تقارير البيان

لبنان ما بين حدّين قاتلين: الفراغ الرئاسي و«الزلزال القضائي»

ت + ت - الحجم الطبيعي

وسط مجمل التقلبات والتحولات الطاغية على الأجواء السياسية في لبنان، دخل الفراغ في رئاسة الجمهورية شهره الرابع، مصحوباً بمناخ عام محكوم بإرادة تعطيل، أعدمت فرص التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ورحلته إلى خارج دائرة الاحتمالات الممكنة، مع ما يعنيه الأمر، وفق تأكيد مصادر سياسية متعددة لـ«البيان»، من كون هذا الوضع بات يتطلب معجزة ما لكسر انسداده.

وفيما أطراف الانقسام الداخلي ثبتت تموضعاتها نهائياً على ضفاف الملف الرئاسي، دون قدرة أي منها على إمالة الدفة الانتخابية لمصلحتها وتمرير رئيس للجمهورية مطابق لمواصفاتها، فإن ثمة إجماعاً على أن التعطيل سيبقى سيد الموقف إلى أجل غير مسمى.

موت سريري

وربطاً بذلك، أكدت مصادر مسؤولة لـ«البيان» أن رئاسة الجمهورية دخلت فعلياً في مرحلة الموت السريري، بعدما فشلت كل المحاولات الداخلية لإنعاشها. وعليه، بات «ميزان القوى» البرلماني، وفق تعبيرها، يتسم بتوازن حاد وسلبي، يمنع في ظله أي فريق من الطغيان على آخر، الأمر الذي يرسم إطاراً صراعياً شديد الهشاشة في مسار الأزمة الرئاسية، ويحول دون أي أوهام بقدرة أي فريق على تمرير مرشحه، ما لم يجرِ توافق متجدد على معايير مختلفة لإنهاء الأزمة الرئاسية.

وفي محصلة المشهد السياسي، فهناك إجماع على أن لبنان بات على مشارف انهيار إفلاسي وأخطار اضطرابات اجتماعية وأمنية، تزداد غيومها تلبداً.

فيما يبدو واضحاً أن ثمة يأساً مطبقاً من وضع حد لهذه المعادلة الانهيارية، التي لا أحد يمكنه التكهن بحجم المزالق التي يغرق فيها لبنان تباعاً وسط الفراغ الرئاسي، في حين توقعت مصادر نيابية أن تحتدم المعركة الرئاسية مع تسارع التطورات، خصوصاً أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري ليس في صدد الدعوة إلى جلسة انتخابات رئاسية.

المسار القضائي

وفي موازاة المشهد السياسي الملتبس، يبدو المشهد القضائي أكثر تعقيداً، وسط علامات استفهام حول المسار الذي سيسلكه الاشتباك القضائي القائم، ربطاً بالهزة العنيفة التي ضربت القضاء وأسقطته بالضربة القاضية على حلبة مرفأ بيروت.

كما وسط حديث عن ارتدادات لهذه الهزة، لا تقل عنها عنفاً، لا سيما لجهة ما يخص سير المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار بادعاءاته واستدعاءاته القديمة - الجديدة. وعليه، لا يختلف اثنان على أن ملف التحقيق في انفجار المرفأ هو أول ضحايا الاشتباك القضائي، وذلك في ضوء الوقائع التي تدحرجت الأسبوع الماضي من المرفأ إلى العدلية، ومعها بدا القضاء منقسماً على ذاته، مصاباً في صميمه، منتكساً بهيبته.

وكامناً لبعضه البعض. إلا أن العقدة الأساس، كما تقول مصادر مطلعة على خلفيات ومستجدات الصدام القضائي لـ«البيان»، تتمثل بمطبات وصعوبات لا يستهان بها، تعترض مسار أي محاولة للخروج من هذا المأزق، وتتجلى بشكل خاص في ما سمته «الإرباك» الحاصل في مجلس القضاء الأعلى، الذي يبدو أنه حتى الآن مقيداً بالاعتبارات والتباينات والحسابات، التي تحول دون قدرته حتى على الاجتماع واتخاذ القرارات والإجراءات والخطوات التي تتوفر من خلالها قوة الرفع اللازمة للقضاء لأجل إخراجه من هذا المأزق. وعليه، لا يزال المشهد القضائي مستقراً على المنصة التالية: القاضي البيطار مستمر في تحقيقاته، والقاضي عويدات يواصل مطالبة مجلس القضاء الأعلى باتخاذ قرار.

 

Email