هدنة السودان تمنح الخرطوم هدوءاً لم تعرفه منذ بدء الحرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

منحت هدنة الساعات الأربع والعشرين بين طرفي القتال في السودان التي دخلت حيز التنفيذ صباح السبت، سكان الخرطوم متنفّسا نادرا منذ بدء المعارك قبل نحو شهرين، اذ أكدوا أنها وفّرت هدوءا لم يعهدوه خلال اتفاقات سابقة خرقها الجانبان.

ومنذ بدء النزاع في 15 أبريل بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أبرم الجانبان أكثر من اتفاق لوقف النار سرعان ما كان يتمّ خرقها.

ودخلت الهدنة حيز التنفيذ عند السادسة صباحا (04,00 ت غ). وطوال اليوم، أفاد سكان في العاصمة وكالة فرانس برس أن الهدوء في مختلف أنحائها حلّ مكان أصداء القصف أو الاشتباكات أو الطيران الحربي.

وقال حامد إبراهيم المقيم في شرق الخرطوم "للمرة الأولى منذ بدء الحرب تمرّ كل هذه الساعات ولا نسمع أصوات السلاح. اليوم مختلف تماما".

وعكس عثمان حامد المقيم في ضاحية أم درمان بشمال العاصمة، مشهدا مماثلا.

وأوضح "في السابق كان يعلن عن الهدنة فتستمر الاشتباكات والقصف وتحليق الطيران... اليوم عشنا هدوءا تاما".

وعلى رغم أن توقعات السكان حيال الهدنة كانت متواضعة، لكن توقف المعارك في يوم جمعة، أتاح لسكان العاصمة شراء حاجياتهم الضرورية من دون الوقوع في شرك الاقتتال.

وقال محمد رضوان الذي يقطن بجنوب الخرطوم أثناء تبضّعه في أحد أسواقها إن "الهدنة فرصة بالنسبة الينا للحصول على مواد غذائية بعدما عشنا الفترة الماضية على مواد محددة".

وأكد أنه انتظر "حتى مرت أربع ساعات" على بدء الهدنة ليتأكد من ثباتها، قبل أن يخرج لشراء الحاجات الرئيسية مثل الخضر والفاكهة ومواد تموينية.

وتعاني الخرطوم التي كان يقطنها أكثر من خمسة ملايين نسمة قبل بدء المعارك، كغيرها من مدن أخرى، من نقص في المواد الغذائية وانقطاع الكهرباء وتراجع الخدمات الأساسية. وتركها مئات الآلاف من سكانها منذ بدء القتال.

وسعى آخرون السبت للقيام بذلك أيضا.

وكما سابقاتها من الاتفاقات، تركز الهدنة على تأمين وصول المساعدات الانسانية الى سكان السودان المقدّر عددهم بنحو 45 مليون نسمة، ويحتاج أكثر من نصفهم إلى مساعدات في بلد كان أصلا من الأكثر فقرا في العالم.

وعلى رغم تأكيد الطرفين نيتهما احترام الهدنة، شدد الجيش على احتفاظه "بحق التعامل مع أي خروقات" من قوات الدعم، بينما أملت الأخيرة بألا يعرقل الجيش "جهود المساعدات الإنسانية لرفع معاناة المواطنين".

ولم ينعكس هدوء المعارك حلّا سحريا للمعاناة في العاصمة.

وأودى النزاع بأكثر من 1800 شخص، حسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أن الأعداد الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.

ووفق المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، تسبّب النزاع بنزوح حوالي مليوني شخص، بينهم أكثر من 476 ألفا عبروا الى دول مجاورة.

وجاء الإعلان عن الهدنة الجديدة في بيان مشترك سعودي-أمريكي، أعرب فيه الطرفان اللذان يقودان منذ أسابيع وساطة بين المتحاربين، عن خيبة أملهما من فشل كل محاولات التهدئة.

وقالت الخارجية السعودية إن الرياض وواشنطن "تتشاركان مع الشعب السوداني حالة الإحباط من عدم الالتزام بالهدن السابقة"، آملة أن تتيح الهدنة الجديدة وصول المساعدات وخفض العنف وتعزيز "بناء الثقة بين الطرفين مما يسمح باستئناف مباحثات جدة".

وعلّقت واشنطن والرياض المباحثات الأسبوع الماضي، وحضّتا الطرفين على إبرام اتفاق جديد للهدنة. وحذّرتا من أنه في حال خرقا هدنة السبت "فسيضطر المسيّران الى تأجيل محادثات جدة".

 

Email