بعد انقلابين في مالي.. تحدي الإرهاب في منطقة الساحل إلى أين؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يستعد الكولونيل أسيمي غويتا، الذي قاد انقلابين، خلال شهور في مالي، لتسليم السلطة غداً الاثنين كونه رئيساً انتقالياً للبلاد، إذ يلقي هذا الحدث بظلاله ليس على الصعيد الداخلي فقط، بل على صعيد تزايد احتمالات تعثر الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، فالوضع بمنطقة الساحل يزداد سوءاً، ووجود القوات الدولية هناك غير ناجح، وفق ما يراه مراقبون، في حين يبدو أن السيناريو المرجح هو استمرار العمليات العسكرية الفرنسية في الحرب على الإرهاب، ولكنها بالتأكيد سوف تواجه بالعديد من التحديات مثل ضعف التعاون الأمني مع المجلس العسكري، والتراجع المحتمل للدعم الأوروبي لعملياتها.

وهدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقابلة مع صحيفة «لوجورنال دو ديمانش»، بسحب قوات بلاده من مالي في حال سار هذا البلد باتجاه «التشدد الراديكالي»، بعد انقلاب ثان في ظرف تسعة أشهر، وأكد ماكرون أنه سبق أن «مرر رسالة» إلى قادة دول غرب أفريقيا، مفادها أنه «لن يبقى إلى جانب بلد لم تعد فيه شرعية ديمقراطية، ولا عملية انتقال سياسي»، حيث تدعم فرنسا عبر قوة «برخان»، التي تضم نحو 5100 عنصر، مالي التي تواجه منذ 2012 هجمات متشددة انطلقت في الشمال، وأغرقت البلاد في أزمة أمنية قبل أن تمتد إلى وسط البلاد.

ويرى الخبير في منطقة الساحل بـ«مجموعة الأزمات الدولية» جان إيرفيه جيزيكيل أن «هذه الإدانات ليست سوى على الورق بشكل أساسي». وأضاف «ما هو الأهم في نظر شركاء مالي: مرحلة انتقالية بقيادة مدنيين أم حكومة، تسمح بمواصلة القتال ضد المتشددين؟». إن تنامي التهديدات الإرهابية في دول الجوار، حيث يوفر الانقلاب مساحة أكبر للتعاون بين التنظيمات الإرهابية، التي تهدد دول الشمال الأفريقي مثل الجزائر وتونس وليبيا، ودول غرب أفريقيا مثل موريتانيا ونيجيريا، وبلدان خليج غينيا. وتشير البيانات إلى أن مالي وبوركينا فاسو والنيجر شهدت منذ بداية العام الماضي، نحو 937 حادثة عنف، بزيادة شهرية قدرها 13 في المئة عن 2019، غير أنه بالمقابل يرى مراقبون أن المجتمع الدولي لا يمارس ما يلزم من الضغوط على المجلس العسكري في مالي، لإعادة السلطة إلى المدنيين، خاصة بعد الانقلاب الثاني الذي أطاح الرئيس الانتقالي وحكومته. ويربط هؤلاء هذا الموقف غير الصارم تجاه باماكو بالشراكة، التي تجمع الطرفين في مواجهة المتشددين بالمنطقة، باعتبار أن البلد ينظر إليه كونه رقماً أساسياً في التصدي للإرهاب بالساحل الأفريقي، إذ تتفادى الأسرة الدولية ممارسة ضغوط كبيرة على المجلس العسكري في مالي بعد الانقلاب الجديد، حرصاً منها على مواصلة القتال ضد المتشددين في المنطقة، ومنع البلاد من السقوط في الفوضى.

Email