تقارير «البيان »:

لبنان.. مواجهة قضائية مصرفية على أرض فرنسية

القضاء اللبناني أمام مفترق طرق في القبض على سلامة من عدمه | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

استلمت وزارة الداخلية اللبنانية، أول من أمس، النشرة الحمراء، الصادرة عن «إنتربول»، التي تطلب توقيف حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، بناءً على مذكرة التوقيف الفرنسية، الصادرة بحقه عن القاضي أودي بوريسي، التي كانت عممتها دولياً الثلاثاء الماضي، وخفضت له خلالها المقام والرتبة من «حاكم مركزي» إلى «رئيس مجموعة أشرار».

إحالة وتحقيق

وأحال وزير الداخلية، بسام المولوي، المذكرة إلى النائب العام التمييزي، غسان عويدات، الذي من المفترض أن يطلب نسخة عن ملف الحاكم في فرنسا، قبل استدعائه للتحقيق بقصر العدل في بيروت، لمساءلته حول الاتهامات الموجهة له.

وعلى هذا الأساس، يمكن لعويدات حجز جواز سفر الحاكم، وإحالة الملف إلى النيابة العامة المالية أو الاستئنافية؛ للادعاء عليه، علماً بأن الأخير كان قد استبق هذا التطور من الصمت والدفاع إلى الكلام والهجوم، قائلاً: «أنصح القضاء أن يبدأ التحقيق مع السياسيين، لا معي».

وقائع.. وسيناريوهان

أتى تسلم لبنان مذكرة الاعتقال الدولية غداة إطلاق إشارات البحث في كواليس الرئاستين الثانية والثالثة، ومقار سياسية أخرى في الاتجاهات المحتملة.

والحال أن المعطيات المتجمعة عن ملف الملاحقة الفرنسية لسلامة، وتالياً التداعيات التي رتبها إصدار مذكرة التوقيف، كشفت عن البحث الحكومي والسياسي في الاتجاه إلى «إقالة» الحاكم، وتعيين حاكم أصيل مكانه بدأ يتوغل بجدية، وسط ارتباك كبير للسلطتين التشريعية والتنفيذية.

وفيما ثمّة معطيات تحدثت عن تداول أولي لخيار «الإقالة»، إذا استمر سلامة في رفض الاستقالة قبل نهاية ولايته أواخر يوليو المقبل، ارتفع منسوب الكلام حول أن الفترة القصيرة المقبلة تبدو مرشحة لأن تشهد تصاعداً كبيراً في التفاعل السياسي والمصرفي والاقتصادي مع ملف الحاكمية، على نحو لم يسبق أن شهد لبنان سابقة له..

فهل يغدو ملف الحاكم وخلافته، ولو بعد حين، الحدث المتوهج الطارئ الفارض نفسه وتداعياته على الواقع الداخلي؟

وفي الانتظار، لم تأتِ مذكرة التوقيف الدوليّة بحق «الحاكم» من العدم، بل اقتضاها فعل تغيبه عن المثول أمام القضاء الفرنسي، علماً بأن سلامة أعلن أنه سوف يطعن بالقرار، كونه «مخالفة واضحة للقوانين الفرنسية».. فماذا سيكون عليه موقف القضاء اللبناني؟

خيارات القضاء

وفي معرض الإجابة عن هذا السؤال، أشارت مصادر حقوقية لـ«البيان» إلى أنه بإمكان القضاء اللبناني ادعاء أن هناك تحقيقاً محلياً جارياً، يشمل سلامة وآخرين، كما بإمكان المدعي العام التمييزي طلب توقيف سلامة، ليس لتسليمه لفرنسا بالضرورة، بل لمحاكمته محلياً، حتى لو كان يحمل الجنسية الفرنسية؛ لأن جنسية المنشأ تعلو على أي جنسية أخرى.

في المحصلة، بات النظام السياسي، والأمني، والقضائي في لبنان، أمام مفترق طرق، فإما إظهار الجدية في القبض على سلامة ومحاكمته محلياً، وإما استمرار مسلسل «المماطلة»، الذي بدأ منذ 2020 برعاية قضائية وأمنية.

والسيناريو الثاني هو المرجح، وفق مصادر متابعة، صرحت لـ«البيان» أن في ذلك حرجاً كبيراً أمام المجتمع الدولي، الذي أبدى استعداده لمساعدة لبنان وإنقاذه من أزمته الكارثية، ضمن سلة شروط، تمثلت في بنود الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، التي تتضمّن في جانب منها مسألتَي المساءلة والمحاسبة، وتشمل أولاً سلامة وأصحاب المصارف.

 

Email