وسط التناقضات الداخلية الشديدة التعقيد، غادر الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لبنان، عائداً إلى بلاده أمس، وتاركاً وراءه خلاصتين يمكن استنتاجهما من زيارته الثالثة لبيروت، بدءاً من سقوط الحوار بين الأطراف اللبنانيين، والذي كان دعا إليه، إذ اقترح في عدد من اللقاءات التي عقدها استبدال كلمة «حوار» بكلمة «نقاش»، بعدما لاحظ أن قوى المعارضة لا تثق بأيّ حوار مع الطرف الآخر، ووصولاً إلى تراجع حظوظ المرشحين المعلنين إلى الرئاسة، رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية والوزير السابق جهاد أزعور، إذ طرح ضرورة الذهاب إلى مرشح ثالث، تمهيداً لعقد جلسة مفتوحة لمجلس النواب، هدفها انتخاب رئيس للجمهورية، يشكّل نقطة التقاء بين اللبنانيين، ويوحي بالثقة للمجتمعين العربي والدولي.

لقاءات

وفي ختام جولة من اللقاءات والاتصالات، أنهى الموفد الرئاسي الفرنسي «الفصل 3» من مهمّته الاستثنائية، أمس، فيما بدت جولته الثالثة «ثابتة»، ولكن من حيث إخفاق المبادرة الفرنسية، التي انطلقت قبل ثمانية أشهر، في اختراق الأزمة الرئاسية اللبنانية المستعصية على الوساطات والحوارات والمبادرات المختلفة حتى اللحظة.. فماذا بعد إخفاق المبادرة الفرنسية؟ وبالتالي، كيف ستعالج أزمة الاستحقاق الرئاسي التي تقترب من نهاية عامها الأول، في 31 أكتوبر المقبل؟

وفي معرض الإجابة عن هذين السؤالين، أشارت مصادر برلمانية إلى نتيجة «يتيمة»، يمكن استخلاصها من نهايات الجولة الثالثة للودريان في بيروت، ولو أن هذه النتيجة تكتسب دلالة بارزة لجهة تبدّل مسار المبادرة الفرنسية، ومفادها تطوّر التلميح إلى التصريح بضرورة الاتجاه إلى «الخيار الثالث» رئاسياً، أو «المرشح الثالث». ولفتت المصادر ذاتها لـ«البيان» إلى أن هذه الخلاصة لم تنهِ أزمة الانقسام العمودي حول الحوار، الذي بدا لودريان مستوعباً أكثر موقف المعارضة الرافض له. ولذا، وبحسب المصادر ذاتها، كانت استعارة لودريان لتعبير النقاش بدلاً من «الحوار» أشبه باللجوء إلى تدوير الزاوية، علّ وعسى تنفع في استيلاد مسلك تسووي بين رفض مطلق للحوار ومسعى لتزامن جلسات تشاور محدودة في الزمن، مع تحديد موعد للجلسات المفتوحة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

محطة

ومع تصاعد بروز «الخيار الثالث»، ستتجه الأنظار إلى محطة أساسية في كشف المسار المقبل، بعد جولة لودريان في بيروت، أي إلى الاجتماع المقبل لممثلي «المجموعة الخماسية» في نيويورك، الثلاثاء المقبل، على هامش افتتاح الدورة العادية للأمم المتحدة، إذ من المرتقب أن يزوّد لودريان إدارة بلاده بتقرير عاجل عن حصيلة جولته الثالثة على ممثلي القوى اللبنانية، علماً بأن البعض ذهب إلى تفسير مضمون جولة لودريان في بيروت بأنه طيّ لصفحة مرشح ثنائي «حركة أمل»- «حزب الله» وحلفائه، أي فرنجية، وتعبيد الطريق أمام خيار قائد الجيش العماد جوزف عون.