الشِّدّة أم اللين؟ كيف ستكون سياسة بايدن مع الصين؟

بينغ وبايدن

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان لافتاً، بل غريباً، أن يستهل مسؤول أمريكي من الحزب الديمقراطي بالثناء على الرئيس السابق دونالد ترامب، وإن في مسألة بعينها. لكن وزير الخارجية الأمريكي الجديد أنتوني بلينكن فعلها، حين قال إن ترامب «كان محقاً» في سياسته المتشدّدة إزاء الصين، الأمر الذي أثار جدلاً بشأن العلاقات الأمريكية الصينية في عهد بايدن. فمن الخبراء من توقّع قد تتحسن هذه العلاقات «إلى حد ما»، ومنهم من رأى أن واشنطن لا تنوي إضعاف الضغط الاستراتيجي على بكين، ولا تغير المسار العام لاحتوائها. بل منهم من قال إن العلاقات مع الصين بالنسبة لبايدن لن تكون في قلب تركيزه.

باحثون من بعض مراكز أبحاث السياسة الخارجية الأكثر نفوذاً في واشنطن، بما في ذلك مجلس العلاقات الخارجية والمجلس الأطلسي، حضّوا إدارة الرئيس الجديد جو بايدن على تعديل، وليس إلغاء، نهج ترامب «الصارم» تجاه بكين، وفق ما نقل موقع «صدى البلد» المصري.

منافس جيوسياسي

وقال إدوارد ألدن، الزميل البارز في مراكز ابحاث السياسة الخارجية لصحيفة «ذا هيل»: «لا يوجد التفاف على حقيقة أن الصين هي المنافس الجيوسياسي الأساسي للولايات المتحدة في العالم في الوقت الحالي».

واقترح الباحث أن على بايدن «الحفاظ على موقف أكثر تنافسية» ضد الصين في المجالات «الحيوية» للتفوق الاقتصادي للولايات المتحدة، بما في ذلك الفضاء والذكاء الاصطناعي والجيل التالي من التكنولوجيا الحيوية وأشباه الموصلات.

ورددت ماري كاسبرك، الزميلة البارزة في المجلس الأطلسي، تقييم ألدن بشأن الحاجة إلى دعم الحلفاء، مشيرة إلى أن واشنطن «لا يمكنها الاستمرار في القيام بذلك بمفردها إذا كانوا يريدون حقاً أن يكون لهم تأثير طويل المدى هنا».

واقترح هالي كريغ، زميل مشارك من معهد آر ستريت، وهو مركز أبحاث محافظ مقره أيضاً في واشنطن، أن المشكلة مع ترامب هي أن سياسته التجارية كانت «شديدة العدوانية تجاه كل من الحلفاء والشركاء التجاريين على حد سواء»، مشيراً إلى أن بايدن يحتاج إلى العمل من أجل إصلاح هذه العلاقات.

بينغ وبايدن

أحد الأسئلة التي تلوح في الأفق بشأن العلاقات بين بكين وواشنطن، هو ما إذا كان الرئيس الصيني شي جين بينغ سيتوافق بشكل أفضل مع بايدن. محللون يرون أن بايدن لن يكون في عجلة من أمره للتراجع عن العديد من قرارات إدارة ترامب بشأن الصين، لكن من المرجح أن يركز على حقوق الإنسان والقضايا الاستراتيجية بدلاً من محاولة التشديد على الشركات الصينية.

وقال تشى تشون تشو، رئيس قسم العلاقات الدولية بجامعة باكنيل، «هناك إجماع من الحزبين في أمريكا على أن تكون (سياسات واشنطن) صارمة تجاه الصين».

وأوضح سكوت كينيدي من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أن إدارة ترامب أعلنت عن مجموعة واسعة من القيود والعقوبات ضد الصين في أشهرها الأخيرة، ما يجعل من المستحيل سياسياً أو من الصعب تقنيّاً على الإدارة الجديدة تغييرها.

مسار الاحتواء

ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الروسية عن تشيان فنغ، وهو باحث بارز في مركز أبحاث «تايهي كوان فينغ الصيني قوله إن»العلاقة بين الولايات المتحدة والصين تعد نقطة مهمة في سياسة بايدن الخارجية، إلا أن اهتمامه الرئيس يتمثل في الشؤون الداخلية وليس الدبلوماسية«.

واعتبر أن»مدى الاستعداد لدى بايدن لحل المشاكل القائمة بين الولايات المتحدة والصين لا يزال يمثل سؤالاً كبيراً«، لافتاً إلى أن بايدن، الذي يتمتع بخبرة سياسية كبيرة في مختلف المناصب، ضليع في القضايا المتعلقة بالصين، ومضيفاً أن»العلاقات بين الولايات المتحدة والصين من المحتمل تماماً أن تلين إلى حد ما مع بايدن، والتعاون الثنائي في بعض المجالات بين الجانبين قد يستأنف تدريجياً«.

لكنه في الوقت ذاته عن اعتقاده بأن»النبرة«الأمريكية إزاء الصين لن تخضع لتغييرات جوهرية. وأشار في هذا الصدد إلى أن بايدن وصف الصين في وقت سابق بأنها»منافس«وليست»عدواً«، لكن فريق بايدن لن يسمح للصين، حتى لو كانت»منافسة«بأن تسبق الولايات المتحدة، مشدداً على أن»الضغط الاستراتيجي على الصين لن يضعف، ولن يتغير المسار العام لاحتواء جمهورية الصين الشعبية).

Email