تناقضات صعبة أمام تشكيل الحكومة.. هل ينجح لبيد في تحقيق ما فشل فيه نتانياهو؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتعين على زعيم المعارضة الإسرائيلي يائير لبيد أن يتحرك بدقّة لإنهاء «حقبة نتانياهو» المخضرم، وهي مهمة صعبة ستضطره إلى بناء تحالفات، قد تشمل اليمين المتطرف وحتى نواباً من العرب، الذين لم يسبق أن شاركوا في حكومة إسرائيلية.

بعد فشل رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في تشكيل الحكومة في الوقت المحدد على الرغم من تصدر حزبه نتائج الانتخابات التشريعية في مارس، منح الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين الأربعاء منافسه لبيد 28 يوماً، ليحاول بدوره.

ولتحقيق ذلك، على رئيس حزب يش عتيد (هناك مستقبل) الوسطي أن يحصل على تأييد ما لا يقل عن 61 نائباً من أصل 120 نائباً في الكنيست (البرلمان)، وربما يتعين عليه كذلك أن يضحي بطموحاته لأن يتولى رئاسة الحكومة على المدى القصير على الأقل.

مدى التباين

أنتجت انتخابات مارس، وهي الرابعة غير الحاسمة في أقل من عامين، «كنيست» ممزقة، يصعب تحقيق غالبية مستقرة فيها.

يمكن أن يعتمد لبيد على الأرجح على دعم حزب ميرتس اليساري، وحزب العمل وحزب بيني غانتس الوسطي، وكذلك حزبين يمينيين مصممين على إزاحة نتانياهو الموجود في السلطة منذ 12 عاماً، إذ يضم حزب «تكفا حداشا» (الأمل الجديد) بزعامة جدعون ساعر منشقين عن حزب ليكود اليميني، في حين يؤيد حزب «إسرائيل بيتنا» بزعامة أفيغدور ليبرمان اليميني القومي عدداً كبيراً من المهاجرين من الاتحاد السوفييتي السابق. في حال لم تحصل انشقاقات، يمكن أن يحصل لبيد بفضل تأييد هذين الحزبين على 51 من 61 مقعداً يحتاج إليها لتحقيق الأغلبية.

في الأسابيع الأخيرة، لم يتمكن حزب الليكود بزعامة بنيامين نتانياهو، وحزبان يهوديان متشددان، وتحالف الصهيونية الدينية اليميني المتطرف من جمع أكثر من 52 مقعداً، وكان من المؤكد أن لبيد سيرفض التحالف معها.

ورفض الانضمام إلى ائتلاف نتانياهو كل من حزب جدعون ساعر «الأمل الجديد»، وحزب يمينا اليميني المتطرف، بزعامة نفتالي بينيت.

ولكي يحصل على الأغلبية على لبيد أن يتحالف مع حزب يمينا، بزعامة نفتالي بينيت الذي يؤدي حالياً دوراً «غير منحاز»، ويمثله 7 نواب، كما يتعين عليه التحالف مع بعض المشرعين العرب، الذين ينتمون لأحزاب مختلفة، تشغل 10 مقاعد، من بينها الحركة الإسلامية الجنوبية، بزعامة منصور عباس (4 مقاعد).

عملية تناوبية

كيف يمكن أن يحصل لبيد على أغلبية 61 نائباً؟ هناك إجماع عام على أن تولي لبيد مقاليد السلطة يتطلب منه أن يعرض على بينيت رئاسة الوزراء في الجولة الأولى من عملية تناوبية كجزء من صفقة ائتلافية. وقدم لبيد بالفعل مثل هذا العرض إلى بينيت، حليف نتانياهو السابق قبل أن تنهار علاقتهما.

أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس غايل تالشير يقول: «إن الخيار الوحيد الذي يبدو قابلاً للتطبيق هو حكومة تجمع بين لبيد وبينيت، يتولى فيها بينيت أولاً منصب رئيس الوزراء».

ويبدو أن منطق هذه الاستراتيجية يقوم على أنها ستجذب بينيت، الذي يعد دوره أساسياً في تشكيل أي حكومة، وتجعل التحالف أكثر قبولاً لدى اليمين وبخاصة حزب «الأمل الجديد».

ويمكن لهذه الاستراتيجية أيضاً أن تروق لزعماء الوسط واليسار، من خلال إنجاز ما استعصى عليهم منذ عام 2009 ألا وهو إزاحة نتانياهو من السلطة.

وقال المحلل السياسي شموئيل روزنر: «لبيد يجب أن يؤجل حلمه في أن يكون رئيساً للوزراء»، من أجل الحصول على 61 مقعداً.

لبيد - بينيت

ما العقبات التي تعترض خطة لبيد- بينيت؟ يمكن لخطة التناوب بين لبيد وبينيت أن تنهار بسهولة في المشهد السياسي الإسرائيلي شديد التعقيد، فبينيت من أشد مؤيدي التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة، فيما يمثل هذا الأمر خطاً أحمر بالنسبة للمشرعين العرب الملتزمين بإقامة دولة فلسطينية.

وكرر أعضاء في القائمة المشتركة ذات الغالبية العربية دعمهم حكومة يشكلها لبيد الأربعاء، لكنهم أبلغوا ريفلين كتابياً أنهم «لا يدعمون حكومة برئاسة بينيت».

أما منصور عباس من الحركة الإسلامية الجنوبية فعبر عن انفتاحه بشكل عام على أي ترتيب يحسن الظروف المعيشية للأقلية العربية في إسرائيل، لكن وبعد حصوله على التفويض، ليس لدى لبيد حل واضح لجسر الفجوة بين بينيت والعرب، ولعل أخطر تهديد لحكومة وحدة يشكلها هو نتانياهو نفسه.

يتفق الخبراء السياسيون على أن نتانياهو سيكرس كل طاقته، ليجعل من الصعب على أي يميني الانضمام إلى حكومة يشكلها لبيد.

ودلالة على ذلك، صدرت صحيفة «هآرتس»، التي تمثل اليسار الوسط بعنوان رئيسي يقول «إن نتانياهو في مسار التخريب الكامل».

وقال تالشير: «خضع أعضاء بينيت لضغوط هائلة للانشقاق أو الامتناع عن الإذعان»، عندما طُلب منهم تأييد حكومة يشكلها لبيد.

Email