خليفة.. بصمة عالمية في صنع السلام

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمثل المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، بصمة فارقة ومشرقة في تاريخ الوطن والعالم بمواقفه التي تتلألأ في صفحات الزمن، فقد كانت له بصمات لن تُمحى في لمّ الشمل وتطويق الخلافات، ونبذ الفرقة والانقسام، ونشر السلام والتسامح في العالم، حيث تزخر مسيرة المغفور له بالكثير من الإنجازات والمواقف الخالدة التي شكلت علامات فارقة في تاريخ الأمتين العربية والإسلامية، وسيكتب التاريخ كيف تحولت الإمارات إلى قبلة للقرارات العربية المهمة والمواقف الدولية الحاسمة بفضل مبادراته التاريخية التي عكست الصورة الناصعة والمشرفة للإمارات عربياً ودولياً باعتبارها لاعباً رئيسياً تشد له الرحال لنزاهته وحسن نواياه.

لقد كان المغفور له من الذين عملوا بمثابرةٍ وإخلاصٍ من أجل تعزيز العمل العربي المشترك ونصرة القضايا العربية إقليمياً ودولياً. ما أكسبه محبة وتقديراً ومكانة كبيرة في القلوب من خلال شخصيته الأصيلة وروحه النقية، وحرصه على تعزيز العلاقات الصادقة مع الدول والشعوب، فقد ساهم، بما كان يتحلى به من حكمة وتبصر، في ترسيخ أواصر الأخوة الإماراتية العربية والدولية، وقاد سفينة بلاده في التنمية والتميز ما جعل الإمارات أكثر قوة دبلوماسية في السياسة الخارجية، حيث كانت دائماً وسيطاً لرأب الصدع بين الدول المتنازعة عربياً وعالمياً. ففي كل قضية تهم الإنسان ترك الراحل بصمة إيجابية في التاريخ بفضل مبادراته التاريخية، حيث كانت الإمارات حاضرة بقوة في حل الأزمات العالمية المختلفة، وإخماد الصراعات المشتعلة، عبر المساهمة في إيجاد الحلول السلمية وطرح الأفكار والرؤى الجديدة.

الإمارات لم تترك منبراً للترويج لمبادئها في حل النزاعات الدولية، وذلك من شدة حرصها وشعورها الإنساني تجاه الدول التي تتعرض لكوارث من صنع الإنسان، منطلقة في ذلك من إيمانها العميق بوسائل الإقناع لا الإكراه، لذلك فقد لعبت دوراً محورياً في نزع فتيل الأزمات، وإرساء الأمن والاستقرار، بفضل الثقل الذي تتمتع به في التوازنات الإقليمية والدولية. وقد ترك المغفور له الشيخ خليفة إرثاً في نشر السلام والوئام والمحبة في العالم بعدما أرسى الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، نهج الإمارات للعبور إلى المستقبل.

نجدة الأشقاء

وغني عن القول، إن الإمارات تعتبر رمزاً للشهامة والأصالة ونجدة الأشقاء، حيث رسخت صورة ذهنية مميزة، من خلال صناعة السلام والعمل الجاد لأجل عالم تسوده قيم المحبة والإخاء، وقد نجح الشيخ خليفة، رحمه الله، اعتماداً على إرث زايد، طيب الله ثراه، في بناء قاعدة راسخة لسياسة الدولة الخارجية مبنية على الحكمة والاعتدال والتوازن ومناصرة الحق والعدالة والعمل على تعزيز التعاون والتضامن الدولي وإعلاء لغة الحوار والتفاهم سبيلاً لحل الخلافات وإنهاء التوترات بتأكيد، في أكثر من مناسبة، أن القوة ليست في الحروب وإزهاق الأرواح، وإنما في تحقيق السلم والأمان والازدهار للبشرية.

ممارسة

ولم يكن إيمان المغفور له الشيخ خليفة بالسلام كقيمة وكسبيل وكغاية نظرياً، لكنه كان إيماناً وممارسة عملية عبر عن نفسه في العديد من المواقف، وتظل المواقف خير شاهد على قيام الإمارات بقيادته بمسؤولياتها وواجباتها تجاه أشقائها العرب في مواجهة مخططات الفتن، حيث أدركت أن إحداث طفرة دبلوماسية من أجل السلام أمر بالغ الأهمية، ليس فقط من أجل التوصل إلى حلول سياسية دائمة لهذه النزاعات وغيرها، وإنما أيضاً لمنع نشوب الحروب في المقام الأول، لذلك فلم تتردَّد مطلقاً في مساندة أشقائها بكل ما تستطيع من جهد وما تملك من إمكانيات لمواجهة مصادر التهديد التي تواجههم على المستويات كافة وبحث حلول سلمية لمشاكلهم.

وقف الضم

أسهمت الإمارات بشكل مباشر في حماية حقوق الفلسطينيين الاقتصادية، من خلال وقف الضم الإسرائيلي لمناطق واسعة في الضفة الغربية، من خلال اتفاقية السلام، حيث أكد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد أن «الاتفاق الإبراهيمي» رافد من روافد السلام يدعم طموحات شعوب المنطقة لتحقيق الرخاء والتقدم. إذ إن الإمارات تؤمن بأن التزامها بمباشرة علاقات ثنائية اعتيادية مع إسرائيل، سيمكنها، من خلال التواصل المباشر، من لعب دور مؤثر في ما يتعلق بأمن واستقرار المنطقة، بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، ودعمت الإمارات القضية الفلسطينية في جميع مراحلها، وعلى جميع المستويات إيماناً منها بأن جهودها من أجل فلسطين تمثل واجباً تفرضه عقيدتها وضميرها وانتماؤها لأمتيها العربية والإسلامية.

دعم اليمن

لم تتوان الإمارات مطلقاً عن مساعدة ونصرة القضايا والحقوق العربية، ولم تتردد في المشاركة والوقوف مع أية جهود تستهدف الحفاظ وصون الأمن القومي الخليجي والعربي، حيث شاركت في تحالف دعم الشرعية في اليمن وحرصت على دعم كل جهود الوساطة الأممية ومبادرات السلام، انطلاقاً من قناعتها الراسخة بأنها السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة، حيث ساهمت بشكل كبير في تحقيق الوفاق اليمني بإعلان مجلس القيادة الرئاسي الذي جاء ليمثل كل الكيانات التي تعبر عن أبناء الشعب اليمني بمختلف أطيافهم، وهو تعبير عن الهدف والمصير المشترك والغاية التي يتطلع إليها الشعب لتحقيق السلام والاستقرار والسيادة والرخاء والازدهار. ومن شأن هذه الخطوة الوصول إلى حل سياسي شامل بين الأطراف اليمنية، لتحقيق الاستقرار والتنمية.

اتفاق جوبا

كما لعبت الإمارات بقيادة المغفور له الشيخ خليفة دوراً كبيراً في سبيل إنجاز اتفاق السلام بين الحكومة السودانية وتحالف الجبهة الثورية المسلح في عاصمة جنوب السودان جوبا. ونجحت في إنهاء 20 عاماً من النزاع، حيث دعمت المفاوضات، ووحدت قوى الكفاح المسلح وعملت على تذليل كثير من الصعاب باستضافة القادة السودانيين والحركات المسلحة ما قاد إلى تحقيق السلام بما يحقق آمال الشعب السوداني في التنمية.كما كانت الإمارات من أوائل الدول التي ساهمت في تحقيق الامن والاستقرار للسودان حيث قدمت دعماً مالياً وسياسياً للسلطة الانتقالية التي تشكلت عقب الإطاحة بنظام عمر البشير، ولم تتردد في التخفيف من الخلافات بما يساهم في استقرار السودان.

دبلوماسية السلام

من جهة أخرى، نجحت جهود الإمارات لتحقيق السلام في منطقة القرن الأفريقي بتوقيع اتفاق السلام التاريخي بين إثيوبيا وإريتريا في 25 يوليو 2018، تبعتها لحظة تاريخية بإعلان البلدين انتهاء «حالة الحرب» بينهما، ليضعا حداً لعداء استمر نحو 20 عاماً.

توج الاتفاق عدداً من الخطوات الإيجابية بمبادرة إماراتية لإنهاء الصراع بين إثيوبيا وإريتريا من خلال قمة ضمت الزعيمين في العاصمة أبوظبي، لتشكل هذه الجهود، بقيادة المغفور له الشيخ خليفة بن زايد انتصاراً لدبلوماسية السلام، التي تقودها الإمارات.

الحل السياسي

نجحت الإمارات بدعم إقليمي ودولي، في تقريب وجهات نظر الفرقاء الليبيين، سعياً للوصول إلى حل دائم للأزمة السياسية التي تشهدها ليبيا منذ سنوات، وإنهاء فترة المرحلة الانتقالية. وساهمت جهودها في وقف إطلاق النار، ووقف العمليات العسكرية في كل الأراضي الليبية، حيث أكدت في أكثر من مناسبة أن الحل السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الصراع تحت إشراف الأمم المتحدة. وقد احتضنت في العديد من المرات اجتماعات بين الفرقاء بينهم قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي السابق لحكومة الوفاق فايز السراج، لتنقية الأجواء وتحقيق تطلعات الليبيين نحو الاستقرار والتنمية وإنهاء الفترة الإنتقالية.

أما الملف السوري، فلا شك أن زيارة الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى الإمارات جاءت في إطار التوجه العام لإيجاد حلول دبلوماسية للأزمات، والنداء بأهمية وجود دور عربي فعال لبحث سبل حلّ الأزمة السورية بدل الاكتفاء بإدارتها على اعتبار أن استقرار سوريا يُعد ركيزة أساسية من ركائز الأمن العربي.

ومع دخول الحرب في سوريا عامها الـ12 وتسببها بلجوء أكثر من 6.5 ملايين لاجئ سوري حول العالم، تؤمن الإمارات بأن هناك حاجة ملحة لإيجاد حلول ملموسة وفعالة تنهي الأزمة.

ريادة عالمية

إلى ذلك، احتلت لإمارات المرتبة العاشرة عالمياً والأولى إقليمياً في قوة التأثير وفق مؤشر القوة الناعمة العالمي للعام 2022، الذي تعده مؤسسة «براند فاينانس» البريطانية عبر استطلاع آراء أكثر من 100 ألف شخص من 101 دولة.

وتقدمت الإمارات إلى المرتبة 15 عالمياً في الترتيب العام للمؤشر بعد أن كانت في المركز 17 في العام 2021، لتحتفظ بريادتها الإقليمية وتبقى في صدارة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث إن حرضها على تغليب لغة الحوار لحل القضايا، ونبذ الحروب خلق مواقف إيجابية داعمة للعلاقات بين شعب الإمارات والعالم.

Email