال إنه لا يمكن تمويل محطات نووية جديدة «بدون إعانات كبيرة».

وأضاف: «يجب أن يكون المستقبل لمصادر الطاقة المتجددة فقط - لا سيما على مستوى الاتحاد الأوروبي». وتابع أنه: «إذا تمت إضافة دعم الطاقة النووية إلى تسعير الكربون، فسوف تكون النتيجة تشويهاً كبيراً للمنافسة. بدلاً من ذلك، نحتاج إلى مناقشة التسعير المماثل للطاقة النووية».

اتهامات لبروكسل

بدورها، انتقدت منظمة الصندوق العالمي للطبيعة، المعنية بالبيئة، اقتراح الاتحاد الأوروبي. وقال رئيس التمويل المستدام في فرع المنظمة في ألمانيا، ماتياس كوب: «يبدو أن شعار مفوضية الاتحاد الأوروبي بشأن الطاقة النووية والغاز الطبيعي، هو: أغمض عينيك وتمنَّ الأفضل».

وأضاف أنه بعد شهور من التأخير، منحت المفوضية مجموعات الخبراء من الدول الأعضاء، 8 أيام عمل فقط، للرد على مشروع القانون، متهماً بروكسل بالسعي لتجنب الأصوات الناقدة من مجال العلوم.

Email