أزمة الغواصات.. هل تغادر فرنسا «الأطلسي»؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

تصريحات وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، السبت الماضي، التي قال فيها إن أزمة «الغواصات» مع الولايات المتحدة وأستراليا، ستؤثر في مستقبل حلف شمال الأطلسي «الناتو»، تعيد للأذهان أجواء مشابهة في عام 1966، إذ مرّ الحلف بواحدة من أسوأ فتراته، إذ انسحبت فرنسا من القيادة العسكرية الموحدة للحلف، في ذروة تورط الأمريكيين في حرب فيتنام.

جاء القرار الفرنسي تتويجاً لتراكم الخلافات مع الولايات المتحدة، إذ كان ثمّة انزعاج فرنسي من مواقف واشنطن إزاء عدد من الأزمات الدولية. فقد سبقه في مارس 1959، انسحاب البحرية الفرنسية المتمركزة بالبحر الأبيض المتوسط من قيادة الحلف.

وبعدها بشهرين أعلن الجنرال شارل ديغول أنه سيعارض تخزين الأسلحة النووية الأمريكية على الأراضي الفرنسية، كما أعلن عام 1962 إعفاء الجنود الفرنسيين العائدين من الجزائر من المشاركة بمهام الحلف. وفي عام 1964 غادرت البحرية الفرنسية القيادة المشتركة للناتو في المحيط الأطلسي.

العودة

ولم تعد فرنسا للحلف إلا سنة 2009، في فترة حكم الرئيس نيكولا ساركوزي، بعد غياب استمر نحو 43 عاماً. فهل تكرر فرنسا السيناريو ذاته، أم أن الحسابات هذه المرة مختلفة، في ظل وجود أطراف أخرى في الأزمة (بريطانيا وأستراليا والصين)، مع تعالي أصوات تحذر من سباق تسلح نووي وربما صدام نووي، على وقع أزمة الغواصات؟

صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» الروسية نقلت عن الخبير السياسي الألماني ألكسندر راهر، توقعاته بمزيد من تدهور العلاقات البينية في حلف الناتو في المستقبل.

مشيراً إلى أن «الأمريكيين هم في الواقع من أخرج الفرنسيين من صفقة تطوير وبناء الغواصات». ولكن راهر - مع كل ذلك - يستبعد أن تُقْدم فرنسا، بسبب هذه الأزمة، على الانسحاب من الحلف، وخاصة في ظل وجود الرئيس إيمانويل ماكرون الملتزم أفكاراً أطلسيةً.

، مضيفاً إنه «يجب أن يحدث شيء أسوأ بكثير بالنسبة لباريس حتى تفكر بجدية في الانسحاب من الحلف»، مشيراً إلى أنه ستُجرى الانتخابات الرئاسية في فرنسا في مايو 2022، وفي حال أصبحت مارين لوبان، زعيمة الرابطة الوطنية الفرنسية، رئيسة للدولة، يصبح هذا الخيار ممكناً.

تصدّعات

بالمقابل، يرى الخبير الألماني راهر أن النتيجة المتوقّعة هي حدوث تصدعات وأحداث مهمة للغاية داخل الحلف، في ظل واقع مختلف عن سنوات الحرب الباردة، ولم يعد للغرب الآن عدو مشترك واضح مثل الاتحاد السوفييتي في السابق؛ وبالتالي باتت لكل دولة في الغرب مصالحها الخاصة.

ورغم أن فرنسا تريد من الحلف ومن الأمريكيين ضمان أمن القارة الأوروبية، إلا أن الولايات المتحدة – حسب راهر - تواجه تحديات مختلفة تماماً عن تلك التي كانت تواجهها في الحرب الباردة، إذ بات العدو الجيوسياسي الأول للأمريكيين على المسرح العالمي هو الصين، عادّاً أن الولايات المتحدة تضع مصالحها «فوق التضامن داخل كتلة الأطلسي».

وخلص الخبير الألماني إلى توقعه أن تزداد العلاقات في الناتو سوءاً بمرور الوقت، وأن تبتعد أمريكا عن أوروبا.

تحذير

حذرت كوريا الشمالية، من أنّ الولايات المتحدة تجازف ببدء سباق تسلح نووي خطير، بعد أن أعلنت عن تزويد أستراليا بتكنولوجيا غواصات تعمل بالطاقة النووية، منتقدة ما وصفته بازدواجية المعايير من جانب واشنطن، وتعهدت باتخاذ إجراءات مضادة.

وقالت وزارة خارجية كوريا الشمالية، إنّ تلك أفعال ضارة وخطيرة ستخل بالتوازن الاستراتيجي في منطقة آسيا والمحيط الهادي.

Email