تقارير « البيان»:

ليبيا.. الاضطرابات تزيد من هوة الانقسامات

ت + ت - الحجم الطبيعي

دخلت ليبيا فصلاً جديداً من الصراع عنوانه الأبرز «مزيد من الانقسامات»، بل حتى سيناريو عودة الحرب في وقت كان يتطلع الليبيون إلى تحقيق انفراجة في المشهد في ضوء تحركات الأطراف الفاعلة في الأزمة لإجراء الانتخابات.

وتشهد طرابلس ومصراتة اضطرابات غير مسبوقة في ليبيا هي الأكبر منذ ما يقارب سنة.

حيث أعلنت الحكومة في طرابلس مسؤوليتها عن «ضربات جوية دقيقة وموجهة ضد أوكار عصابات تهريب الوقود، وتجارة المخدرات، والاتجار بالبشر، في منطقة الساحل الغربي»، وقد أدى ذلك إلى مقتل شخصين وأصيب آخرون.

فيما وصف مجلس النواب الليبي الذي مقره بشرق البلاد، القصف الذي استهدف الزاوية بأنه «تصفية لحسابات سياسية وليس لمكافحة التهريب كما يدعي» في طرابلس.

كما سُمعت أصوات إطلاق نار في العاصمة الليبية، بعد ساعات على اندلاع مواجهات بين قوات «جهاز الردع»، و«اللواء 444»، المواليين لحكومة عبد الحميد الدبيبة ومقرها طرابلس، بعدما تم توقيف أحد عناصر «اللواء 444».

وأصيب عدد من سكان طرابلس بجروح أثناء المواجهات التي وقعت ليلة الأحد، وامتدت إلى مدن ليبية عدة، ولم تقتصر على العاصمة طرابلس، بل أيضاً إلى مصراتة والبيضاء وطبرق.

واندلعت في مدينة طبرق اشتباكات عنيفة بين أهالي المنطقة وقوات حرس الحدود بمنفذ «امساعد» البري قرب الحدود المصرية، وأسفرت عن حرق عدد من الآليات العسكرية، بينما انتشرت تعزيزات أمنية للسيطرة على الوضع.

وتأتي هذه التطورات في سياق احتجاج أهالي المنطقة على القصف الجوي الذي طال عدة مواقع بمدينة الزاوية، مسفراً عن سقوط قتلى وخسائر فادحة في البنية التحتية.

اضطرابات

هذه الاضطرابات الأمنية تؤشر، حسب عدد من المحللين، إلى وجود مشكلات ومطبات وألغام ومواجهة مفتوحة بين مختلف الفرقاء، وهو ما قد يدفع البلاد إلى أزمة جديدة.

قد تكون أشد قسوة من سابقاتها، ولعل القارئ للمشهد الليبي اليوم لا يستطيع تشكيل وبناء رؤية الحل من خلال معطيات الواقع المتأزم شديد التعقيد، حيث تقف ليبيا أمام خيارين لا ثالث لهما:

عودة إلى الوراء من التخلف والفوضى، أو التقدم إلى دولة القانون والدستور، حيث تأتي هذه التطورات فيما تتواصل جهود الفرقاء برعاية عربية وأممية لتهيئة الظروف الملائمة لإجراء انتخابات يعتقد الليبيون والمجتمع الدولي أنها ستمثل خلاصاً من حالة الفوضى والانقسام، بينما يبدو هذا المسار طويلاً وشديد التعقيد.

حيث إن الأزمة الليبية لا تزال في حالة عدم وضوح في ظل استمرار الانقسام السياسي والمؤسساتي، واستبعدت مصادر إنجاز أية قاعدة دستورية أو التوافق على شروط انتخاب رئيس الجمهورية خلال العام الجاري في ظل غموض يكتنف مستقبل العملية السياسية في البلاد ومصير الانتخابات.

بدائل

وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي، أكد أن هناك بدائل للمضي نحو وضع قاعدة دستورية للانتخابات المقبلة، إذا لم تنجز عن طريق توافق مجلسي النواب والدولة. البديل العملي الأقرب للتطبيق هو ملتقى يجمع ممثلين عن الطيف السياسي والاجتماعي والعسكري يتم بموجبه عقد انتخابات تشريعية ورئاسية، لكن السلطة التشريعية بغرفتيها البرلمان والدولة أعلنا أن ذلك يعتبر تدخلاً سافراً في الشأن الليبي.

ويؤكد محللون أن الدساتير تكتب في حالة السلم وليس في حالة الفوضى، حيث تعيش ليبيا حالة من الفوضى السياسية العارمة في ظل انقسام واضح بين الفرقاء الليبيين نتيجة تراكمات أكثر من عشر سنوات كاملة بين مد وجزر وتقارب وتباعد حد الاقتتال.

ودون الرجوع إلى أصل استقرار ليبيا، وهو ردم هوة الانقسامات لا يمكن أن تحل الأزمات ولا يمكن إجراء أي استحقاق بدون دستور مستفتى عليه من الشعب الليبي، أو قاعدة دستورية متفق عليها من كل القوى السياسية خاصة، وهما مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة.

 

Email