تفاوت سعر صرف الليرة يفاقم معاناة اللبنانيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما تذهب كارولين قصباريان صدقه للتسوق في العاصمة بيروت تحتفظ بهاتفها المحمول في متناول يدها، ليس للتحقق من قائمة مشترياتها، لكن لحساب التكلفة المتصاعدة للسلع التي يتم تسعيرها الآن بأسعار صرف متقلبة، تختلف حسب المتجر والقطاع.

فمع استمرار انهيار الاقتصاد اللبناني، ظهرت مجموعة أسعار صرف مختلفة لليرة اللبنانية لتزيد تعقيد الحسابات الشخصية وتضعف الأمل في إمكانية إنجاز متطلبات الإصلاح التي حددها صندوق النقد الدولي.

وجرى تعديل سعر الصرف الرسمي إلى 15 ألف ليرة مقابل الدولار فبراير الماضي، في خفض بلغ 90 % لقيمة العملة اللبنانية مقارنة بالسعر الرسمي السابق الذي استمر لفترة طويلة عند 1507.5 ليرات للدولار. لكن مصرف لبنان (البنك المركزي) يبيع الدولار بسعر 79 ألف ليرة، بينما يعتزم وزير المالية احتساب التعريفة الجمركية للسلع المستوردة على أساس سعر 45 ألف ليرة للدولار. وفي الوقت نفسه يتراوح سعر الصرف في السوق الموازية حول 107 آلاف ليرة للدولار ويتغير يومياً. ويُطلب من المتاجر الكبرى ومحطات الوقود نشر لافتات بسعر الصرف المعتمد في كل يوم، لكن سعر الصرف يتغير بسرعة كبيرة لدرجة أن الكثير من هذه الأماكن تسعر المنتجات بالدولار المستقر نسبياً.

تسعيرة قديمة

وبينما تفحص عبوة من التونة في أحد المتاجر توضح كارولين المأزق اليومي الذي يواجهه المتسوقون، وتقول «صراحة، من الغريب أن يتم تسعير كل شيء بالدولار ويجب أن أحسبه 83 ضعفاً (في إشارة إلى سعر صرف بالغ 83 ألف ليرة للدولار) لمعرفة السعر بالليرة اللبنانية. إنه أمر غريب فقط. إنها المرة الأولى التي تحصل». وتضيف «من المربك أن هذا... دعنا نقول، ليس له سعر. إذا نظرت إلى الأسفل فهو بالليرة ، فهل هذا السعر 95 ألفاً أم لا.. هذا سعر قديم، والآن هناك سعر بالدولار».

واستقالت كارولين من وظيفة معلمة في مدرسة كانت تدفع لها راتبها بالعملة المحلية التي انخفضت قيمتها بأكثر من 98 % مقابل الدولار في السوق الموازية منذ عام 2019. وحدث ذلك عندما بدأ الاقتصاد في الانهيار بعد عقود من السياسات المالية غير المنضبطة والفساد المزعوم. ولحل الارتباك الذي يسببه سعر الصرف يتعين على الحكومة تطبيق سعر موحد. وهذا هو أحد الشروط المسبقة التي وضعها صندوق النقد الدولي منذ ما يقرب من عام لكي يحصل لبنان على حزمة إنقاذ بقيمة ثلاثة مليارات دولار.

إصلاحات بطيئة

لكن الصندوق، وهو الملاذ الأخير للبلاد، يقول إن الإصلاحات بطيئة جداً. وواجهت الإصلاحات مقاومة من السياسيين الذين يسعون إلى حماية المصالح الخاصة والإفلات من المساءلة. وفي الوقت نفسه، كانت البلاد تتجه نحو اقتصاد قائم على النقود السائلة والدولار في ظل التضخم المتزايد والقيود التي تفرضها البنوك على المعاملات.

وقال صاحب متجر يدعى محمود الشعار إن سعر الصرف يتغير بسرعة كبيرة لدرجة أن متجره يخسر أموالاً بين عشية وضحاها. ومثل العديد من أصحاب المتاجر يحتاج الشعار للدفع بالدولار عند استيراد السلع لكنه يبيع بالليرة. وفي أحد الأيام كان قد باع جميع بضاعته على أساس سعر صرف واحد لكنه استيقظ في اليوم التالي ليجد أن سعر الدولار قفز ما يقرب من عشرة آلاف ليرة.

ولفت الخبير الاقتصادي سمير نصر إلى أن أسعار الصرف المتفاوتة في مختلف القطاعات تجعل المحاسبة الشخصية «فوضوية» بالنسبة للبنانيين، مضيفاً أن توحيد سعر الصرف صار أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.

Email