البرازيل بين كمّاشتي الفقر و«كورونا»

ت + ت - الحجم الطبيعي

عدد الوفيات في البرازيل جراء وباء «كورونا» تجاوز العتبة الرمزية المتمثلة بـ500 ألف، حيث بات الوباء يوصف بأنه «قنبلة موقوتة»، تتسبّب بأضرار اجتماعية لا يمكن إصلاحها، وفق ما أوضح الباحث في الصحة العامة ألكسندر دا سيلفا لوكالة «فرانس برس».

يرى هذا الدكتور في جامعة ساو باولو أن مبدأ «الوباء المركب»، أي اقتران حالات الطوارئ الصحية والمشاكل الاجتماعية الاقتصادية في سياق من التفاوتات المتزايدة، هو أكثر من أي وقت مضى موضوع الساعة في البرازيل.

من الواضح أن الوباء أدى إلى تفاقم التفاوتات العميقة أصلاً، في البرازيل، ويرى الدكتور دا سيلفا أن «التفاوتات ازدادت بشكل لا يمكن تصوّره»، مضيفاً: إن «في الفترة التي وصلت فيها الجائحة، كانت هناك أصلاً الكثير من المشاكل الأخرى في بلدنا، لذلك نتحدث عن وباء مركّب». وتابع: «الاستثمارات في مجال الصحة العامة كانت مجمّدة منذ سنوات عدة»، لكن الطبيب يؤكد أن «المشكلة ناجمة خصوصاً عن واقع أن السلطات العامة لا تفعل أي شيء عملياً، لتقليص التفاوتات الاجتماعية الاقتصادية. معدّلات البطالة لا تكفّ عن الارتفاع، وينبغي على عدد كبير من الأشخاص الفقراء التعرض إلى الفيروس للبقاء على قيد الحياة»، مشيراً إلى أن «الجوع لا يتوقف عن الانتشار في البلاد، وغالباً ما يكون السكان السود الأكثر هشاشة».

حملة التطعيم

يعتبر دا سيلفا أن «للأسف الوباء هو قنبلة موقوتة. ما لم يتمّ تسريع حملة التطعيم، وما لم يحصل تنسيق أفضل للسياسات الصحية والمساعدة الاجتماعية، سيُسجّل الكثير من الوفيات بعد، وفيات كان بالإمكان تفاديها».

يعتقد كثيرون في هذا البلد أنه كان بالإمكان تجنّب أن يبلغ عدد وفيات الوباء في بلدهم النصف مليون، ويقول الطبيب «بالطبع، سبق أن أثبتت البرازيل في الماضي قدرتها على تنفيذ حملة تطعيم جماعية، لكن اللقاحات وصلت متأخرة وببطء»، ويؤكد أنه «يتمّ التشكيك بشكل مستمرّ بالبديهيّات العلمية، مثل وضع الكمامات مؤخراً، وكان بالإمكان تجنّب أيضاً وفيات كثيرة مع مزيد من الوقاية والرعاية الصحية الأولية، التي كان يمكن أن تسمح بتحديد الأشخاص الأكثر هشاشة المصابين بأمراض مصاحبة».

ويرى أن «في مجتمعنا الذي أضعفته الجائحة، لم تكن هناك في أي لحظة سلطة قادرة على أن تظهر توجهاً. بدلاً من ذلك، كان النقاش السياسي مستقطباً أكثر فأكثر، وكرّس نشر معلومات خاطئة»، معتبراً أن ذلك «تهديد حقيقي للبلاد».

حق الحياة

حول التداعيات التي يمكن الخشية منها على المدى البعيد بعد الوباء، يوضح الطبيب أن «هذا الفيروس يمكن أن يسبّب سلسلة مشاكل على المدى الطويل، مع آثار عصبية وتنفسية وعضلية، بدون ذكر الاضطرابات العقلية»، مؤكداً أن ذلك «سيطرح تحديات هائلة للصحة العامة في المستقبل»، ويقول: «بشكل عام، نشهد في البرازيل تراجعاً في ما يخصّ المكتسبات الاجتماعية، مع انتهاك سلسلة حقوق أساسية، مثل الحق البسيط في الحياة».

Email