ترأست بالشراكة مع فرنسا وإيطاليا وقبرص اجتماعاً لمجلس الأمن

الإمارات: التدمير المتعمد للتراث الثقافي خلال النزاعات المسلحة جريمة حرب

محمد أبوشهاب خلال إلقاء بيان وفد الإمارات في مجلس الأمن | من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

اعتبرت دولة الإمارات في اجتماع مجلس الأمن بصيغة «آريا»، أول من أمس الثلاثاء، أن التدمير المتعمد للتراث الثقافي في حالات النزاع المسلح «في ظروف معينة» جريمة حرب، مؤكدة ضرورة الحفاظ عليه، لصون السلم والأمن الدوليين.

وفي بيان وفد الدولة خلال الاجتماع، نشرته البعثة الدائمة للإمارات في الأمم المتحدة على موقعها الإلكتروني، شدد السفير محمد أبوشهاب، نائب المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، في مستهل كلمته، على أن «التراث الثقافي هو مرآة للهوية، وتجسيد لتاريخ الشعوب، يربطنا بالماضي، ويؤسس لمستقبل يسوده السلم».

تداعيات خطرة

وأضاف أبوشهاب أن «تدمير أو تشويه أو نهب التراث الثقافي أثناء حالات النزاع المسلح له تداعيات خطرة على صنع وبناء واستدامة السلام، الأمر الذي دفع مجلس الأمن لتبني قراره التاريخي 2347، الذي يقر بأن التدمير غير المشروع للتراث الثقافي، ومحاولة إنكار الجذور التاريخية، ومنع التنوع الثقافي في هذا السياق، يمكن أن يؤدي إلى تأجيج النزاعات ومفاقمتها، وعرقلة المصالحة الوطنية».

كما أضاء البيان على إشارة القرار إلى أن «التدمير المتعمد للمباني الدينية، والمعالم التاريخية، في حالات النزاع، قد يشكل في ظروف معينة جريمة حرب».

وأكد أبوشهاب اهتمام الدولة برعاية برامج للحفاظ على التراث الثقافي ضمن استراتيجية متكاملة، تهدف بالدرجة الأولى إلى نشر قيم التسامح والتنوع، وبناء مستقبل أفضل للشعوب، إذ استضافت الإمارات مع فرنسا عام 2016 «المؤتمر الدولي للحفاظ على التراث الثقافي المهدد»، الذي نتج عنه «إعلان أبوظبي».

حيث التزمت 40 دولة ومنظمة دولية بدعم إنشاء ملاذات آمنة للتراث الثقافي المهدد. وزاد: «بعدها بعام، أطلقت الإمارات بالتعاون مع فرنسا صندوق التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع «ألِف»، الذي دعم حتى الآن مبادرات بقيمة 50 مليون دولار في أكثر من 30 دولة».

واستطرد: «بعد أن دمر تنظيم «داعش» الإرهابي العديد من المواقع الأثرية في العراق، للقضاء على مظاهر التعايش السلمي فكرياً على أرض الواقع، جاء مشروع «إحياء روح الموصل»، لإعادة إعمار المدينة العريقة وتوحيدها، فالتراث والثقافة والمباني التي تمتد لآلاف السنين في الموصل تجسد أن التعايش السلمي ليس فقط ممكناً، بل هو متجذر في تاريخنا الإنساني».

أساليب معتمدة

وبيّن أبوشهاب أن اجتماع مجلس الأمن جاء لاستعراض التقدم المحرز في تنفيذ القرار 2347، بعد مرور 6 سنوات على اعتماده، إذ إن ثمة تطورات عدة في طبيعة النزاعات المسلحة والمتصاعدة حول العالم، تستدعي مواصلة تقييم الأساليب المعتمدة في حماية التراث الثقافي.

وشدد على أن التراث يكتسي أهمية جوهرية في كل مراحل النزاع، بدءاً من دوره في بناء مجتمعات سلمية، مروراً بالحاجة لحمايته خلال النزاعات ومنع استغلاله من الجماعات الإرهابية بوصفه أداة للتمويل أو نشر التعصب والكراهية، وصولاً إلى ترميمه؛ لتعزيز المصالحة بين الشعوب.

واعتبر أبوشهاب أن استعادة التراث الثقافي، وإعادة إعماره، لبناء السلام واستدامته، تستحق اهتماماً خاصاً، وقال: «رغم إقرار مجلس الأمن بعواقب تدمير التراث الثقافي على أمن واستقرار وتنمية الدول المتأثرة بالنزاعات، فإننا بحاجة لتعميق الفهم حول سُبل تسخير هذا التراث، لمساعدة هذه الدول على التعافي».

ودعا إلى إشراك المجتمعات المحلية في حماية التراث الثقافي، وإذكاء وعيها بأهميته ودوره في إثراء الدول ثقافياً، وعلمياً، واقتصادياً.

وأضاف: «يجب التركيز على البرامج التي تجعل من الحوار والتبادل الفكري بين مختلف الثقافات أداة لفهم الآخر وتقبله واحترامه»، مفيداً بأن إعادة إعمار المواقع التراثية سوف يكون لها بالغ الأثر في تحفيز المجتمعات على إعادة البناء والعمل، ووضع القيم الإنسانية أولاً. وأكمل: «إعادة ترميم الكنائس والمساجد التي دمرها تنظيم «داعش» مهمة لتجسيد التعايش السلمي بين الأديان على أرض الواقع».

إنسانية مشتركة

وأعرب أبوشهاب عن تطلع دولة الإمارات إلى مواصلة تبادل الأفكار حول سُبل حماية التراث الثقافي، ومنع تدميره أو استغلاله من قبل الجماعات الإرهابية والمسلحة، وقال: «فضلاً عن دوره في صون السلم والأمن، يعد أيضاً نقطة لالتقاء البشرية تنتشر من خلالها قيم التسامح والتعايش؛ لتشكل إطاراً لإنسانيتنا المشتركة».

Email