لبنان.. أزمة تعيش وشباب ينتحر

من احتجاجات واكبت تنامي ظاهرة الانتحار بلبنان| من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

يستذكر اللبنانيون لافتات رُفعت في يوميات الانتفاضة اللبنانية في ديسمبر 2019 حين حصلت حالات انتحار عدة.

وعلى وقْع ازدياد الخشية من أن يتحوّل ضحايا الأزمات الاقتصادية والمالية إلى مجرد أرقام، تحصيهم وسائل الإعلام، وتقدّم الأجهزة الأمنية إفادات بالتحقيقات عنهم، تقول السيدة الخمسينية منى لـ«البيان» إن ظاهرة الانتحار عادت إلى واجهة المشهد اللبناني مجدداً، مشيرة إلى أن الانتحار ليس حلاً، لكن «الدولة هيّأت لمواطنيها أسبابه وطرق تنفيذه، وأعطتهم الحبل والرصاص والمنصّات والمواد القاتلة لتطبيق هذا الخيار»، وفق قول الرجل الستيني «أبوعلاء» لـ«البيان».

وضع مأزوم

وفيما ارتفعت معدلات حالات الانتحار أسبوعياً، على امتداد مساحة لبنان، لتعكس وضعاً مأزوماً اجتماعياً ومعيشياً لمواطنين كانوا يتمتعون بالأهلية والصحة النفسية السليمة، لكنهم اختاروا وضع حدّ للمأساة، اختار الشاب الجامعي طارق أن يقارب واقع الحال لـ«البيان» بعبارة واحدة: «الشعب ينتحر، والسلطة تزيد من عمرها وتبدو في ريعان شبابها السياسي، وغير مستعدّة لإطلاق رصاصة الرحمة على نفسها».

فيما رأت زميلته ديانا أنه «من الإجحاف حصر موضوع حالات الانتحار في الموضوع النفسي البحت، وفصله عن نهج الإفقار والعنف الممنهج من قبل السلطة التي أسهمت في تهميش الناس نفسياً»، لتخلص إلى القول لـ«البيان»: «بعد عدّادات كورونا والكوليرا والزلازل، سنبدأ بعدّاد الانتحار».

صور متلاحقة

وفي انتظار الأجوبة المرتبطة بهذه القضية الإنسانية، لا يزال المشهد يضجّ بصور متلاحقة لأربع حالات انتحار شهدها لبنان في الأسبوع الأول من الشهر الجاري، ما يعكس حجم معاناة اللبنانيين وتدهور أحوالهم النفسية نتيجة الضغوط والوضع الاقتصادي الصعب، إذ «بات الانتحار عدوى تشجع عليها ظروف، أقل ما يُقال فيها إنها غير إنسانية»، وفق رأي أحدهم، علماً أن انتحار الشباب الأربعة أخيراً ليس الأول من نوعه، إذ سبقهم، بسبب الوضع المعيشي السيئ، جورج زريق مثلاً، الذي أحرق نفسه في عام 2019 في منطقة الكورة (شمال لبنان)، لأنه لم يتمكن من تسديد قسط مدرسة ابنته، مثل علي الهق، الذي كتب على لافتة حملها كلمات من أغنية زياد الرحباني:

«أنا مش كافر، بس الجوع كافر» قبل إطلاق النار على نفسه عام 2020، وغيرهما كثيرون ممكن تركوا قصصاً بقي بعضها مكتوماً داخل جدران المنازل وحرقات القلوب، عن أناس بدا عبء الحياة ثقيلاً عليهم، وذلك قبل أن ترسو الصورة على قصة موسى الشامي، الذي وضع أمس حدّاً لحياته بطلقة «كلاشينكوف» أمام منزله في بلدة جرجوع الجنوبية، تاركاً وراءه عائلة بلا معيل، وأماً تبكيه بلوعة، وقد خصّت من حولها بالقول: «انزلوا على الشوارع. احرقوا المؤسّسات. احرقوها كرمال ابني»، وبالطبع هذه العبارة لم ترِد ضمن فصول مسرحية على خشبة مسرح!

Email