نافالني يشعلها.. طرد دبلوماسي متبادَل بين روسيا وأوروبا

navalne

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس كثيراً ما يحدث أن يتمكن شخص واحد من أن يشعل أزمة كبرى بين الشرق والغرب. لكن المعارض الروسي الشاب ألكسي نافالني، تمكن من ذلك، ليس منذ لحظة تسميمه، كما قال الغرب ونفت موسكو، إنما منذ اعتقاله في أحد مطارات موسكو لحظة عودته من ألمانيا، أولى الدول التي اتهمت موسكو بـ «تسميمه».

منذ تلك اللحظة، تفاقمت الأزمة، وأبدت روسيا موقفاً حاسماً قاطعاً ضد التدخل الخارجي في شأن تعتبره داخلياً صرفاً، باعتباره أمراً قضائياً، إذ إن لديها لائحة اتهام لنافالني، بمخالفات مالية وقانونية.

الأزمة تفاقمت أمس، حين ردت دول أوروبية على طرد موسكو عدد من دبلوماسييها، بعملية طرد بالجملة لدبلوماسيين روس.

وكانت موسكو أعلنت، الجمعة، أن دبلوماسيين من ألمانيا وبولندا والسويد، غير مرغوب فيهم على أراضيها، لاتهامهم بالمشاركة في «تجمعات غير قانونية»، دعماً لنافالني. واليوم، الاثنين، أعلنت ألمانيا طرد موظف في السفارة الروسية، باعتباره «شخصاً غير مرغوب فيه». وقالت السويد إنها ستطرد دبلوماسياً روسياً، رداً على طرد موسكو دبلوماسيين أوروبيين.

فيما أعلنت بولندا طرد دبلوماسي روسي، رداً على طرد موسكو دبلوماسيين أوروبيين.

وعلقت روسيا على قرار الدول الأوروبية، بالقول إن «قرار ألمانيا والسويد وبولندا طرد دبلوماسيين روس، لا أساس له».

اتهامات

واتهمت روسيا الدبلوماسيين بالمشاركة في مظاهرة داعمة لنافالني، في إعلان يتزامن مع زيارة وزير خارجية الاتحاد الأوروبي لموسكو.

وتتهم وزارة الخارجية الروسية، هؤلاء الدبلوماسيون، بالمشاركة في تجمعات غير قانونية في 23 يناير، في موسكو وسانت بطرسبورغ.

واعتقل نافالني في 17 يناير الماضي، بعد عودته من ألمانيا، حيث كان يتعافى من حالة تسمم مفترضة بغاز أعصاب، أثار موجة من الحرب الكلامية بين روسيا والغرب، الذي حمّل موسكو المسؤولية، وهو ما نفته الأخيرة.

وأمر القضاء باحتجازه، بتهمة انتهاكه شروط إدانته عام 2014، بعقوبة بالسجن مع وقف التنفيذ. ومثل نافالني أمام المحكمة بموسكو، بتهمة انتهاك شروط الرقابة القضائية.

وقال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، اليوم الاثنين، إن الغرب يحاول جعل نافالني الموضوع الأول تقريباً في الحوار مع روسيا. وتعليقاً على فيلم نافالني، حول ما يسمى بـ «قصر بوتين»، قال لافروف إنه من المستحيل صنعه دون تعاون مع السلطات الألمانية، على الأرجح مع مخابرات البلاد.

ووفقاً لوزير الخارجية الروسي، سألت موسكو برلين، عن كيفية وصول نافالني إلى الأرشيفات المتعلقة بالرئيس فلاديمير بوتين، وأكدت ألمانيا أنه تم السماح بذلك.

الهجوم والمواجهة

الصحف الفرنسية خصصت عناوينها للعلاقات الأوروبية مع روسيا، على خلفية نافالني.

وكتبت صحيفة لوفيغارو عن روسيا، أنها اختارت شن هجوم قوي على الساحة السياسية الداخلية، وعلى مستوى السياسة الخارجية، وقررت مواجهة الغرب الساخط على قرار سجن نافالني، في الوقت الذي تستعد موسكو لانتخابات تشريعية مقررة في سبتمبر.

وتطرقت لوفيغارو إلى زيارة وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إلى موسكو، أمس الأحد، لنقل إدانة القادة الأوروبيين لقرار روسيا سجن نافالني.

وتضيف الصحيفة الفرنسية أن لافروف حوّل اللقاء عن مساره، وتطرق إلى قضية الحظر الذي تفرضه الولايات المتحدة على كوبا، مشيرة إلى أن موسكو ذهبت أبعد من ذلك، من خلال طرد دبلوماسيين أوروبيين، ما جعل برلين تفكر في فرض عقوبات أوروبية على روسيا.

موقف الكرملين، نسف مرة واحدة، آمال الأوربيين الضئيلة في تغيير قرار الرئيس فلاديمير بوتين، إزاء حبس نافالني، حسب صحيفة لوموند، التي أشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي عبّر عن قلقه الكبير، لرفض السلطات الروسية، البدء بحوار «بناء»، ويدعو إلى أخذ العبر.

قضية مخترعة

ونقلت لوفيغارو عن بوريس ميجوف، المختص في العلاقات الروسية الأمريكية، قوله إنه تم اختراع قضية نافالني، لمنع إحياء العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، حتى لو كان التمديد لمعاهدة نيو ستارت لخمس سنوات، بمثابة بداية لإعادة دفع العلاقات الثنائية بين البلدين.

في هذا الإطار، ترفض روسيا الرضوخ لكل أنواع الضغط، وتواصل دحضها لرواية تسميمها لنافالني، كما تواصل صمودها أمام موجة الاحتجاجات في الشارع، التي ستتوقف، حسب الكرملين، لعدم وجود جبهة سياسية بديلة في روسيا.

في هذه اللحظة، يصعب التكهن بمآل هذه الأزمة، لكن بالنظر إلى المواقف المتصلبة لدى الجانبين، يمكن توقع مزيد من التفاقم.

Email