اللبنانيون بين «نار الدولار» والحلول الغائبة

تظاهرات ضد ارتفاع الأسعار في لبنان | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

وسط ازدحام المشهد السياسي على نيّة الرئاسة، دون أن ترجح الكفّة بعد لأي من السيناريوهات المطروحة، أقفل الأسبوع الفائت في لبنان على تسجيل تطوّرين حياتيّين كبيرين، إذ ارتفع الدولار الجمركي إلى 86 ألف ليرة لبنانية، ما سيؤدّي حكماً إلى ارتفاع إضافي في أسعار السلع المرتفعة أساساً. أما التطوّر الثاني، فتمثل ببدء التسعير بالدولار في محطات الوقود، وذلك في قرار أراح أصحاب المحطات وأصحاب الشركات المستوردة، لكنه ترافق مع طرح سؤال محوري مشروع، ومفاده: هل بات لبنان على أبواب «الدولرة» الشاملة الكاملة؟

وفيما الأرقام والعدّادات والبورصات والمؤشرات والمنصّات أصيبت بـ«نزيف حاد»، وبينها سعر منصّة صيرفة الذي يشهد ارتفاعات متتالية، أتى قرار «دولرة» المحروقات غداة «دولرة» السلع الأساسية الموجودة في المتاجر الكبرى والسوبرماركات، ما جعل العملة الخضراء هي المعتمدة في عمليات الشراء.

فـ«كيف يمكن للموظف الذي لا يزال يتقاضى أجره بالليرة اللبنانية أن يصمد في وجه العواصف المالية- الاجتماعية؟»، يسأل مصدر اقتصادي مسؤول، مشيراً في الوقت عينه لـ«البيان» إلى استحالة انتظار الجواب، فـ«رئيس الجمهورية أساساً غائب، والحكومة تدّعي عند الضرورة أنها حكومة تصريف أعمال لا أكثر ولا أقل، فيما مجلس النواب نائم لا يتحرك»، وفق قوله، مرفقاً بسؤالين: هل من فشل سياسياً وعجز عن انتخاب رئيس للجمهورية يمكنه أن ينجح في حلّ المشاكل المالية والاقتصادية والاجتماعية؟ وهل من عجز عن تحقيق مصلحة الوطن العليا يمكنه أن ينجح في تحقيق مصلحة المواطنين اليومية؟

وفي معرض الإجابة عن هذين السؤالين، شدّدت أوساط معنية على أن ما يشهده لبنان، الآن، هو انعدام القدرة على لجم حالة «التضخّم المفرط» نتيجة ارتفاع الكتلة النقدية بالليرة وانعدام قيمتها السوقية. وبالتالي، بات السؤال المركزي يتمحور حول توقيت طباعة ورقة المليون ليرة، لاستيعاب حجم التداول النقدي بالعملة الوطنية.

ومن بوّابة هذه المشهدية، حيث كل الأرقام القياسية تتهاوى أمام الدولار، فإن ثمّة إجماعاً على انزلاق لبنان مرتقب إلى أسوأ وأخطر مراحل الانهيار في ظل تعطيل الحياة فيه، فيما سلطته الحاكمة مستمرة في سياستها الآيلة إلى سوْق اللبنانيين إلى عملية «انتحار اجتماعي» في محرقة «السوق السوداء»، الفالتة إلى المدى الأبعد، من دون صرخة اعتراض أو مساءلة. فكيف سيكون المشهد الأخير، إذا مضى «حريق الدولار» يحرق الأخضر واليابس؟.

Email