نقلة نوعية في التعامل الأمريكي مع النفوذ الإيراني بسوريا

ت + ت - الحجم الطبيعي

المرة الأولى منذ تولي إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مهامها في البيت الأبيض في 20 يناير الماضي، تعلن الولايات المتحدة الأمريكية عن ضربة عسكرية موجعة للميليشيات الإيرانية في شرقي سوريا، ما يشكل نقلة نوعية في التعامل الأمريكي مع النفوذ الإيراني في سوريا.

وقد تفاجأت إدارة إيران بالضربة على مواقعها في مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، حيث استهدفت مقار ومواقع تابعة للميليشيات الإيرانية وصفت بالخطيرة والحساسة، في الوقت الذي تسعى فيه إدارة بايدن إلى العودة إلى الاتفاق النووي، ما يثير تساؤلات مهمة حول طريقة تعامل بايدن مع إيران.

الضربة العسكرية كشف عن تفاصيلها وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن في وقت متأخر ليل (الجمعة)، في تصريحات صحفية أكد فيها شن الجيش الأمريكي في سوريا غارات على مواقع إيرانية استهدفت الهدف الصحيح – على حد قوله -.

وقال وزير الدفاع الأمريكي للصحفيين «متأكدون من أن الهدف الذي استهدف في سوريا كانت تستخدمه الميليشيات نفسها التي نفذت الهجمات الصاروخية في العراق، كاشفاً في الوقت ذاته عن تنسيق مع الجانب العراقي قبل تنفيذ الغارة الأمريكية، إذ أوضح أن القوات الأمريكية نفذت الضربة استناداً إلى معلومات استخباراتية وفرها الجانب العراقي، متابعاً القول سمحنا وشجعنا العراقيين على التحقيق وجمع المعلومات الاستخباراتية وكان ذلك مفيداً جداً لنا في تحديد الهدف.

وفي بيان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، أكد جون كيربي، أن الجيش الأمريكي شن غارات جوية استهدفت بنية تحتية، تستخدمها مجموعات مسلحة مدعومة من إيران، في شرقي سوريا، وذلك بتوجيه من الرئيس، جو بايدن، مشدداً أن الغارة بعثت برسالة لا لبس فيها: سيتحرك الرئيس بايدن لحماية أفراد القوات الأمريكية وقوات التحالف.

وأضاف كيربي في بيان إنه تمت الموافقة على هذه الضربات رداً على الهجمات الأخيرة ضد القوات الأمريكية وقوات التحالف في العراق، وعلى التهديدات المستمرة التي يتعرضون لها، مشيراً إلى أن الضربة دمرت عدة منشآت تقع عند نقطة مراقبة حدودية يستخدمها عدد من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، بمن في ذلك كتائب حزب الله.

وبحسب مصادر محلية في البوكمال، أكدت أن الغارات الأمريكية استهدفت مباني تابعة لقاعدة الإمام علي التي تشيدها إيران بعد الضربة التي تعرضت لها في الصيف الماضي، مؤكدين أن حجم الانفجارات الهائل في المنطقة، يشير إلى ضربة موسعة ومدمرة ضد المواقع الإيرانية.

استنفار

المصادر التي - فضلت عدم ذكر اسمها - لأسباب أمنية، أفادت بحالة من الاستنفار الأمني في مدينة البوكمال التي تسيطر عليها الميليشيات الإيرانية، وأن الميليشيات نقلت الجرحى والقتلى إلى مراكز طبية خاصة بها بعيداً عن المراكز الصحية التابعة للحكومة السورية، مؤكدين وقوع عدد كبير من القتلى والجرحى.

رد الفعل الروسي على الضربة الأمريكية للميليشيات الإيرانية، حمل رسالة مبطنة إلى إيران حول التنسيق الأمريكي الروسي في سوريا، إذ كشف وزير الخارجية الروسي، أن الولايات المتحدة لم تبلغ موسكو بخطتها شن غارات جديدة على شرقي سوريا إلا قبل دقائق معدودة من تنفيذ الغارات الجوية، موضحاً في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأفغاني محمد حنيف أتمر، أن العسكريين الروس تلقوا إخطاراً من الجانب الأمريكي بشأن الغارات الجديدة قبل أربع أو خمس دقائق فقط من شنها.

وتعكس هذه التصريحات استمرار التفاهم الروسي الأمريكي في الحد الأدنى ضد إيران، ما يشير إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تتجه إلى سياسة مستقلة عن سابقتها في سوريا، وخصوصاً ضد النفوذ الإيراني، ومن شأن هذه التصريحات أن تثير قلق الجانب الإيراني الذي يتهم كثيراً الجانب الروسي بالتنسيق مع إسرائيل حول الضربات التي تستهدف المواقع الإيرانية وخصوصاً في الجنوب السوري.

إدراج

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أدرجت كتائب حزب الله على لائحة المنظمات الإرهابية والإرهابيين المدرجين بشكل خاص، إذ أعلنت الكتائب مسؤوليتها عن عمليات إرهابية عدة في العراق، بما في ذلك هجمات بعبوات ناسفة وعمليات إطلاق نار غير مباشر وهجمات بالقذائف الصاروخية وعمليات قنص.

ومن شأن هذه الضربة أن تضع منهجاً أمريكياً جديداً في التعامل مع الملف الإيراني، يرتكز على الفصل بين نفوذ إيران التخريبي في المنطقة والملف النووي الإيراني، على عكس سياسة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما الذي عقد صفقة الاتفاق النووي وفقاً لنفوذ إيران في سوريا واليمن والعراق.

 
Email