هل تتجه ساحل العاج إلى مصالحة وطنية؟

أنصار غباغبو يحتفلون بعودته في شوارع العاصمة أبيدجان أ.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

عاد الرئيس السابق، لوران غباغبو، إلى ساحل العاج، واحتفل الأنصار إلّا أنّ العودة أثارت توتّراً أيضاً، فيما باتت المصالحة الوطنية مطروحة الآن أكثر من أي وقت مضى في بلاد ما تزال تعاني عقوداً من أعمال العنف السياسية والعرقية. وتصدرت عودة لوران غباغبو بعد عشر سنوات من الغياب بعد تبرئته من جرائم ضد الإنسانية من قبل القضاء الدولي وموافقة خصمه الرئيس الحالي الحسن وتارا، الصفحة الأولى لجميع الصحف في ساحل العاج بما في ذلك الصحف الحكومية. ونشرت صحيفة «فراتيرنيتيه ماتان» اليومية المملوكة للدولة، الكلمات الأولى للرئيس السابق عند وصوله في عنوانها الرئيسي: «أنا سعيد بالعودة إلى ساحل العاج وإفريقيا». وعنونت صحيفة «لو نوفو ريفيي» المعارضة: «غباغبو عودة المنتصر».

تجمّع آلاف من مؤيدي غباغبو في أجواء احتفالية وقاموا بتحيته على طول الطريق خلال رحلته من جنوب العاصمة أبيدجان إلى شمالها. وعلى الرغم من أنّ عدد المشاركين لم يكن الملايين، إلّا أنّه كان كافياً ليعكس شعبية لوران غباغبو التي لم تتراجع، وفق مراقبين.

وشهد يوم عودته حوادث عدة إذ صدرت تعليمات للشرطة بتفريق كل الذين يرغبون في الذهاب إلى المطار، وأغلقت كل الطرق المؤدية إليه مع بعض الاستثناءات لاستقباله «بأعداد كبيرة»، فيما واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع بكثافة. وكتب الكاتب والصحافي، فينس كونان، المؤيد لوتارا في صحيفة «فراتيرنيتيه ماتان»: «هذه الحوادث المؤسفة التي لم تسفر بحسب علمنا عن خسائر في الأرواح أو حتى أضرار مادية جسيمة ينبغي ألا تكون شجرة تخفي غابة، نريد جميعاً كتابة التاريخ الجديد تحت عنوان المصالحة الكاملة والحقيقية والوحدة المقدسة في مواجهة الأخطار الكبيرة التي سيكون علينا التصدي لها والإرهاب الإسلامي وانحسار الغابات». وتبنى معسكر لوران غباغبو اللهجة نفسها، إذ قال الناطق باسمه جاستن كاتينان كوني، إن هذه الحوادث أصبحت فعلاً من الماضي، مضيفاً: «نحن مصممون على المضي قدماً في المصالحة الوطنية رغم كل الصعاب».

وأصبح عقد لقاء بين غباغبو ووتارا اللذين لم يتبادلا الحديث منذ أكثر من عشر سنوات أمراً «ممكناً»، إلّا أنّ غباغبو يجب أن يرتاح في الوقت الحالي، وفق الناطق باسم الرئيس السابق. ويشير مراقبون إلى أنّ المصالحة الوطنية تصب في مصلحة وتارا وغباغبو، الأول لمحو ذكرى إعادة انتخابه المثيرة للجدل في أكتوبر 2020، والثاني ليعود إلى اللعبة السياسية بمظهر رجل حكيم.

وما زال معارضو غباغبو، يرون أنه دفع بالبلاد إلى الفوضى عبر رفضه الاعتراف بهزيمته أمام الحسن وتارا في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2010. وأدى رفضه إلى أزمة خطيرة تلت الانتخابات سقط خلالها حوالى ثلاثة آلاف قتيل. وفي أبريل 2011، اعتقل غباغبو الذي كان يحكم البلاد منذ العام 2000، ثم نُقل إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

Email