تصاعد التنسيق الروسي الأمريكي.. ماذا عن سوريا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

دفعت القمة الأمريكية الروسية في يونيو الماضي العلاقات بين البلدين العملاقين إلى مستويات سياسية وأمنية متطورة، بسرعة غير متوقعة بعد التصريحات النارية بين الطرفين، والتي كان أعنفها تصريح الرئيس الأمريكي جو بايدن ضد نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه «قاتل» في مقابلة في مايو الماضي.

لكن لقاء يونيو بين الرئيسين أذاب الكثير من الخلافات وتبعت هذه القمة لقاءات سياسية وأمنية في أكثر من دولة، تخللها لقاءات بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأمريكي أنتوني بلينكن في هلنسكي أغسطس الماضي.

واليوم يبلغ مستوى العلاقة أكثر تقدماً وانفتاحاً بزيارة فيكتوريا نولاند، مساعدة وزير الخارجية الأمريكي، إلى موسكو، حيث ستقوم نولاند بمباحثات سياسية معمقة مع نظيرها الروسي سيرغي ريباكوف، تشمل قضايا بين البلدين فيما تحتل سوريا الأولوية في الحوار بين الدولتين المتجاورتين في شمال شرق سوريا، حيث تتوزع القوات الروسية في مناطق غرب الفرات، بينما تنتشر القوات الأمريكية شرق الفرات.

زيارة نولاند بشكل شخصي، تعني الكثير في ملف العلاقات بين البلدين، خصوصاً وأن الأخيرة كانت على قائمة المحظورين من الدخول إلى روسيا.

الزيارة التي تستغرق ثلاثة أيام في موسكو من شأنها تطوير العلاقات الروسية الأمريكية على المستويات كافة، خصوصاً في ظل التوتر الأمريكي مع الصين، ما يعني أن هناك رغبة أمريكية في تخفيف التوتر مع روسيا لمواجهة الصين التي باتت بالنسبة للولايات المتحدة الخطر الأكبر، وقد أوضحت نولاند في حديث لوكالة «نوفوستي» الروسية أن مباحثاتها مع المسؤولين الروس ستركز على إقامة «علاقات مستقرة وقابلة للتنبؤ» بين الولايات المتحدة وروسيا.

هذه الزيارة، تأتي امتداداً للقاءات أمنية وعسكرية وسياسية أخرى، ففي منتصف سبتمبر الماضي جرت محادثات بين مبعوث الرئيس الأمريكي ومسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي، بريت ماكغورك، ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فريشنين، والمبعوث الرئاسي ألكسندر لافرنتييف، وقد كانت الأوضاع في الشرق الأوسط أولوية هذا اللقاء وفي مقدمتها سوريا، إلا أن هذا اللقاء لم يتمخض عنه أية نتائج عملية على الأرض.

وبعد اللقاء السابق في جنيف، ذهب البلدان إلى لقاءات أكثر عمقاً على المستوى العسكري، حيث أجرى قائدا الجيشين الأمريكي والروسي محادثات لمدة ست ساعات في هلسنكي في أول لقاء مباشر بينهما منذ عام 2019 فيما تتكيف الدولتان مع انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان واستيلاء «طالبان» عليها.

ولم يسفر عن هذا اللقاء أية إجراءات مرادفة، باستثناء بيان أمريكي موجز، للجيش الأمريكي تضمن الحديث عن مدة الاجتماع ولم يتضمن تفاصيل عن جدول الأعمال، إن المحادثات استهدفت «الحد من المخاطر وعدم التضارب على مستوى العمليات، حيث كان الهدف الأساسي من كل اللقاءات هو تخفيف التوتر بين البلدين».

ومع زيارة نولاند إلى موسكو وإجرائها بدءاً من الغد مباحثات مع الجانب الروسي، يكون الطرفان يلتقيان للمرة الرابعة على المستويات السياسية والأمنية والعسكرية، خصوصاً التنسيق حول الأزمة السورية التي تدفع روسيا على المستوى السياسي والاقتصادي لطي هذا الملف.

كل هذا التقارب الروسي الأمريكي، ستكون نتائجه على الأرض بالمدى المتوسط، ذلك أن واشنطن لا تريد توسيع دائرة الخلافات، بينما ترى روسيا أن الحوار مع أمريكا يسهم في تسوية كل القضايا في المنطقة.

ويرى مراقبون أن الملف السوري بعد عشر سنوات، بات ناضجاً للحل السياسي، بعد أن أجمعت كل الدول أنه لا حل عسكرياً للأزمة السورية، وتوجه كل الأفرقاء إلى الحل السياسي واللجنة الدستورية في جنيف، فيما تعمل معارضة الداخل أيضاً على لملمة صفوفها، بينما تخرج من المسؤولين السوريين رسائل سياسية للحل السياسي، آخرها تصريح وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الذي أكد أن سوريا مقبلة على إنجاز شمال شرق سوريا، وهي المناطق الخاضعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بالتحالف مع الولايات المتحدة.

Email