تحالف الغواصات صراع دولي جديد يوتّر المحيط الهادئ

ت + ت - الحجم الطبيعي

فتح قرار أستراليا امتلاك غواصات نووية، بالشراكة مع الولايات المتحدة وبريطانيا المجال لصراع دولي جديد في المحيط الهادئ.

وأثار هذا التحالف الأمني بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا حالة من الغضب في الصين، وفرنسا ونيوزيلندا، وقال ناطق باسم وزارة الخارجية في بكين، أمس: «يجب على الدول المعنية التخلي عن عقلية المحصلة الصفرية للحرب الباردة»، مضيفاً:

إن القوى الثلاث لن تؤدي إلا إلى الإضرار بمصالحها الخاصة، وأشار إلى أن أستراليا ليست قوة نووية، ولكنها ستقوم حالياً وفجأة باستيراد تكنولوجيا غواصات تعمل بالطاقة النووية، ذات قيمة عسكرية استراتيجية، وأن هذا قد يدفع الدول الأخرى في المجتمع الدولي إلى التشكيك في التزام المجموعة بعدم الانتشار النووي.

من ناحية أخرى، أعلنت رئيسة وزراء نيوزيلاندا جاسيندا أردرن أن بلادها لن تسمح للغواصات الأسترالية، التي تعمل بالطاقة النووية، بدخول مياهها.

وانتقدت فرنسا بشدة قرار أستراليا شراء تكنولوجيا غواصات أمريكية، متّهمة الرئيس الأمريكي جو بايدن بطعنها في الظهر والتصرف مثل سلفه دونالد ترامب.

وقال وزير خارجيتها جان إيف لو دريان: «هذا القرار الجائر الأحادي، وغير المتوقع يذكرني كثيراً بما كان يفعله السيد ترامب»، وأضاف «أنا غاضب.. إنه أمر لا يمكن فعله بين الحلفاء.. إنها صفعة على الوجه».

وتابع: «أقمنا علاقة ثقة مع أستراليا، وقد تعرضت هذه الثقة للخيانة»، مضيفاً: إن كانبرا يتعيّن عليها الآن أن تشرح كيف تعتزم الخروج من الصفقة، وأردف وزير الخارجية الفرنسي: «لم ننته من هذه القصة بعد». بالمقابل، قال وزير الدفاع البريطاني بن والاس، إنه يتفهم حجم الإحباط الفرنسي بسبب خسارة الصفقة.

سباق بحري

وكان يفترض أن تجدد أستراليا إمكاناتها عبر حيازة 12 غواصة تقليدية من صنع فرنسي، علماً بأنها تملك ست غواصات من طراز «كولينز» تعمل محركاتها بالديزل والكهرباء، وهي من صنع السويد ودخلت قيد التشغيل في منتصف التسعينيات. وعبر فسخها هذا العقد، اختارت أستراليا زيادة قدراتها بشكل إضافي: لأن الدفع النووي يتيح قدرة تحرك أكبر للغواصة. وقال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون «هذا تغيير في الاحتياجات».

وعلى غرار آخرين، تعبر أستراليا عن قلقها من تزايد قوة البحرية الصينية، ففي نهاية 2020، كانت الصين تملك ما مجموعه 350 سفينة قتالية وغواصة مقارنة مع 297 سفينة لكل الأسطول العالمي للولايات المتحدة بحسب مكتب الاستخبارات البحرية الأمريكي، وتوقع المكتب أن الصين ستمتلك 400 سفينة 2025، و425 عام 2030.

وتملك بكين خصوصاً ست غواصات نووية، يمكنها إطلاق صواريخ نووية، و40 غواصة هجومية بينها ست غواصات نووية بحسب «ميليتاري بالانس».

ويمكن لواشنطن أن تعتمد على 21 غواصة هجومية، وثماني غواصات نووية حاملة لصواريخ نووية مركزها في المحيط الهادئ وخصوصاً في بيرل هاربور بحسب البحرية الأمريكية.

وإذا كانت الولايات المتحدة تنشر في المنطقة 5 من حاملات طائراتها الإحدى عشرة، فان الصين بدأت ببناء ثالث حاملة طائرات، وما زالت تبني مزيداً من المدمرات. وبين عامي 2015 و2019، بنت الورش البحرية الصينية 132 سفينة مقابل 68 للولايات المتحدة و48 للهند و29 لليابان و17 لفرنسا و9 لأستراليا و4 (بينها حاملتا طائرات) لبريطانيا بحسب دراسة أعدتها مؤسسة جاينز المتخصصة السنة الماضية.

وخلال أربع سنوات، كان لدى الصين ما يعادل الأسطول الفرنسي بحسب الأميرال بيار فاندييه رئيس هيئة أركان البحرية الفرنسية، الذي شدد على «الجهد البحري الصيني التاريخي» الذي يشكل «أكثر من 55% من موازنة الدفاع الصينية».

ضد الصين

هذه الحماسة الصينية الفائقة لها تداعيات على مجمل المنطقة، ما دفع بالعديد من الدول إلى اعتماد استراتيجية تهدف إلى منع القوة الصينية من الانتشار بالقرب من سواحلها، وهذا يمر خصوصاً عبر شراء غواصات. وهكذا، امتلكت فيتنام ست غواصات من صنع روسي، وماليزيا «اثنتين»، فيما طلبت إندونيسيا ست غواصات من كوريا الجنوبية وتفكر الفلبين في بناء أسطول من الغواصات. وتحتج الصين على سيادة كل هذه الدول على قسم من بحر الصين الجنوبي.

في أماكن أخرى في المحيط الهادئ، تمتلك اليابان 23 غواصة وكوريا الجنوبية 18 غواصة وسنغافورة 2 وروسيا 12 غواصة.

وما يدل على التوتر في المنطقة ومصالحها، أنجزت فرنسا من جانبها في مطلع 2021 نشر غواصة «ايمرود» النووية الهجومية في المحيط الهادئ، للمرة الأولى منذ 2001.

Email