فرنسا وروسيا وجهاً لوجه في أفريقيا الوسطى

قوات من حفظ السلام الأممية في بانغي عاصمة أفريقيا الوسطى | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان لافتاً الاتهام الذي أطلقه وزير الخارجية الفرنسي جان-ايف لودريان، اليوم، أن روسيا شرعت في «الاستيلاء على السلطة» في جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تشهد هذه الجمهورية بالفعل تنافساً بين باريس وموسكو منذ سنوات، ويبدو أن الأخيرة حسمتها لصالحها. لكن ليس من دون تعقيدات في تحديد الأدوات الروسية.. فهل مجموعة «فاغنر» الأمنية ذراع لروسيا؟ تنفي موسكو باستمرار أن تكون هذه المجموعة التي تعمل كشركة تقدم مقاتلين مرتزقة مرتبطة بها، لكن يبدو أن رواية موسكو لا تقنع الغربيين.

وجمّدت فرنسا مساعدتها لموازنة أفريقيا الوسطى وعلّقت التعاون العسكري الثنائي وسط اتهام حكومتها بـ«التواطؤ» مع حملة مناهضة لفرنسا تقودها روسيا. ومحور القلق الفرنسي هو الكولونيل اسيمي غويتا الذي قاد انقلابين في الأشهر الأخيرة في مالي وكان قد تلقى تدريبه في روسيا. إلا أن لودريان قال «ليس لأن البعض تدربوا في موسكو فهم يتماشون معها الآن».

تندد فرنسا رغم ذلك بحملة مناهضة لها في الساحل، خصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحشد جزءاً منها مجموعات تزعم أنها روسية. وكانت فرنسا قد تدخلت في أفريقيا الوسطى في إطار عملية سانغاريس بين 2013 و2016 بهدف وقف أعمال العنف الأهلية. ودخلت روسيا هذا «المربع» الفرنسي السابق عبر توريد أسلحة للقوات المسلحة وإرسال مئات العناصر شبه العسكريين بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.

وانزلقت أفريقيا الوسطى التي لا يتجاوز عدد سكانها خمسة ملايين والمصنّفة من بين أكثر الدول عوزاً في العالم، إلى العنف والفوضى عام 2013 إثر الانقلاب الذي أطاح بالرئيس فرنسوا بوزيزيه على يد حركة سيليكا.

ومن مظاهر الفوضى وانعدام الأمن في أفريقيا الوسطى ما كشفه جود ديفيرمونت، مدير برنامج أفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي في واشنطن، وأكد في تقرير عن الوضع الانتخابي المتدهور في القارة الأفريقية أن الأمثلة التي لم يتمكن خلالها بعض الناخبين من الإدلاء بأصواتهم، انتخابات جمهورية أفريقيا الوسطى عام 2020.

ومنذ يناير تفاخر القوات الحكومية في استعادة قسم كبير من أراضيها الشاسعة التي كانت تسيطر عليها جماعات مسلحة منذ بدء الحرب الأهلية في 2013 بفضل القوات شبه العسكرية الروسية بشكل خاص. بعض هذه القوات متواجد منذ 2018 لكن موسكو أوفدت قوات إضافية بشكل كثيف في نهاية ديسمبر الماضي لإنقاذ الرئيس فوستان أرشانج تواديرا الذي كان مهدداً بهجوم من المتمردين.

وبحسب فرانس برس، لا تعترف روسيا رسمياً سوى بوجود 1135 «من المدربين غير المسلحين» تم الإعلان عنهم على هذا النحو للأمم المتحدة لكنها ترفض التعليق على قوات شبه عسكرية من شركات روسية أمنية تؤمن خصوصاً الحماية المقربة للرئيس تواديرا وحماية مناجم التعدين.

لكن مقابل الحديث عن «مدربين غير عسكريين» ومنظمات غير حكومية، تندد فرنسا والأمم المتحدة بوجود مئات المسلحين من مجموعة فاغنر الأمنية الخاصة التي يديرها رجل الأعمال إيفغيني بريغوجين المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ومنذ 2018 منحت الحكومة تصاريح تعدين لشركات روسية من أجل استغلال الذهب والألماس.

وقال مسؤول حكومي كبير رفض الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس إن «الشعور المناهض لفرنسا ليس الهدف»، مضيفاً «لقد أتيحت لنا الفرصة للحصول على أسلحة من روسيا، وانتهزناها».

وأضاف «لم نعد نريد مجموعات مسلحة على أراضينا. يجب أن تتوقف فرنسا عن اتخاذ موقف أبوي في ما يتعلق باختيار حلفائنا».

Email