تكمن قوة الشعب الفلسطيني في تماسكه، وتضافر جهود قيادته السياسية، بينما يكمن انكساره وضعفه وغياب فاعليته وتأثيره في تشرذمه وانقسامه، وتعدد برامجه، ولا ينعكس هذا على تعدد أقطابه، شريطة الاجتماع على كلمة سواء، والعمل كالجسد الواحد. ويعاني الشعب الفلسطيني، ويلات انقسام أسود، منذ يونيو من سنة 2007، ما ألحق الضرر بالقضية الفلسطينية، وخصوصاً أمام المجتمع الدولي، الذي يصر على أن حل القضية الفلسطينية، يستوجب أولاً إنهاء الانقسام، وتوحيد الصف الفلسطيني.

أربعة أيام فقط، استغرقها الانقسام الفلسطيني، وكان من المفترض ألّا يحتاج لأكثر من أربعة أيام أخرى لإنهائه، ولكن لم يفلح الفلسطينيون في طي صفحة هذا الانقسام، حتى بعد مرور ما يزيد على 16 عاماً عليه، بل إن السواد الأعظم من المراقبين، يتوقعون أن يستمر سنوات أخرى، ما لم يعد الفلسطينيون إلى جادة الوحدة، وخصوصاً أنه في أروقة القطبين (فتح وحماس) لا بوادر تلوح في الأفق على هذا الصعيد، وإن انخرط الطرفان في مبادرات ولقاءات للمصالحة، تعقد بين الحين والآخر.

الانقسام

في الحركتين، يقول مسؤولون كبار، إنهم مصممون على إنهاء الانقسام، ومستعدون لتقديم «تنازلات مؤلمة» وفق توصيفهم، وهذا ما يطلبه المجتمع الدولي منهما، قبل ولوج أي عملية تفاوضية مع الجانب الإسرائيلي، ولكن مع أي تقدم في ملف المصالحة الفلسطينية، تظهر بعض الممارسات، وأحياناً «خلافات» عند الطرفين، من شأنها هدم الجسور التي يتم تجاوزها في سبيل الاتفاق، واستعادة الوحدة، لتعود الأمور إلى المربع الأول، والبدء بالبحث عن مخارج تبدو معقدة، ولكنها غير مستحيلة، كما يقول مراقبون ومحللون. فبرأي المحلل السياسي هاني المصري، فإن الفرصة لإنهاء الانقسام، والوصول إلى شراكة سياسية، حاضرة على الدوام، غير أن هذا يعتمد بدرجة كبيرة على نوايا الأطراف ذات العلاقة، مشدداً: «إذا كانت نية طرف واحد على الأقل، الدخول في المصالحة للمناورة، فإنه يستطيع الانسحاب منها متى شاء، وتحت أي ذريعة، وحينها لن تثبت المحاولة، بل ستنهار كما سابقاتها»، مبيناً أن المصالحة تحتاج إلى أكثر من طرفين لإنجاحها.

الوحدة

وفي الآونة الأخيرة، سعى الفلسطينيون إلى تعزيز وحدتهم، وتوحيد برامجهم السياسية، قبل التوجه إلى المنظمات الدولية، لإيمانهم بأن أي حل سياسي قادم، يقتضي وحدتهم السياسية والجغرافية (الضفة الغربية وقطاع غزة) ولكن محاولاتهم اصطدمت بجدار الفشل، بعد تعذر تنفيذ ما تم الاتفاق في شأنه في هذا الإطار. وفي كل مرة تقترب فيها المصالحة الفلسطينية، تظهر خلافات في القضايا المفصلية التي قادت إلى الانقسام، ما يعزز القناعة في الشارع الفلسطيني، بأن كل المحاولات والمتغيرات، لم تصل بقطبي الانقسام إلى الدرجة الكفيلة بإنهائه.

وحسب مراقبين، فإن وحدة الفلسطينيين من شأنها دعم وتعزيز موقف القيادة الفلسطينية أمام الاستحقاق الدولي حيال قضيتهم الوطنية، وتحقيق مطالبهم بإنهاء الصراع مع إسرائيل، وفق الرؤية الدولية المنادية بحل الدولتين، كما تشكل وحدة الضفة وغزة، ضماناً لاستمرار التحركات السياسية الفاعلة في العواصم العربية والأوروبية، لتبني برامج سياسية وازنة، تمهد الطريق أمام المسار التفاوضي، ولكن من وجهة نظر هؤلاء، فإن بقاء البيت الفلسطيني الداخلي يكابد الفرقة والتمزق، سوف يبقي العصي في دواليب الحلول السياسية.