لبنان يدخل مرحلة تفلّت سعر صرف الدولار

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحت وطأة أزمات غير مسبوقة في تاريخه، ودّع لبنان رسمياً زمن الـ 1507، سعر الصرف الرسمي للدولار في المصارف، بدخوله مرحلة الـ 15 ألف ليرة، أي بنسبة انخفاض %90، للمرة الأولى منذ 30 عاماً.

فيما لا يزال دولار السوق السوداء يواصل مساره التصاعدي الجنوني، متخطياً الـ 64 ألفاً، مع توجّه لـ «دولرة» الأسعار الاستهلاكية، وعلى وقع تحركات احتجاجية مرتقبة، في ظل وجود منظومة حاكمة ومتحكّمة «لا تُحاسِب ولا تحاسَب، لا تُسائل ولا تُسأل»، إذ لا خطة محددة في الأفق، وكل ما يجري يقتصر على خطوات عشوائية متفرقة، لامتصاص النقمة حيناً، واستيعاب فلتان الدولار أحياناً، ولو بشكل نسبي. فهل بدأ تسارع الخطى نحو الانهيار النهائي الكبير؟

وغداة مرور أكثر من 3 سنوات على «ثورة 17 أكتوبر» (2019)، التي تفجرت تحت وطأة انهيار مالي واقتصادي واجتماعي، شهدت الساعات الأخيرة، ارتفاع منسوب التساؤل عما إذا كان مشهد ذاك اليوم سيتكرر مجدداً، وعما إذا كان ردّ اللبنانيين على تخطّي الدولار عتبة الـ 64 ألفاً، للمرة الأولى في تاريخ لبنان، دافعاً بقوة ارتفاعه أسعار ‏المحروقات، وسواها من مواد استهلاكية، سيكون مماثلاً لردّهم على فرض الـ 6 سنتات على تطبيق «الواتسآب» حينها؟

وقائع.. وشرارات

وفيما أفرغ الدولار ضربات إضافية بجسد الاقتصاد، ومدّ خيوطه فوق كل التوقعات، بتسلّق مخيف على مسمع ومرأى حكام المال والاقتصاد، فإن ثمة إجماعاً على ألا تغير في الصورة، منذ 2019 حتى تاريخه، لا بل جلّ ما حصل، هو إلقاء البلد في حلبة يصارع فيها نفسه، بحثاً عن مخارج مفقودة:

سلطة تعيش مأزقها السياسي الكبير، ومحتجون في المقابل لا يزالون يردّدون من حين إلى آخر شعاراتهم ذاتها، ضدّ الفساد والفاسدين والمفسدين. أما البلد، فلا يزال «واقفاً» بين متراسين: متراس سلطة متمسكة بنفسها وامتيازاتها، ومتراس حراك شعبي قد يمضي قدماً في التصعيد في وجهها لإسقاطها، وإن بوتيرة غير واضحة المعالم بعد.

وبالتالي، يبدو أن الغموض سيبقى عنوان هذه المرحلة، في ظل سيناريوهات تبدو لكثيرين أقرب إلى «مغامرات»، قد لا تكون محسوبة في الكثير من جوانبها. وما بين مضامين كل التوصيفات، بعض من فصول مأساة بلد بات متروكاً لقدره، و«معلّقاً» على حِبال الانتظار، فيما مسار الانحدار متسارع نحو قعر الدرك الأسفل، مرفقاً بكثير من الأسئلة، ومفادها: هل سقط لبنان نهائياً، وهل بات أبناؤه يعيشون لحظة الارتطام الكارثي، وهم يصارعون كل مقوّمات البقاء على قيد الحياة؟!

وفي محصلة هذه الدوامة من المعاناة المستمرة، والخشية المتزايدة من انفجارات إضافية في أي وقت، تلوّح بما هو أكثر من كارثي، حيث ثمة كلاماً متجدداً عن أن لبنان دخل مرحلة تفلت سعر صرف الدولار.

Email